تبقى نظرة الإدارة الأمريكية لحركة حماس محكومة بالابتزاز الإسرائيلي، فواشنطن تعمل وفق أجندة إسرائيلية بحتة بكل ما له علاقة بالشأن الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
ومن المعروف أن الاحتلال يعمل منذ معركة سيف القدس الأخيرة، على مزيد من الضغط على حركة حماس في غزة؛ وذلك لتبهيت الانتصار الذي حققته المقاومة في المعركة، عبر تشديد الحصار المالي والسياسي والاقتصادي على القطاع، وذلك رغم أن المعركة الأخيرة فتحت باب التكهنات حول فرص فتح خيوط اتصال، بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وحركة "حماس".
ومع أن الحركة مدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية، فإن اتصالات غير مباشرة، جرت في الماضي، ورفضت الحركة الاستجابة لمحاولات مماثلة في عهد دونالد ترامب، خشية تشتيت الموقف الفلسطيني الرافض لخطة الأخير المعروفة باسم صفقة القرن.
وفي أكتوبر/تشرين أول 2020 قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري إن حركته رفضت حواراً مع الإدارة الأمريكية حول "صفقة القرن".
سياسة الإدارة الامريكية تتأرجح بين الضغط ومحاولات الابتزاز والتضييق على الفلسطينيين ضمن الأجندة الأمريكية الإسرائيلية المستمرة، وكان آخر هذه المحاولات مشروع قانون أقره مجلس الشيوخ الأمريكي يضع قيوداً على المساعدات الأمريكية للفلسطينيين.
ووافق المجلس بإجماع 99 صوتاً على المشروع الذي يمنع استعمال أموال دافع الضرائب الأمريكي لتمويل حركة حماس، ويضع تدابير ضد وصول المساعدات التي تعهدت بها إدارة بايدن لجهود إعادة الاعمار في غزة إلى أيدي حركة حماس.
وتمكن النائب الجمهوري ريك سكوت من إدراج المشروع ضمن مسودة الموازنة الضخمة التي أقرها مجلس الشيوخ بهدف إقراره.
وبحسب نص المشروع، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ستكون ملزمة بتقديم ضمانات للكونغرس تثبت أن أموال المساعدات الموزعة لن تفيد حماس أو حركة الجهاد الإسلامي أو أي مجموعة إرهابية، بحسب تصنيف الولايات المتحدة.
كما يمنع أي تمويل أميركي للمنظمات الدولية التي "تشجع على/ أو تروج أفكاراً معادية لإسرائيل".
وجمد ريش مبلغ 75 مليون دولار من أموال المساعدات، تعهد بأنه لن يفرج عنها حتى تقدم إدارة بايدن ضمانات للكونغرس بأن الأموال المذكورة لن يتم تحويلها لحركة حماس أو السلطة الفلسطينية لتسديد مبالغ "للإرهابيين وعائلاتهم"، على حد تعبير السيناتور الجمهوري البارز.
سياسة الولايات المتحدة ليست جديدة ولكن الجديد هو فرض حماس نفسها لاعباً أساس لا يمكن تجاهله، وفي الوقت ذاته لا يمكن العمل معه حتى الآن من وجهة النظر الأميركية.
ويرى مراقبون أن من نتائج سيف القدس انتصار المقاومة، لكنها كانت كذلك انتصاراً واضحاً لفكرة وجود حماس على الأرض، وأنه لا يمكن تجاهلها، والإدارة الأمريكية والأوربيون و(إسرائيل) يدركون ذلك.
ومن هذا المنطلق تتعزز تحركات الإدارة الأمريكية لمزيد من الضغط على الحركة خاصة في الجوانب المالية، بهدف ترويضها ومحاولات احتوائها لاحقاً في حال استجابت للشروط الأمريكية.
من ناحية أخرى لا يمكن تجاهل وجود دور للسلطة في تعزيز الحصار الدولي والأميركي على حركة حماس التي ترى فيها السلطة خصماً سياسياً خطيراً، حيث زار قبل أيام رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، الضفة الغربية، ليلتقي برئيس السلطة محمود عباس وقادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وتتكتم المستويات الرسمية السياسية والأمنية الفلسطينية على زيارة بيرنز وبرنامجها، وترفض التصريح حولها، وهي الزيارة التي تعتبر الأولى التي يجريها بيرنز إلى الضفة الغربية بعد توليه رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن ضمن أهم البنود على جدول الزيارة كان التنسيق الأمني بين الفلسطينيين والولايات المتحدة فيما يتعلق بما يسمى (مكافحة الإرهاب)، حيث تعزز السلطة من ضرورة تشديد الحصار المالي على حماس على اعتبار أن تقوية وجودها هو تهديد مباشر للسلطة والاحتلال معاً.