لا تتوانى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، عن ملاحقة وتسليم المقاومين ومنفذي العمليات الفدائية للاحتلال الإسرائيلي والكشف عنهم، عبر ما يسمى بالتنسيق الأمني الذي تتمسك به السلطة منذ تشكيلها عام 1994.
ومنذ ما يزيد عن ربع قرن تحافظ الأجهزة الأمنية على دورها الوظيفي المتمثل في حماية أمن الاحتلال من خلال إحباط آلاف عمليات وأعمال المقاومة وتقديم المعلومات عن الخلايا العسكرية وتسليم المطاردين في الضفة، ضاربة عرض الحائط بكل القيم والأخلاق الوطنية.
وكانت قناة "كان" العبرية، قد كشفت قبل أيام عن جزء من التحقيق مع الأسير الفلسطيني منتصر شلبي، حول عملية إطلاق النار التي نفذها عند حاجز زعترة جنوب مدينة نابلس، حيث أشارت إلى أن جهاز الأمن الوقائي هو الذي اكتشف مكان اختباء شلبي وأبلغ الاحتلال عنه ليتم اعتقاله لاحقاً.
وكان منتصر شلبي قد نفذ عملية إطلاق نار مطلع مايو/ أيار الماضي عند حاجز زعترة جنوب مدينة نابلس، وأدت لمقتل مستوطن إسرائيلي وإصابة اثنين بجراح مختلفة، بينما أصيب شلبي برصاص أحد الجنود واعتقل بعد مطاردته لعدة أيام.
ويمكن القول إن تقديم أجهزة السلطة معلومات للاحتلال حول مكان الأسير شلبي والمساعدة في اعتقاله، يأتي امتداداً لسلسلة من التاريخ الحافل بعمليات تسليم المقاومين، أبرزها خلية صوريف ومعتقلي سجن بيتونيا وخلية الشهيدين نشأت الكرمي ومأمون النتشة والبرقيات الأمنية والخرائط التي حددت مكان اختباء الشهيد أحمد جرار وغيرها الكثير.
واجب وظيفي
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن أجهزة السلطة بنيت على التعاون الأمني مع الاحتلال ضمن اتفاقيات جرت بين السلطة والاحتلال الذي لن يعطيها أي إنجاز كونه يعتبرها تقوم بدورها الوظيفي وجزء من واجبها؛ لذلك تقوم بواجب العمالة دون أي تغيير.
ويوضح الصواف في حديثه لـ"الرسالة" أن ما حدث مع الأسير شلبي وتسليمه من خلال التعاون بين المخابرات الصهيونية وجهاز الأمن الوقائي والتبليغ عنه بطرق عديدة، وهذه تعد "أمراً طبيعياً" بالنسبة لهم، ظل تركيبة السلطة ودورها الأمني والمهام المناطة.
ويبين أن السلطة وجدت من أجل هذا الهدف ولا يمكن لها أن تتغير مهما حدث؛ كونها جاءت لخدمة الكيان وملاحقة المقاومة وحراسة الأمن الصهيوني وهي من المهام التي أنشأت من أجلها لذلك لا تغيير في منهج السلطة طالما هناك محمود عباس واتفاق أوسلو.
دور دنيء
ويعتقد الكاتب أسامة أبو ارشيد أن محمود عبّاس نفسه لا يتردّد بالإقرار أن السلطة توفر (لإسرائيل) ترف الاحتلال المجاني، وتحمل عبء السكان عنها، وعلى الرغم من أنه تذمّر غير مرة من عدم تقدير "إسرائيل" لهذا الدور الوظيفي الدنيء، إلا أنه مستمرٌّ في الحفاظ عليه، ويعادي من يحاول تغييره.
ويؤكد ارشيد في مقال له بعنوان "حقيقة السلطة وأجهزتها الأمنية" أن السلطة مجرّد أداة من أدوات الاحتلال الإسرائيلي لإرضاخ الشعب الفلسطيني وإجهاض مطالبه بالحرية والعدالة والكرامة والاستقلال، وسواء أكانت العمالة طوعية أم نتيجة غلبة الظروف، فإن نتيجتها واحدة، ولا يمكن أن تكون هناك سلطة وطنية تتنفس من خلال رئة الاحتلال وبضوء أخضر منه.
ويشير إلى أن مراجعة سريعة للمواد المتعلقة بالترتيبات الأمنية بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، في الاتفاقات العديدة بينهما، منذ "أوسلو" عام 1993، تحدّد بوضوح الدور الوظيفي للأجهزة الأمنية الفلسطينية في خدمة إسرائيل بذريعة "محاربة الإرهاب" و"التحريض".