وقعت الولايات المتحدة الامريكية اتفاق اطار مع وكالة الغوث، في السادس عشر من يوليو الماضي، فرضت بموجبه شروطا لقاء استئناف الدعم الأمريكي لـ"الأونروا"، تضمنت محاسبة الموظفين والمستفيدين على حد سواء حال ممارسة أي نشاط أو التعبير عن أي موقف سياسي ضد الاحتلال.
الحصة الامريكية التي تقدر بـ360 مليون دولار، توقفت في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ثم استأنفت الإدارة الجديدة برئاسة الديمقراطي جون بايدن، ضخ جزء كبير منها، وفق اتفاق أبرمته وزارة الهجرة الامريكية مع الاونروا.
سياسيون ومختصون وجدوا في الاتفاق كارثة تهدف لتفريغ قضية اللاجئين من مضمونها، وفق الرؤية الامريكية الهادفة لتصفية عناوين القضية الفلسطينية وفي المقدمة قضية اللجوء.
جاء ذلك في لقاء الكتروني نظمه مركز دراسات اللاجئين، السبت، بمشاركة نخبة فكرية حول دور "المراكز الفكرية في مواجهة الاتفاق الأمريكي".
إعادة تعريف!
د. هاني المصري مدير مركز مسارات، أكدّ بدوره، أنّ مشاريع توطين اللاجئين لم تتوقف، لصالح تحقيق فكرة تثبيت الوجود الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية.
وقال المصري إنّ أهم الأهداف الأمريكية تفريغ قضية اللجوء من خلال إعادة تعريف اللاجئ بوصفه الشخص الذي ولد داخل أراضي الثمانية والأربعين قبل الهجرة، دون أن ينطبق على أبنائه واحفاده.
وأوضح أن إدارة بايدن ترغب في تطبيق أهداف دونالد ترامب؛ "لكن بطريقة مختلفة عبر التدريج، وهذا ما ترجم في الاتفاق الأخير، الذي ربط إعادة التمويل بتجريم أي حديث عن ادانة الاحتلال".
ونبه إلى خطورة هذا الدور، "ليس باعتباره الأكثر تطرفا إنما لأن فرص تطبيقه أكبر من المخططات السابقة".
ولفت الى الموقف الأمريكي الجديد "الذي رفض خطة الضم في وقت وافق على الضم الزاحف الذي يقضم الأراضي الفلسطينية بصمت".
وفي السياق، انتقد المصري الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية في مواجهة الإجراءات التي تتعرض لها قضية اللاجئين، "فهي تعاملت معه بموقف مساوم، تجلى في قمة كامب ديفيد وما تبعها من محادثات".
وأوضح أن المرونة التي ابدتها السلطة نبعت من فكرة المقايضة في خلفية العقلية السياسية للمفاوض الفلسطيني، مقابل التطرف الذي جنحت اليه القيادة الإسرائيلية.
وأكدّ أن المفاوض الفلسطيني قدم كل التنازلات في جعبته، "تمثل ذلك في تصريحات لشخصيات قالت انها لن تعود لصفد ولن تغرق إسرائيل في اللاجئين!"
كما انه في السياق لم تمنح قضية اللاجئين المساحة التي تستحق من الفصائل الأخرى، وفقا للمصري.
وأكدّ أن الأمر يحتاج لضغط فلسطيني على القيادة لتتراجع عن التنازلات التي قدمتها خاصة انها لم تحقق ما كانت ترنوا اليه(..) الصراع الآن حول اقتسام الضفة الغربية".
انحياز أعمى
من جهته، أكدّ د. علي هويدي مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان، أنّ الاتفاق تعبير صارخ حول الانحيار الأمريكي للاحتلال، "وهناك تواطؤ كامل تجاه تصفية القضية الفلسطينية بكل عناوينها".
وقال هويدي خلال مداخلته إنّ "ترامب دخل في حالة تماهي مع المشروع الصهيوني، فيما تنطلق القيادة الفلسطينية من مقاربة خاطئة مع الإدارة الامريكية الجديدة".
وأوضح هويدي أن الإدارة الامريكية الجديدة يسارع اليها الفلسطينيون لابداء حسن النية، "في ظل تناسي انحياز الولايات المتحدة من حيث التعريف والتجربة لصالح الاحتلال".
ولفت للموقف الأمريكي تاريخيا في انحيازه لإسرائيل بالنسبة لقضية اللاجئين، بدءًا من عهد إدارة وينسون التي باركت وعد بلفور، مرورا بانحياز عهد ترومن.
وبين أن الرؤية الأمريكية في عهد ترامب انطلقت من 3 حلول في التعامل مع قضية اللاجئين، "استيعابهم في الدول المقيمة، أو استيعاب مجلس التعاون الإسلامي لـ5 آلاف لاجئ على مدار أعوام متكررة، أواستيعابهم في دولة فلسطينية محتملة مع الأخذ بعين النظر المخاوف الإسرائيلية".
لا جديد
د. طارق الحمود مدير مركز العودة، أكدّ من جانبه، أن هذا الاتفاق وقع بنصوص مشابهة قبل ذلك، دون أن يجري الإعلان عنها او الالتفات اليها.
وذكر الحمود أنّ هذا الاتفاق يأتي بعد محاولة أمريكية في عهد ترامب تصفية قضية اللاجئين عبر استراتيجية ما سميت بـ"صفقة القرن".
وأوضح أن الإدارة الجديدة بموجب اتفاقها، تتعامل مع قضية اللاجئين على أنها حل أمني وليس إنساني.
وأضاف: "المهم تقديم الخدمات دون أن يعبر اللاجئ عن أي حق له، وتصريف اهتماماته في مسارات لا علاقة لها بقضيته".
ونبه لمحاولات أمريكية قديمة جديدة تجاه تحويل قضية اللاجئين من دولية الى إقليمية.
وأكدّ أن سبل المواجهة تتمثل في تكاملية الدور الفلسطيني بين شتى نخبه ومستوياته، في الداخل والخارج لمواجهة هذه المخططات.