دفعت أزمة الكهرباء المتفاقمة في محافظة "طولكرم" والوعود "الكاذبة" على مدار السنوات الماضية من قيادة السلطة الفلسطينية دون أي حل للمشكلة، قيادات وكوادر في حركة "فتح" إلى تجميد عضوياتهم والاستقالة بشكل جماعي.
وأعلن نائب رئيس بلدية مدينة طولكرم عن استقالته، إلى جانب مؤيد شعبان، وعبد الناصر أبو الشاكر، وعمر شحرور، ومالك الجلاد.
وأكد المستقيلون أن انحرافات في الأداء أدت لظهور مشاكل منها أزمة الكهرباء المتفاقمة.
حلول ترقيعية
نائب رئيس البلدية سهيل السلمان، عزا استقالته الى أزمة الكهرباء بالمدينة والعجز عن حلها "بسبب وعود الحكومة الكاذبة".
وقال السلمان في تصريحات صحفية إن الاستقالة جاءت احتجاجاً على استمرار أزمة التيار الكهربائي وفشل كل الوعود في إنهاء الأزمة المتواصلة للعام الثاني عشر على التوالي، موضحاً أن المجلس البلدي طرق أبواب مجلس الوزراء وسلطة الطاقة ومختلف المؤسسات دون أي نتيجة.
وأشار نائب رئيس البلدية المستقيل من منصبه إلى أن بلدية طولكرم تحتاج 11 ميغا واط من أجل معالجة الأزمة خلال هذا الصيف، لافتاً إلى أن هذه الكمية تحتاج إلى مضاعفة خلال السنوات المقبلة من أجل إنهاء الأزمة بشكل جذري.
وأشار إلى انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة قبل يومين مع وجود خلل في التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي الذي عطل عملية إصلاح الخط رقم "2" المغذي لنصف محافظة طولكرم والقرى التابعة لها ما تسبب في موجة غضب.
وشدد نائب رئيس بلدية طولكرم على أن جميع الوعود التي قدمت طوال السنوات الماضية لم يتم تنفيذ أي منها وكان يتم الاكتفاء بحلول ترقيعية فقط.
فيما كتب عضو إقليم فتح في طولكرم مالك جلاد قائلا: "مع كل الاحترام أعلن تجميد عضويتي من إقليم حركة فتح بطولكرم، وذلك لعدة أسباب وأهمها أننا حركة تحرير وطني ولسنا حركة اضطهاد أو تخاذل للبرنامج الوطني.
وتابع: حركة فتح هي حركة تحرر وجدت من أجل كل فلسطين ولم أنتمِ إليها إلا من أجل كل فلسطين".
من جهته، ثمن عضو المجلس الثوري لحركة فتح مؤيد شعبان موقف واستقالة سهيل السلمان من المجلس البلدي قائلاً "أهلاً بك في صفوف المطالبين باستقالة المجلس البلدي ونتمنى على الآخرين الاستقالة فوراً".
وطالب شعبان في منشور له على "فيس بوك" المؤسسات وتحديدًا الغرفة التجارية بالإعلان عن إضراب شامل احتجاجًا على الوضع المتدهور نتيجة انقطاع الكهرباء.
كما دعا لاجتماع عاجل يضم كل قيادات البلد ومؤسساته لوضع خطة تصعيد تدريجية حتى حل مشكله الكهرباء، قائلاً: "الطبيعة لا تقبل الفراغ وعلى كل مسؤول وصاحب ضمير حي التحرك بقوة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وختم بالقول "أجدد اعتذاري لأهل البلد جميعًا لأنني ساهمت بأي شكل في إنجاح هذا المجلس الذي لم يرتقِ بالبلد بأي شي".
زوبعة فنجان
فيما يرى النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة أن هذه الاستقالات غير جدية وهي نوع من الهروب للأمام "والانتقال لمرحلة يمكن تجديد الوجوه فيها"، مبينا أنهم يعملون بشكل فردي على اعتبار أنه سيكون هناك انتخابات ويسعون لإعادة انتخابهم.
ويوضح خريشة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن تجميد العضويات داخل إقليم فتح هي أشبه بـ"زوبعة فنجان" كون هذا الأمر شأناً تنظيمياً داخلياً والإقليم وحتى اللجنة المركزية لن تستطيعا فعل شيء وإنما الرئيس والمتنفذون الذين بيدهم المال هم من يتحكمون بالقرار.
ويبين أن مشكلة الكهرباء قديمة تتجدد كل عام وأسبابها كتيرة ومختلفة أولها أن آخر اتفاقية للكهرباء وقعت مع الإسرائيليين كانت في سبعينات القرن الماضي، فيما ازداد عدد السكان والأبنية وأصبحت المدينة بحاجة إلى مضاعفة كمية التيار مع السنوات.
ويؤكد النائب عن مدينة طولكرم، أن من يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى هو المفاوض الفلسطيني بالأساس وقيادة السلطة وسلطة الطاقة والمجالس البلدية المتعاقبة، وهناك ضغوطات تمارس من أجل الانضمام إلى كهرباء الشمال، وهناك موقف واضح من أهل المدينة برفض الانضمام.
ويرجع هذا الرفض إلى عدم الثقة في شركات الوطن على اعتبار أنها احتكارية وتخدم فئة معينة من أصحاب النفوذ.
ويشدد خريشة على أن الذي يساهم في بقاء أزمة الكهرباء هي طريقة انتخاب الهيئات المحلية والقانون الذي يعطي الحق لانتخاب كتل ونظام انتخابي سيء، فيما من المفترض انتخاب أـفراد معروفين وليس انتخاب كتل تنظيمية تبحث عن مصالحها.
ويشير إلى أن وجود قضية فساد في هذا لأن هناك العديد من المحولات الكهربائية التي يتم استجلابها وتكلف ملايين الشواكل تنفجر وتعطل وهناك عمولات والأسلاك الضعيفة وكلها عوامل تساهم في تعميق المشكلة.
ويلفت إلى أن أساس المشكلة هو عدم جدية وصدقية السلطة الفلسطينية في التعامل مع الموضوع على أمل ممارسة الضغوط من أجل الانضمام لكهرباء الشمال وهو أمر مرفوض.
وينوه النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي إلى أنه في مدينة طولكرم 3 رؤساء وزراء متعاقبين كانوا من المدينة وقدموا وعوداً كثيرة لحل هذه الإشكالية لكنهم لم يفوا بها، وبقيت كلها حبراً على ورق.
ويتساءل "من غير المعقول أن من يخرب البلد هو نفسه يصلحها" في النهاية ومن أجل حل المشكلة لا بد من تغيير النظام الانتخابي والعقلية التي تحكم، داعياً للضغط على المسؤولين لحل هذه الإشكالية الكبيرة بالنسبة للناس كونها منطقة حدودية وهناك العديد من المصانع ولحماية اقتصادها.