الرسالة نت – محمد بلور
قرب كومة من الدمار مبهمة الملامح يتجمعون على "كرة وصافرة" بقمصان ملونة ثم يتوجهون للعب فوق ملعب رملي يخترقه طريق للمشاة والمركبات .
أحلامهم صغيرة وإمكاناتهم متواضعة لكنهم يقاتلون بروح الفريق مدافعين عن قميصهم ومهاجمين لرفع اسم نادي أهلي النصيرات فتغمرهم لذة التحدي ويتنشّقون حلاوة اللقب الذي حازوه قبل أسابيع .
وكان نادي أهلي النصيرات قد حاز الشهر الماضي على كأس الناشئين التي حملت اسم "الحرية لأسرانا" في أهم وأحدث انجازاته الكروية .
أحلام المستقبل
تحت ما تبقى من سقفه المقصوف جراء العدوان الصهيوني على غزة وقف حارس مرمى فريق الناشئين محمد الزيان البالغ من 16 سنة متحدثا عن رحلته مع النادي التي بدأت عام 2005 .
يلوّح محمد بيده ويقول:" ظروفنا المادية صعبة ونلعب على ملعب رملي عبارة عن طريق-يشير للملعب المجاور-بينما تملك الفرق الأخرى ملاعب معشبة لكننا تفوقنا وفزنا بكأس الناشئين " .
شاهد محمد مباريات كثيرة لأهلي النصيرات قبل الانضمام له متأثرا بسمعته الطيبة وهو مستعد للمواصلة تحت رايته معجبا بخبرة حارسي المرمى فيكتور فالديز وكاسياس.
وقبل سنتين انضم اللاعب صالح قوش 16 سنة لأهلي النصيرات بعد أن وجد فيه مدرب الأهلي حافظ أبو عطيوي موهبة كروية .
وافق قوش على عرض المدرب وانضم كمدافع أيمن ويحلم الآن بالمواصلة مع فريق الأهلي والصعود مستقبلا للعب خارج الوطن .
وأضاف:"نتدرب 3 أيام على ملعب رملي متعرّج ولكننا قاتلنا حتى وصلنا نهائي البطولة السابقة وحققنا الفوز على فرق كبيرة " .
قصة ثالثة من نصيب اللاعب محمد البلبيسي 16 سنة الذي يلعب في مركز الظهير الايسر فقد بدأ منذ كان في الصف الأول الإعدادي , خطواته الجادة لمتابعة مباريات النادي وموهبته كمدافع أوصلته للعب بقميص الأهلي حاميا شباكه .
ويقول البلبيسي:" كانت بدايتنا صعبة لكننا بدأنا نتطور بفعل التدريبات حتى أصبحنا فريق قوي لا يستهان به" .
ويطيل البلبيسي تأمل خبرة تشافي وكريسيانو معجبا بأدائهم ومحاولا تطبيق حركاتهم بشكل كبير مستفيدا من مباريات الدروي الأسباني .
ويتحلى اللاعب أحمد أبو كرش 16 سنة بخبرة محترمة وتسريحة شعر تحمل جزء من هويته كلاعب وسط وقد انتقل للعب مع أهلي النصيرات بعد مغادرته خدمات النصيرات .
يحلم أحمد باللعب مع نادي مشهور ويرى في برشلونة نموذجا يحتذى به خاصة اللاعب تشافي .
أما طارق الهور لاعب وسط مهاجم فيلعب مع أهلي النصيرات من عام 2006 ويرى في فريق الأهلي ميزة تختلف عن بقية الفرق لما يتحلى به من تشكيلة متناسقة رغم نقص الإمكانات المادية .
دوافع اللعب
في جولات التدريب ومبارياتهم مع الخصوم يعزفون مقطوعة من العيار المتناسق ويلعبون بروح الفريق ما أثّر إيجابا على أدائهم.
وقال اللاعب الزيان إنه يلقى تشجيعا من الأهل والأصدقاء وهو يلعب مع نادي تاريخه عريق وأن الروح المعنوية شكلت دوما العامل الأساسي للتفوق خاصة ما يتلقونه من تشجيع من مدرب الفريق حافظ أبو عطيوي .
أما اللاعب قوش فأكد أن حالة الحماس المتواصل وتشجيع المدرب أوصلا الفريق للفوز الماضي مضيفا:"في قلب كل لاعب أن يرفع اسم النادي والآن جاهزون لخوض أي مباراة أما قصف النادي فقد أثرا إيجابا علينا لأنه خلق حالة تحدي " .
