يتزايد مستوى السخط العام على السلطة الفلسطينية بكل مكوناتها، فقد وصلت الأوضاع في الضفة الغربية إلى حالة من الحنق غير المسبوق، خاصة مع سياسة الأجهزة الأمنية التي تقمع المتظاهرين والمعارضين، وتختفي أمام قوات الاحتلال الذي يرتكب جرائم في المدن الفلسطينية آخرها أربعة شهداء في جنين.
في هذه الأجواء يتواصل الحديث عن اجراء رئيس السلطة محمود عباس تعديلاً وزارياً على حكومة اشتيه، ويحرك أحجار الدومينو في الحكومة تلك التي يقودها بسياسة التفرد والإقصاء، وهو أول تعديل وزاري في حكومة أشتية ويشمل 6 وزارات.
وتشكل الحكومة في الضفة الحلقة الأضعف في النظام السياسي الفلسطيني كونها لا تضع سياسات، وإنما هي حكومة عباس بامتياز وتنفذ سياساته وقراراته، وإجراء تعديلات عليها لن يقنع المواطن الفلسطيني بأي فرص للتغيير، لأنه يدرك تماماً أن التغيير يجب أن يبدأ من رأس الهرم.
بعد الإعلان عن تسريبات التشكيلة الجديدة والتعديل الوزاري، بات من المؤكد أنه تعديل شكلي، وليس جذري ولم يطل الوزراء الثابتين منذ سنوات طويلة، والذين باتوا يشكلون الأضلع الثابتة في الحكومة وعلى رأسهم رياض المالكي الذي يشغل منصب وزير الخارجية وشؤون المغتربين منذ تشكيل حكومة سلام فياض الثانية في عام 2009 مرورًا بحكومة فياض الثالثة، وحكومات رامي الحمد الله الأولى والثانية والثالثة ولا يزال في المنصب في حكومة محمد اشتية التي شُكلت عام 2019.
والغريب أن عهد المالكي يعج بالفشل الدبلوماسي والفضائح المتكررة للسفارات الفلسطينية في الخارج، ومجمل عملها يمكن تلخيصه بالغياب التام للعمل الدبلوماسي، والذي يحتاج طواقم عمل محترفة تعمل كخلايا النحل وعلى مدار الساعة وليس عملا موسميا، يدار عبر الهواة.
بلا أي نجاح يذكر، يستمر المالكي في منصبه الذي قذف به سوء الحظ الفلسطيني على رأس هذه الوزارة، فهو منشغل بترقية أقاربه وأبناء بعض القيادات المنتفعة وإجراء تنقلات دبلوماسية حسب مصالحه الخاصة بعيداً عن المصالح الفلسطينية، وهذا ما يفسر كيف تحولت السفارات إلى أوكار للفساد والعبث، وممارسة السفراء الرفاهية السوداء على حساب الشعب الفلسطيني.
وتسجل الخارجية المرتبة الأولى بين الوزارات التي يعشش فيها فساد التعيينات والترقيات.
وكان المجلس الثوري لـ "حركة فتح" قد أوصى قبل شهرين بإجراء تعديل وزاري في ظل انتقادات وملاحظات على أداء بعض الوزارات وبخاصة الخدماتية.
كما أوصى "الثوري" بإجراء تغيير واسع في السلك الدبلوماسي الفلسطيني، وهو عكس ما جرى، ما أُثار غضب أعضاء المجلس الثوري، الذين شعروا أن قراراتهم تبقى حبراً على ورق.
أما وزارة المالية فيبدو أنها باتت "طابو" لشكري بشارة الذي يقف على رأسها منذ العام 2013، حيث يستمر في حمل حقيبة المالية رغم الأزمات المتراكمة، وفشل السياسة المالية للسلطة والتي أدت بالدين العام المستحق على الحكومة الفلسطينية إلى تجاوز نسبة 28% من الناتج المحلي الإجمالي المسجل في 2020، ويبلغ 3.7 مليارات دولار حتى نهاية أبريل 2021.
الديون السابقة نتيجة طبيعية لفوضى الديون والاقتراض من البنوك المحلية بنسب فوائد مرتفعة تعود على البنوك بأرباح وفوائد هائلة، خاصة البنك العربي الذي يشغل بشارة أحد المساهمين فيه.
أما الضلع الثالث للحكومة فهو أحمد مجدلاني عديل الرئيس وهي صفة تجب ما قبلها وتكفي مؤهلاً لجعله وزيراً ثابتاً في أي حكومة.
تنقل مجدلاني بين الحقائب الوزارية منذ العام 2008، فشغل منصب وزير شؤون الجدار والاستيطان في حكومة أحمد قريع الثالثة، وسفير دولة فلسطين لدى رومانيا بين مارس 2008 ومايو 2009، ثم استلم حقيبة العمل حتى يونيو 2014، ثم الزراعة كي يستقر أخيراً في وزارة التنمية الاجتماعية.
أما أصحاب الحقائب الجديدة حسب الأسماء المسربة في التعديل المرتقب، فجاء أبرزهم اللواء زياد هب الريح رئيس جهاز الأمن الوقائي وزيراً للداخلية، وهي الحقيبة التي يحملها رئيس الحكومة منذ العام 2014.
ويعكس اختيار هب الريح في هذا الوقت، تعزيز العمل الأمني، كما أنه يدخل ضمن معادلات داخلية معقدة، ويؤكد زيادة السطوة والسياسة الأمنية، فهو أحد أقطاب التنسيق الأمني في الضفة وقال عقب معركة سيف القدس "لا تفرحوا إذا انتصرت غزة فهذا سيجلب لنا الضرر في الضفة!".
وكان فراغ منصب وزير الداخلية نتيجة خلافات كبيرة داخل السلطة الفلسطينية و"حركة فتح" حول من يتولاهما.