قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حديث عباس عن شاليط معيب

 

مصطفى الصواف

صدق محمود عباس عندما أكد للرئيس الألماني كريستيان فولف  خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الطرفين خلال زيارة الأخير إلى بيت لحم، بأن موضوع الجندي الأسير شاليط ليس له أي تأثير على حركة حماس في ما يتعلق بموضوع شاليط.

ولولا هذه الحقيقة التي قالها عباس وهو أن لا تأثير له على حركة حماس فيما يتعلق بموضوع اسر شاليط لما بقي في الأسر، خاصة لو علمنا أن عباس طلب من حركة حماس بعد عملية الأسر أن تسلمه شاليط ليفرج عنه أو يطلق سراحه ومن ثم يطالب إسرائيل بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بناء على حسن النوايا الذي اعتمد عليه عباس في اتفاق أوسلو الذي لم يثير فيه قضية الآلاف الأسرى الفلسطينيين.

وهذه هي سياسة عباس وحكومته في التعامل مع المستوطنين وجنود الاحتلال عند دخولهم الأراضي الفلسطينية سواء بهدف الاعتداء أو تحت ذريعة أنهم ضلوا الطريق، فيقوم بتأمين حياتهم واستضافتهم ومن ثم تسليمهم، وهو يفترض أيضا حسن النية، بينما قوات الاحتلال تفترض سوء النية وعندما يقترب أي فلسطيني حتى لو كان مختلا عقليا حدا معينا يعتبر عند قوات الاحتلال انه يهدد أمنها وتتعامل معه بإطلاق النار والقتل المباشر.

الأهم من صدق عباس في هذه الجزئية هو أنه يتجاوز كل المشاعر الفلسطينية ويطالب بإطلاق سراح شاليط، وعدم ربط المطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بقضية شاليط، الأمر الذي سيشكل صدمة كبيرة للأسرى وذويهم ويظهر مدى الانحياز من قبل عباس لشاليط على حساب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال خاصة أولئك الذين امضوا عشرات السنوات داخل سجون الاحتلال ونسيهم عباس وهو يوقع اتفاق أوسلو.

كان الأجدر بعباس أن يطالب الرئيس الألماني بالضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل الاستجابة لمطالب القوى الآسرة لشاليط حتى يتم الإفراج عن شاليط الجندي الذي اسر وهو في دبابته خلال جريمة قصف تجاه قطاع غزة وفي عملية عسكرية بطولية، وليس عبر القرصنة أو الاختطاف الذي تمارسه قوات الاحتلال.

إن الواجب كان يتطلب من عباس أن يذكر الرئيس الألماني الذي طالب بالإفراج عن شاليط دون دعوة إسرائيل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين،وأن يدعوه إلى التوازن والإنصاف والنظر إلى الطرفين بنفس الطريقة وبميزان واحد،  بل وصل الأمر بالرئيس الألماني أن زار خيمة الاعتصام لعائلة شاليط في القدس ولم يفكر في الالتقاء بعوائل الأسرى الفلسطينيين ممن امضوا أكثر من ثلاثين عاما خلف قضبان السجون الصهيونية.

قضية الأسرى الفلسطينيين لا تحتمل مجاملات عباس وحياديته ومثل هذا الحديث الذي تحدث به أمام الإعلام فيه اهانة لقضية هي من أقدس القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني، خاصة أن جرائم الاعتقال يكتوي منها عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من الفلسطينيين، وحديث مثل هذا ممن يعتبر نفسه على قمة هرم السلطة هو حديث معيب ولا يخدم قضية الأسرى ويدلل على استهتار من قبل عباس بهذه القضية.

 

البث المباشر