قائد الطوفان قائد الطوفان

العريس أسامة دعيج.. عمود الدار الذي سقط فجأة!

الشهيد أسامة دعيج
الشهيد أسامة دعيج

الرسالة نت-أمل حبيب

ترتجف ذاكرة إسماعيل قرموط، 25 عامًا، وهو يحدثنا من أمام جثمان صديق عمره الشهيد أسامة دعيج، 31 عامًا، ابن مخيم جباليا، وصلنا الصوت مرتجفًا كذلك، هيبة الموت والفقد معًا!

عكازٌ يتكئ عليه، يخطو بضع خطوات غير ثابتة متجهًا إلى السياج الفاصل ليعلي تكبيراته هناك، أو يرفع علمًا، وقد يلتقط صورةً للذكرى، ويخبر عروسه بأن حلمه بالعودة لبلدته الأصلية بئر السبع قد اقترب!

الجرح الثامن!

جرحٌ غائرٌ من رصاصة متفجرة في ساق أسامة، شريانٌ رئيسي مغذٍ للقلب انقطع، توقف القلب فعلًا وكان الخبر "شهيد متأثراً بجراحه التي أصيب بها السبت الماضي خلال مشاركته في مسيرات العودة السلمية الحدودية إحياءً لذكرى إحراق المسجد".

"عندما استشهد أسامة كان متكئًا على عكازه"، هذا ما قاله صديقه إسماعيل قرموط، مؤكدًا أن الاحتلال أعدم صديقه برصاصة مباشرة على جرح قديم له!

لم ينقطع صوت صديقه وهو يؤكد "للرسالة" بأن قوات الاحتلال تعمدت إصابته بطلق ناري مباشر في قدميه "مدخل ومخرج" ما جعله ينزف بشكل كبير قبل نقله للعناية المركزة بحالة حرجة جداً.

يكتم الآه هذا الصديق، يخبرنا بأن جسد صديقه مليء بندوب وآثار عمليات جراحية، قائلًا: "أصيب أسامة سبع مرات قبل أن يستشهد هذه المرة، كان من المقرر أن يتوجه للعلاج في الخارج خلال أيام؛ لإجراء عملية معقدة في كاحله الذي كان قد أصيب به خلال مشاركته في فعاليات مسيرات العودة قبل أكثر من عام".

صباح اليوم الأربعاء رحل العريس مبكراً، 29 يومًا مضت فقط على زفافه، حتى أن دعوات الزفاف قفزت في وجوهنا جميعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وصورًا أخرى لابتسامة يهدينا إياها أسامة بزي قوات حماة الثغور.

جنديٌ على الثغور، اعتاد المشاركة في جميع الفعاليات السلمية التي تدعو إليها الفصائل من أجل إيصال صوت غزة، نزفها، ووجعها بسنوات الحصار، عاد الجندي إلى الأرض جثمانًا، رواها اليوم بدمائه وبقي صوته والتكبيرات هناك!

الابن البكر!

لم يتخلف أسامة يومًا عن مسير أو فعالية، شجاعة يراها رفاقه منقطعة النظير، رأسه العنيدة وحماس قلبه للصلاة في المسجد الأقصى محررًا هو المحرك الأول له للمشاركة في فعاليات العودة على نقاط التماس مع العدو الإسرائيلي.

لم يبك مخيم جباليا فقط على ابنه الشهيد، بل ودعته غزة بأكملها، وألصقت صورًا له على جدرانها كأنها تؤكد أن طريق أسامة وحده طريق الحرية، كما نعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشهيد أسامة خالد دعيج مؤكدة استمرار مقاومة الشعب للاحتلال بمختلف الوسائل والأدوات في الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة حتى انتزاع مطالب شعبنا، وتحقيق أهدافه المنشودة.

الرفاق حاضرون، جميعهم ينتظرون نظرة الوداع الأخيرة، قبلة وسط الجبين، أما والدته فوصلنا نحيبها على ابنها البكر أسامة، عامود الدار الذي سقط فجأة!

الفرحة الأولى التي دخلت قلبها كانت أسامة، هذا الاسم الذي التصق بها، لقبها المحبب، ياء المناداة، "يا أم أسامة"، تستبدلها اليوم بلقب جديد، بأم الشهيد.

البث المباشر