أكثر من مائة يوم وبلدة بيتا جنوبي نابلس بالضفة المحتلة، ترهق الاحتلال الإسرائيلي في دفاعها عن جبل صبيح، وبسبب بسالة ثوارها الذين أربكوا المستوطنين ومنعوه من محاولاته إقامة بؤرة استيطانية، ورغم ملاحقة جنود الاحتلال لأبناء "بيتا" سواء بالاعتقال أو القنص والضرب إلا أنهم يواصلون دفاعهم عن بلدتهم والجبل ليل نهار.
وبعنادها في مواجهة المحتل سطرت "بيتا" نموذجاً للبلدات والقرى المجاورة في مواجهة المحتل وعدم الرضوخ له، مما أخاف السلطات الإسرائيلية واضطرها لاستخدام أفضل دوريات الجنود لقمع المواجهات السلمية.
ووفق ما ورد في موقع واللا العبري على لسان أمير بوخبوط الخبير العسكري في مقال له، فإن البؤرة الاستيطانية "جفعات إيفيتار" باتت تشكل تحدياً عسكرياً أمام الجيش الإسرائيلي، لأنها تعتبر واجهة لاشتباكات بين المستوطنين والفلسطينيين، وتضطر الجيش لاستخدام أفضل دورياته، لمواجهة اقتحام آلاف الفلسطينيين المسلحين بالمتفجرات وزجاجات المولوتوف، وحذر الجيش من عملية عسكرية واسعة النطاق إذا استمرت هذه الأحداث العنيفة".
وأكد أن مشاهد التوتر حول هذه البؤرة الاستيطانية غير الشرعية تتمثل في انتشار
فلسطينيين ملثمين يقفون في واد يفصل بين قرية بيتا في شمال الضفة الغربية، وبؤرة إيفيتار، ويلوح هؤلاء الفلسطينيون بالمقاليع، ويرمون الحجارة على عناصر حرس الحدود الذين يقفون على بعد مئات الأمتار، فيما يطلق هؤلاء قنابل الغاز وطلقات حية لتفريق المتظاهرين، والسيطرة على هذه الاضطرابات.
ويقول بوخبوط: "هناك مشهد آخر من المواجهات يتمثل في مواصلة المتظاهرين شتم الجنود الإسرائيليين عبر مكبرات الصوت باللغة العبرية، مطالبين بإعادة الأرض من أيدي المستوطنين إلى أصحابها الفلسطينيين".
ويتكون مشهد ثالث من إطارات السيارات المحترقة، ويأتي مشهد رابع من صناعة العبوات المرتجلة التي قد تقتل إذا ألقيت بجانب الجنود، وهكذا فإننا أمام واحدة من أكثر الاضطرابات شيوعًا في الضفة الغربية، رغم أن الحقائق تشير إلى حملة مستمرة ومرهقة منذ منتصف أيار/ مايو".
في السياق ذاته، يقول مجدي حمايل المحلل السياسي إن الاحتلال فشل في كسر صمود بيتا، مشيراً إلى أن نموذج بيتا في المواجهة السلمية الشعبية يعتبر جديداً بالنسبة لقرى وبلدات الضفة المحتلة.
وأوضح حمايل "للرسالة" أن إيلام الاحتلال بطرق سلمية دفع المستوطنين للانسحاب من البؤرة الاستيطانية رغم وجودهم تحت حماية جنود الاحتلال، مبيناً أن أساليب الإرباك أثبتت مقدرة أهالي بيتا على الصمود أمام المحتل.
ولفت إلى أن النموذج الذي اتبعته بيتا جديد ويختلف عن الأساليب التي استخدمت في الضفة المحتلة لمحاربة الاستيطان، مشيراً إلى أن المستوطنين في البؤرة القريبة من بيتا لم يهنئوا لحظة بل كانوا يتألمون ليل نهار من أدوات الإرباك وسحب الدخان مما دفعهم للهرب وترك "بيوتهم المتنقلة" في حماية الجنود.
وبحسب متابعته، فإن لدى الاحتلال الإسرائيلي مخاوف من تعميم تجربة بيتا على بقية البلدات والقرى التي يقام عليها بؤر استيطانية، متوقعاً أن تلجأ الفصائل الوطنية والإسلامية إلى اتباع أسلوب بيتا في مواجهة العدو وهذا يعتبره الاحتلال مؤشراً خطيراً.
ويشير حمايل إلا أن جنود الاحتلال يقمعون بشكل يومي أهالي بيتا بكل الأساليب المتاحة فهناك تهديدات بالتنكيل وحملات اعتقال وإطلاق الرصاص ليصاب 3600 شاب برصاص "التوتو" منهم 250 شاباً يمشون على عكاز ومع ذلك يواصلون عنادهم متصدين للاحتلال.
ويرجع عناد وصلابة سكان بلدة بيتا في مواجهة الاحتلال، إلى اقتحام 1988 حين حاولت السلطات الإسرائيلية من بناء بؤرة استيطانية حينها هب الأهالي وكان لهم دور بطولي في التصدي للاحتلال، ومنذ ذلك الوقت يروي الآباء الحادثة لأبنائهم مما يزيدهم فخراً وعناداً وقوة لمواجهة الاحتلال.
ويجدر الإشارة إلى أن المظاهرات السلمية في بيتا ووفق تصريحات الاحتلال تستنزف الجيش الذي يحشد قوى وموارد كبيرة يفترض أن تركز على الهجمات المسلحة المنظمة والمؤسسة في بؤر ساخنة أخرى.