في السابع والعشرين من أغسطس نشرت وسائل الاعلام رسالة بعث بها رجل الأعمال منيب المصري إلى رئيس السلطة محمود عباس يطلعه فيها على نتائج جلسته مؤخرا مع قيادة حماس.
وبحسب الرسالة فإن حماس تعاطت ايجابيا مع مبادرة أطلقها المصري لانهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.
بكلمات معدودة رد عباس على رسالة المصري وكتب بخط يده: المطلوب من حماس حتى تكون شريكة أن تعترف بقرارات الشرعية الدولية، وبدون ذلك لا حوار معهم.
لهجة عباس الجافة مع حماس التي قطعت الطريق على أي مدخل لإعادة العلاقة الوطنية مجددا، تبدلت في أقل من 48 ساعة مع الاحتلال الاسرائيلي، عندما إلتقى عباس بوزير حرب الاحتلال بيني غانتس في مقر المقاطعة برام الله.
في الفترات الماضية اشترط عباس عودة لقاءاته مع الاحتلال واستكمال المفاوضات بعدة شروط أبرزها إعادة أموال المقاصة كاملة دون نقصان، ووقف الاستيطان الذي يتمدد في الضفة المحتلة.
أيا من الشروط السابقة لم يتحقق، ورغم ذلك عاد عباس للقاء غانتس، ضاربا بعرض الحائط الاجماع الفلسطيني على وقف التنسيق الأمني، ونسف كل توصيات اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لمنظمة التحرير بهذا الشأن.
المعلومات الواردة عن مخرجات اللقاء تتمحور حول العلاقة الأمنية فقط، وكيفية تقوية السلطة في سيطرتها على الضفة المحتلة ضد كل ما يهدد الاحتلال، وذلك بعيدا عن أي مسار سياسي يمكن أن يعيد عجلة المفاوضات مع السلطة.
دلالات لقاء عباس غانتس يمكن قراءتها في أكثر من اتجاه، الأول أن عباس يجدف بعلاقته مع الاحتلال بعيدا عن التيار الوطني، ويهتم بها أكثر من أي شيئ آخر.
ثاني تلك الدلالات عدم التفات عباس لكل الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين مؤخرا والتي جرت بقرار من وزير الحرب غانتس، وليس العدوان على غزة وقتل المواطنين في الضفة عنا ببعيد.
الدلالة الثالثة أن دولة الاحتلال تهتم جدا لأمر السلطة وتعزيز نفوذها باعتبارها الذراع الضارب لها في الضفة المحتلة، لذلك وافق الاحتلال على منحها قرضا ماليا بثمانمئة مليون دولار.
ويكفي تصريح رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت عندما قال (لا حل سياسي مع السلطة ولقاء جانتس عباس لأغراض أمنية) دليلا على ذلك.
الدلالة الرابعة أن الأهداف الأمنية للسلطة تتقاطع مع ذات الأهداف للاحتلال، لذا يتم مناقشتها على أعلى مستوى، ممثلة برئيس السلطة، ووزير حرب الاحتلال.
ويبدو أن عباس قرر أن يستكمل مهمته الأمنية في الضفة حتى لو اقتصرت على الجانب الأمني فقط، والبحث عن تقوية سطوته على المواطنين، مقابل بقاء اعتماده من الاحتلال بأنه العنوان الوحيد للسلطة حتى لو كان ذلك وهميا.
ما بين لقاء عباس بغانتس ودلالاته، وبين رد عباس على رسالة منيب وإعطائه ظهره للحوار الوطني، يبقى وجود عباس مصلحة لكل من لا يريد خيرا لفلسطين.