ويأمل في تحسين إمكانات النادي المادية وتطوير ملعبه ليفي بغرض التدريب الصحيح ويؤهل الفريق للعب على ملعب يضاهي بقية الفرق .
كأس الناشئين
كانت تجربة بمذاق ولون مختلفين لكافة اللاعبين وللمدرب حافظ أبو عطيوي فالخروج من وسط الدمار واللعب بإمكانات متواضعة وتحدي نقص الإمكانات ذابت تحت معنويات وإصرار الفريق حتى فاز بالكأس .
صحيح أن الفرق الأخرى تحلت بقمصان فاخرة وأحذية جميلة ألفت الملاعب المعشّبة لكن أهلي النصيرات انتزع الفوز من بينهم جميعا في ظاهرة استحقت الاحترام.
اللاعب الزيان توقع الفوز بكأس البطولة بعد فوز فريقه على نادي الشمس والصلاح وفلسطين الرياضي .
وأضاف:"شعرت بالسعادة لحظة الفوز وأن تدريباتنا وتشجيع وإرشادات المدرب لم تذهب هدرا" .
وكان مباريات البطولة السابقة فترة صعبة بالنسبة للاعب البلبيسي عاش فيها حالة من الضغط، حيث قال: " كنت أراهم كلهم متحمسين وكانت مباراة النهائي الأصعب علينا" .
ويرى اللاعب أبو كرش في البطولة السابقة أمرا مميزا حيث خاض فريقه غمار التحدي مع فرق كثيرة بخبرات متفاوتة .
وسألت "الرسالة" المدرب حافظ أبو عطيوي عن تجربته في البطولة الماضية فأجاب: " فوزنا ليس وليد لحظة فربينا اللاعبين من صغرهم وهم يلعبون بتآلف وأداء جماعي رغم إمكاناتنا وتعاقب عدة إدارات على النادي" .
ويرى أن الجانب المعنوي وعامل التحدي هما أساس الفوز إضافة للالتزام اللاعبين بالتدريبات وخطة كل مباراة وحالة الدعم والتشجيع المستمر التي منحهم إياها كل مباراة .
وينشط أبو عطيوي مع 5 فرق ناشئة في أهلي النصيرات تحتاج لكثير من الإمكانات المادية والاهتمام من رأس الهرم في الرياضة الفلسطينية .
مستوى الناشئين
وعن سؤال "الرسالة" فريق الناشئين حول حاجة اللاعب الناشئ وتجربته وإمكاناته في الوقت الحالي فجاءت إجاباتهم كما يلي:
اللاعب الزيان رأى أن اللاعب الناشئ بحاجة لرعاية أكثر من اتحاد الكرة متوقعا تقدما للجيل الناشئ .
وأضاف:"لم يكن فريقنا ينظر للمظاهر لكن ظروفنا صعبة ونحتاج لإمكانات مادية لتحسين تدريباتنا" .
وأكد اللاعب قوش أن البطولة السابقة أكسبته خبرة أفضل حين لعب مع فرق كثيرة لكنه يؤمن بضرورة كسب الخبرة باللعب مع فرق خارج القطاع لنقل خبرتهم الكروية .
أما اللاعب البلبيسي فقال إن صعوبات فريقه تمثلت في الإمكانات المالية وأن أي لاعب ناشئ بحاجة للدعم بكافة الموارد ليحقق التقدم .
وأضاف:"الكرة الفلسطينية عموما تعاني ويلات الحصار وصعوبة نقل الخبرات أما نحن في أهلي النصيرات فنادينا مقصوف بالكامل".
وامتعض ناشئو أهلي النصيرات في أحاديث منفصلة من نقص وسائل المواصلات المريحة والملاعب المجهزة والملابس الرياضية .
وقال عطيوي: "نعمل تحت كرة وصافرة فقط ومع ذلك حققنا فوز فكان الأجدر بالمسئولين الاهتمام بفريقنا حتى وسائل الإعلام لم تنصفنا بعد الفوز فهناك تمييز واضح بين الأندية" .
وأشار إلى أن فوز بعض الفرق في بطولات ومباريات أقل أهمية يحظى بتغطية ودعم مالي من رجال الأعمال وكثير من المؤسسات لافتا إلى أن الفرق الناشئة شكلت دوما مخزونا استراتيجيا للكرة الفلسطينية الصاعدة.