يزداد الفساد في أروقة السلطة ومؤسساتها، وهو ما يعد باباً لمضاعفة الديون وزيادة الأزمة المالية التي تعصف بها.
ومنذ نشأة السلطة قبل أكثر من ربع قرن، توالت ملفات الفساد المقدمة من مؤسسات مجتمع مدني محلية ودولية، والتي طالما كشفت عن شخصيات متنفذة داخل السلطة تستغل مكانتها لتحقيق مكاسب شخصية.
وخلال السنوات الماضية، امتنع الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة عن تمويل السلطة لشبهات فساد، وحوّل التمويل لمؤسسات أهلية.
مضاعفة للديون
وفي حديث لـ "الرسالة نت" أرجع مصدر مسؤول في مالية رام الله -رفض الكشف عن اسمه- سبب زيادة ديون السلطة سنوياً إلى الفساد الإداري الذي تعاني منه معظم الأجهزة التابعة لها.
وأوضح المصدر أن رواتب الموظفين تشكل العبء الأكبر على السلطة، مشيراً إلى أنها تزداد سنوياً دون وجود هيكلية خاصة لتقليلها.
ورأى أن الحل الجذري لإنهاء الديون يكمن في إزالة تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية للسلطة التي من الصعب تحقيقها على المدى القصير؛ وفق المصدر.
وتجدر الإشارة إلى أن الدين العام على السلطة، يتوزع بين دين داخلي قيمته 2.38 مليار دولار، ودين خارجي يقدّر بـ 1.32 مليار دولار.
ويستحوذ قطاع الأمن في السلطة على نصيب الأسد من الميزانية التي تمثل الإيرادات الداخلية والجباية من أموال المقاصة وغيرها النسبة الأكبر منها، وهو ما يفتح أبواب الفساد في ظل عدم استغلال الأموال للتنمية والمصاريف التشغيلية.
ورغم أن قطاع الأمن هو لبلد محتل إلا أنها لم يواجه الاحتلال ولم يخض أياً من الحروب ضده بسبب سلطة الحكم الذاتي والتي تعمل بآلية التنسيق الأمني مع الاحتلال، فيما يستشري فيه الترهل والفساد.
وعملت حكومة سلام فياض على تضخيم رواتب الموظفين بشكل كبير، وهو ما استنزف الميزانية وزاد من نسبة الديون.
غياب التخطيط
بدوره، قال الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى إن "أي ترهل في الديون دون أسباب منطقية يعني أن هناك فساداً في القائمين عليه.
وأوضح في حديث لـ "الرسالة نت" أن الإشكالية لدى السلطة تتمثل في غياب التخطيط والتنمية والترهل الإداري والتوظيف دون حاجة أو وجه حق.
وشدد على ضرورة إيجاد آليات للشروع في التنمية التي سيكون لها مردود إيجابي بتخفيض نسب الفقر والبطالة وتقليل الديون.
ولفت إلى أن الدين العام يقفز بمعدلات غير معقولة، "دون حسيب أو رقيب"، وهو ما يدق ناقوس الخطر حول المستقبل المالي.
وكانت مؤسسات حقوقية ورقابية، اتهمت السلطة بترهل كبير في الرواتب والميزانية دون تخطيط، عازيةً السبب إلى التعيينات العشوائية غير المستندة لأي أسس أو معايير مهنية.
وأكدت أن غياب المجلس التشريعي والجهات الرقابية، أدى لاستفراد أشخاص متنفذين بالسلطة في التحكم بالميزانية، "وهو ما يفتح باب الفساد والسرقة".
وكأحد أوجه الفساد، نشرت وثائق سرية، كشفت أن رئيس السلطة محمود عباس قرر في 2017 زيادة راتب رئيس حكومته ووزرائه بنسبة 67%، فارتفع راتب الأول من 4-6 آلاف دولار، ورواتب الوزراء من 3-5 آلاف دولار.
الحدث السابق دفع بمبعوث الأمم المتحدة وقتها، نيكولاي ملادينوف للقول إن هذه الزيادة تتحدى المنطق وتثير الغضب، كما أشار مبعوث الرئيس الأمريكي جيسون غرينبلات وقتها إلى أن هذه القضية لا تصدق.
وساد الغضب في الشارع الفلسطيني بعد تسريبات كشفت زيادة "سرية" برواتب وزراء السلطة، وأظهرت أن عباس صادق على زيادتها بنسبة 67% ومكافآت سخية، فيما يعاني الاقتصاد الفلسطيني أزمة خانقة، وضائقة مالية بسبب تقليص الحكومة لرواتب موظفيها، وتحمل العائلات الفلسطينية نفقات مرتفعة.