بعدما استنزفت سلطة رام الله كل الطرق لسد عجزها المالي، وافقت (إسرائيل) على منحها قرضاً بقيمة نصف مليار شيكل، علما أنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها على قرض مالي من الاحتلال. خلال العام 2019 وبعد أزمة المقاصة الناجمة عن قرار إسرائيلي باقتطاع مخصصات الأسرى، حصلت السلطة على موافقة إسرائيلية على قرض بقيمة 800 مليون شيقل، لدعم موازنة السلطة لكن اللافت أن الاحتلال لم يسترده حتى اللحظة.
وتضاربت التصريحات ما بين أن القرض الذي ستحصل عليه السلطة حديثاً من الخزينة الإسرائيلية أم أن مصدره عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها (إسرائيل) عن الموانئ والمعابر وفق اتفاق أوسلو.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، اتفق مع رئيس السلطة محمود عباس، خلال لقائهما مطلع الأسبوع الجاري، على إقراض السلطة الفلسطينية نصف مليار شيكل، وستبدأ (إسرائيل) باقتطاع نسبة من أموال المقاصة الفلسطينية في منتصف العام 2022 المقبل، لاسترداد قيمة القرض.
وبحسب غانتس، فإن القرض الحالي جري الترتيب له منذ قرابة الشهر، وكان المبلغ المقترح 800 مليون شاقل، ولم يكن تحت بند قرض، بل دفعة من أموال فلسطينية موضع خلاف مع "إسرائيل"، ولكن دون إبداء أسباب حصلت السلطة على المبلغ منقوصاً على هيئة قرض.
يقول بكر اشتيه المختص في الشأن الاقتصادي "للرسالة"، إن المبلغ الذي ستمنحه (إسرائيل) للسلطة يمكن اعتباره جزءاً من المستحقات المحتجزة، وفي حال تم الحصول عليه فهو حق فلسطيني، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هناك أحاديث من جهات رسمية عن أن المال هو دفعة من الأموال المحتجزة.
وبحسب اطلاع اشتيه فإن كانت تلك الأموال جزءاً من المستحقات الفلسطينية المحتجزة يعتبر إنجازاً جيد دون أن يكون له ثمن سياسي، خاصة بعد التسهيلات التي وعد بها وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس مع عباس كموضوع لم الشمل الذي بقي أيضا مبهماً.
ويري المختص في الشأن الاقتصادي أن المبلغ سيسد نصف مشكلة عجز الموازنة للعام الحالي، خاصة وأن أزمتها المالية حال استمرت سيصل عجزها المالي نهاية العام مليار دولار.
ويرفض اشتيه الدخول في جدلية أن المبلغ هو قرض، فهو لا يريد الانسياق وراء ذلك، خاصة وأنه في حال كان واقعاً فهو فضيحة بالنسبة للسلطة، معلقاً: "كيف تقبل السلطة الاقتراض من (إسرائيل)، والأخيرة تحتجز أموالها؟!".
وتجدر الإشارة إلى أن السلطة لجأت إلى البحث عن بدائل لتغطية أزمتها، كونها لا يمكنها الاقتراض من البنوك الفلسطينية في الوقت الراهن، حيث أظهرت بيانات سلطة النقد الفلسطينية، أن إجمالي قروض البنوك المستحقة على الحكومة برام الله حتى نهاية نوفمبر الماضي، بلغ 2.17 مليار دولار، وهي أرقام مضاعفة عن نفس الفترة من العام الذي سبقه.
ورغم انتهاء أزمة المقاصة إلا أن مديونية السلطة عالية جداً وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة، حول آليات التخطيط والمصاريف التي يتم صرفها في حالة الطوارئ.
كما أن متوسط عجز الميزانيات الفلسطينية للسنوات الماضية، يبلغ من 400 إلى 500 مليون دولار سنويا، يتم تمويلها من خلال الاقتراض المحلي عبر القطاع المصرفي الفلسطيني.
يذكر أن السلطة تواجه أزمة مالية شديدة بسبب تداعيات فيروس كورونا، إضافة إلى اقتطاع (إسرائيل) مبالغ مالية كبيرة من عائدات الضرائب الفلسطينية.
وفي 11 يوليو الماضي، صادقت الحكومة الإسرائيلية على اقتطاع مبلغ 182 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية، وهو يوازي ما تدفعه الحكومة الفلسطينية من مخصصات مالية شهرية لعوائل الشهداء والجرحى والأسرى، بذريعة أن هذه المبالغ "تذهب لتمويل الإرهاب".