أثار التراجع في حدة التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينت بعد توليه رئاسة الحكومة، بخصوص الوضع في قطاع غزة، غضب وسخرية (الإسرائيليين) وخلقت وجبة دسمة في الإعلام العبري.
ومنذ اليوم الأول لتوليه الحكومة، عمد بينت لخلق جو يوحي بتغيير معادلة الردع مع قطاع غزة، من خلال منع أموال المنحة القطرية، والرد على أي تهديد يخرج من القطاع، "إلا أن حدة تهديداته بدأت بالانخفاض خلال الأيام الأخيرة".
وعجّت الصحف والمواقع العبرية، بالحديث عن التزام حكومة الاحتلال بالصمت تجاه الصاروخين اللذين خرجا من قطاع غزة، لتتساءل عن طبيعة سياسة الردع التي تحدث عنها بينت؟
أسباب التراجع
بدوره، ذكر المختص في الشأن (الإسرائيلي) أيمن الرفاتي أنه من الطبيعي أن تهدأ حدة التهديدات بما يتلاءم مع طبيعة المرحلة التي تمر بها الحكومة، "فالحديث وقت الدعاية الانتخابية أو إثبات الذات يختلف عن العمل أثناء مواجهة التحديات".
وقال الرفاتي في حديث لـ "الرسالة نت": "تراجع التهديدات يأتي لعدة أسباب متعلقة بالوضع الداخلي لدى الاحتلال، من موجة الحرائق المندلعة وموجة جديدة من كورونا وكذلك التوتر في الشمال".
وأوضح أن الأسباب السابقة، بالإضافة لسياسة الردع التي تثبّتها المقاومة في غزة، تُجبر الاحتلال على تفويت الرد على قطاع غزة، وتجعل من عدم الرد حلا لبينت الذي يعاني ائتلافه من عدة إشكاليات لتعدد الأحزاب بداخله".
وأضاف: "كما أن شدة لهجة فصائل المقاومة في غزة ونفاد صبرها تجاه مماطلة الاحتلال يثبّت معادلة الردع التي فرضتها، وخصوصاً في ظل التسهيلات التي تجريها حالياً حكومة الاحتلال".
وأشار إلى أن الحديث عن اقتراب إدخال المنحة القطرية التي يعتبرها الجميع أبرز التسهيلات وأهمها، تؤكد أن بينت فشل كغيره في تغيير معادلة الردع مع غزة.
وختم حديثه: "لعل الرسالة وصلت جيداً لبينت بأن صبر المقاومة نفد بالكامل ولا فرصة إضافية للتسويف الذي يحدث، وكذلك ملف الإعمار يعتبر تحدياً كبيراً أمام بينت الذي يحاول تأخيره أيضا".
ردود الإعلام العبري
الكاتبة (الإسرائيلية) دانا بن شمعون، قالت إن حكومتها بدأت تتراجع عن المعادلة التي وضعتها بأن أي هجوم من غزة سيواجه بالقصف، "وخلافاً لما كان متوقعاً لم ترد حتى الآن على الصاروخ الذي أُطلق أمس".
وأكدت أن الامتناع عن الرد يزيد من جرأة حمـاس ويقلص ارتداعها، "وخلافاً للتقديرات الإسرائيلية يبدو أن حمـاس ليست مرتدعة بل هي مستعدة لخوض جـولة أخرى من القتال لإجبارنا على تنفيذ مطالبها".
ويعد هذا الصاروخ الأول بعد انتهاء الحرب الأخيرة على القطاع، ويعتبره الكثيرون أول اختبار لبينت، الذي كان قد هدد بعدم التسامح مع "تنقيط" الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة.
وقال المراسل العسكري للقناة 13 العبرية، ألموغ بوكير إن المستوطنين في سديروت يركضون نحو الغرف المحصنة في منتصف النهار، ويختار رئيس الحكومة بينت احتواء الحدث وكأنه لم يحدث"، متسائلاً: "ماذا لو كان إطلاق الصواريخ على القدس بالأمس؟".
وأضاف: "نعم هذا هو بينت الذي وعد سكان سديروت في يونيو بعدم التسامح مع تنقيط الصواريخ، وقال حينها: "أنتم لستم مواطنين من الدرجة الثانية".
من جهته، استهجن الصحفي الإسرائيلي ماندي ريزيل عدم الرد على إطلاق الصاروخ من قطاع غزة، وتساءل: "ألم يعد إطلاق الصواريخ على سديروت يستحق الرد؟".
وقال ريزيل إن "الجيش الإسرائيلي لم يهاجم غزة منذ إطلاق الصاروخ أمس، ولا حتى أثناء الليل.. يا له من ذل وعار"، وفق تعبيره.
بدوره، قال القائد السابق للمنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط يوم توف ساميا، إنه "في محصلة ما يدور، حركة حماس تزداد قوة وهي تضع قواعد اللعبة بشكل كامل، وهي التي تحدد متى تبدأ وما هو مقدار التوتر وكيف ينتهي".
ويشار إلى أن صاروخين أُطلقا من قطاع غزة أمس الإثنين، نحو مستوطنة سديروت بغلاف غزة، أحدهما سقط داخل القطاع والآخر اعترضته "القبة الحديدية"، وفق بيان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
وذكرت القناة السابعة العبرية، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت ووزير الجيش بيني غانتس، وجّها تعليمات للجيش بعدم مهاجمة قطاع غزة ردًا على الصاروخ الذي أطلق ظهر الإثنين الماضي.