عاد محمد دحلان مجددا للواجهة السياسية على الساحة الفتحاوية مفوضا للدعاية في حركة فتح بعدما غاب قسرا نتيجة فشله في مهمة ضرب حركة حماس من خلال خطة أمريكية كشف عنها مسئولون في إدارة بوش في العام 2007 .
دحلان ومن خلال موقعه الجديد في اللجنة المركزية –بعد انتخابه في مؤتمر فتح السادس الذي يشكك الكثير من قيادات فتح في نتائج انتخاباته- اختار السيطرة على الملف الإعلامي وأعد خطة دعائية ضد حركة حماس مستعينا بمستشارين للدعاية عربا واجانب، وبدأ يتصدر المؤتمرات الصحفية ووسائل الاعلام في هجمات إعلامية مركزة ضد حماس كان آخرها المؤتمر الصحفي الذي عقده في رام الله اليوم الاثنين.
دحلان يحاول ان يقدم خطابا "تثويريا" جديدا لقواعد فتح ضد حماس على غرار الخطاب الشهير الذي ألقاه أمام حشد من عناصر فتح في غزة قبل الحسم العسكري بأيام و أدى الى الانقسام الحاصل اليوم وتضرر الحركة في غزة وتحمليه مسئولية الفشل في اطار تحقيقات فتح الداخلية .
أصداء خطاب دحلان خلال احتفال فتح بانطلاقتها الـ 42 لازالت تتردد في ملعب اليرموك بغزة في يناير 2007 .
يومها أعطى دحلان، قائد الجهاز العسكري للسلطة و "فتح"، التعليمات لأتباعه للاستعداد للحرب الأهلية، وانتظار التعليمات التي ستأتيهم للانتقام من "حماس".
وقال دحلان، في كلمة له خلال المهرجان: "سنغادر هذا المكان دون أن نتحدث في السياسة، فلا مكان لها اليوم، وإنه إذا اعتدي على فتحاوي واحد، سنرد الصاع صاعين، وإذا اعتقدت قيادات حماس أنها بمنأى عن قواتنا فهم مخطئون"، حسب تعبيره.
ودعا دحلان، الذي حرّض بشدة ضد حركة "حماس"، أعضاء وكوادر "فتح" أن يعودوا لأماكنهم الجغرافية وأيديهم على الزناد، وقال: وستصلكم التعليمات للتعامل مع حماس.
وإلى جانب تثوير قواعد فتح، يعتمد دحلان في خطابه الجديد القديم على تحريض الدول الغربية والعربية –خصوصا مصر- في المواجهة وهو يتعمد مهاجمة جماعة الاخوان المسلمين في مصر والاردن على اعتبار انها تشكل عمقا لحركة حماس.
دحلان العائد للمواجهة "الثأرية"مع حماس اعد خطة الدعاية معتمدا على رزمة أكاذيب وشائعات انطلاقا من استفزاز حماس في مسألة ورقة المصالحة المصرية, مرورا بموضوع التهدئة مع الاحتلال, والمقاومة في غزة , وهو يستهدف في خطته استدراج حماس للدخول معه في سجال إعلامي شخصي يظهره انه الرجل الاول في مواجهة حماس ,مستثمرا حالة الانقسام التي تعيد له شعبيته داخل فتح, حيث انها سوف تتضرر نتيجة أية اجواء مصالحة.
ورغم توفير الموارد المالية والخبراء لخطته الدعائية الى جانب صلاحيات واسعة جعلته يستبدل طاقم الناطقين باسم فتح بجدد ,الا انه شخصيا وفي ظل تصدره إعلام فتح, يعد ابرز عيوب ونقاط ضعف الدعاية الجديدة , ذلك انه يعتبر ورقه إعلامية محروقة ,وغير مقبولة داخليا وخارجيا وهو فقط مقبول لدى تيار من أتباعه في حركة فتح.
كما ان دعاية دحلان السوداء لم يطرأ عليها أي تطور بارز أو جديد في المضمون والشكل، لأنها تعتمد على شخصنة الخلافات مع حماس ,الاستعراض, والاعتماد على الشائعات او قضايا سطحية, ومستهلكة مثل: مفاوضات سرية لحماس مع الاحتلال .. وثيقة سرية سويسرا .. منع الفصائل من المقاومة في غزة .. قادة حماس يستفيدون من الحصار.. حماس تتلقى تعليمات من أطراف خارجية مثل طهران وسوريا وقطر ومهاجمة هذه الدول.
وبالتالي لا يبدو أن الدعاية تعتمد على إستراتيجية طويلة الأمد بل على خطاب مستهلك ,لا يثير حتى أبناء فتح.
المشكلة التي يواجهها دحلان كمفوض للدعاية في فتح ان بيته من زجاج في حين يرشق الآخرين بالحجارة , ففضائح فتح والسلطة السياسية كثيرة ومتجددة ,وفيها إثارة اكبر تلبي نهم وسائل الإعلام على غرار فضيحة غولدستون الذي استغلها هو داخل فتح واعترف أنها خطأ كبيرا ليمتطي ظهر ابو مازن.
إذا استمر هجوم دحلان الدعائي بنفس الوتيرة فانه سيخسر المعركة حتى داخل فتح ,التي لا يزال أبناؤها في غزة يتذكرون انه المسئول عن الكارثة التي حلت بهم بعد أن تركهم وهرب , وهو من حول فتح الى مجموعة من المرتزقة سواء في الميليشيات العسكرية التي شكلها او حتى مؤسسات السلطة التي تحكم بها.
أما أبناء الشعب الفلسطيني فلا يزالون ينظرون اليه على انه مسئول اول وكالة امنية امريكية شكلها في قطاع غزة "على غرار شركة "بلاك ووتر الامنية" التي عملت في العراق.
دحلان لم يتطرق في خطابه وخصوصا في مؤتمره الصحفي الأخير عن خيارات حركته وسلطته اذا ما فشلت المصالحة, وفقط لوح بإجراء الانتخابات في موعدها ,وهي في أحسن أحوالها (بالنسبة له) تعمق الانقسام القائم ,وتخلق حالة من الفراغ والفوضى الدستورية, التي لا تؤذي حماس بقدر إيذاء الشعب الفلسطيني كله .
في المقابل لم يتطرق عن مصير التسوية السياسة الفاشلة مع الاحتلال , والخلافات في فتح التي عبر عنها في أكثر من تصريح غريمه نبيل عمرو.
دحلان قاد فتح للسقوط الأول في مواجهة انتخابية مع حماس في العام 2006 ومواجهة عسكرية في 2007 ويبدو انه سوف يقودها مجددا للانهيار الأخير.