مضت ست سنوات والأسيرة إسراء جعابيص -35 عاما- تئن بصمت داخل زنزانتها، لكنها لم تعد تحتمل الألم الذي حاولت إخفاءه عن عائلتها فصرخت برسالة لعائلتها "لم أعد أحتمل الوجع (..) احكوا للعالم ما ينسوني"، كما طالبت بتفعيل قضيتها أكثر والعمل عن الإفراج عنها.
منذ لحظة اعتقالها لم تكن حكايتها تشبه أي معاناة داخل السجون الإسرائيلية، حينها اتهمها جنود الاحتلال بأنها تعمدت اختراق الحاجز العسكري الإسرائيلي أو تنفيذ عملية، فأطلقوا النار على سيارتها التي احتوت أنبوبة غاز لتشتعل النار في 60% من جسدها، وتنقلب حياتها رأساً على عقب.
تبدلت ملامح المقدسية الجعابيص ابنة جبل المكبر، فأصيبت بحروق من الدرجة الثالثة محت جزءاً كبيراً من ملامحها وساحت أطرافها، ومع ذلك لم تشفع الحروق لها فأخذت حكماً 11 عاما، والتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن وقتل يهود خلال تفجير أنبوبة غاز.
ومنذ اعتقالها تقبع الجعابيص في سجن "الدامون" وتعاني من إهمال طبي وحرمان من تلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية الضرورية للتخفيف من وجعها وذلك بشكل متعمد من مصلحة السجون. ورغم الظروف الصحية القاسية التي تعيشها الجعابيص داخل زنزانتها، إلا أن لديها قوة وإرادة كانت تدهش الأسيرات، فهي ابتكرت أساليب تسهل عليها العمل فتعلمت مسك الإبرة بطريقة لا تؤذي نفسها، وتحدت نفسها في مسك القلم فهي قد تستغرق ثلاثة أيام لكتابة رسالة لذويها أو ابنها الوحيد معتصم.
وأكثر ما يوجع اسراء غياب ابنها، وتقول في احدى رسائلها التي تنقلها "الرسالة": كنت بفكر إني لما أروّح بكون معتصم ابني شب، وأنا نفسي أشوفه وهو يكبر (..) وأحسس على وجهه وهو ناعم بدون شوارب ولا لحية ولا خشونة في صوته (..) متخيلين بطلع بلاقي شواربه ولحيته طالعين، وأنا تركته طفل!.
وانتشر فيديو لابنها المعتصم -12 عاما – يحكي فيه "محروم من أمي منذ 6 سنوات، وكل طفل بيروح على بيته يلاقي أمه، أنا لأ، بناشد العالم الحر يعالجوا أمي وما يحرموني منها".
بينما نشرت شقيقته "رلى" عبر فيسبوك صورة لوالدتها وهي تحمل صورة شقيقتها "إسراء" وكتبت "هل سبق أن شاهدتم والدة الأسيرة الجعابيص التي تتألم بصمت خلف كواليس الحرمان من حضن ابنتها لقرابة 6 سنوات، أين نحن؟ وإلى أين وصلنا؟ هذه الأم كلما زارت ابنتها تتجدد مشاعر الألم، كلما حدقت بفلذة كبدها، سامحينا لقد خذلناكِ".
أما والدها رياض الرجل الستيني، يدرك الظلم الذي وقع على ابنته داخل السجن لكن في ذات الوقت يردد "فلسطين مش كتير عليها نفديها بأولادنا".
تقاطعه ابنته منى التي أخبرت بأن شقيقتها دوما تردد عليها أثناء الزيارات أن تخبر العالم بعدم نسيانها، وأنها تتألم كثيرا رغم محاولاتها تخطي كل شيء لكنها تواجه الصعاب.
وانطلقت قبل أيام حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتذكير بقضية إسراء الجعابيص وحقها في العلاج وإجراء العمليات اللازمة، وتفاعل النشطاء عبر تويتر وفيسبوك بنشر حكاية ألمها بالكلمة والصورة ولاقت رواجاً في العالم العربي الذي بحث وتعرف أكثر على الأسيرة التي حاول الاحتلال تشويهها لكنها شوهت صورته أمام كل الضمائر الحية.