من سجن جلبوع خرج قبل أيام الأسير فراس محمود خليفة من مخيم نور شمس في طولكرم بعد قضاءه حكم بأربعة أعوام، بالإضافة إلى اثني عشر عاما قضاها في سجون متفرقة.
ووفقا للأسير المحرر فإن الأوضاع في جلبوع وما حدث ما بعد فرار الأسرى الستة قد فاق الخيال، فإدارة السجون نكلت بالأسرى أشد تنكيل وحولت حياتهم في ساعات قليلة إلى جحيم.
يصف خليفة ذلك اليوم: "في يوم السادس من سبتمبر وفي السادسة صباحاً تبدأ ساعة الرياضة الصباحية فيسمح لنا بالخروج من الزنازين، وفي ذلك الوقت لم يسمح لنا، وفجأة سمعنا عن خبر فرار ستة أسرى، فبدأت الفرحة الممزوجة بالعذاب".
بدأت حملات التفتيش المكثفة، حملة تفتيش مفاجئة كل عشر دقائق أو ربع ساعة، أغلق السجانون كل المرافق العامة، والكانتين، والمغاسل والمطابخ التابعة لكل قسم في جلبوع.
يقول جربوع عما حدث:" كنت في قسم 1 والأسرى الستة كانوا في قسم رقم 2، وفي ذلك اليوم الذي حفر فيه النفق بالملعقة انتشر خبر الفرح بين أسرى جلبوع، وهم يعلمون تمام العلم أنهم سيدفعون ثمناً غالياً جراء الفرار.
ولكنهم رغم كل شيء شعروا بما يدور في قلوب الفارين الستة، لأنه هو ذاته ما يدور في قلوبهم يتابع: "حينما نفكر في خطوة للفرار، لا يكون هدفنا فقط الحرية، فالأسير مناضل نفيعات لم يتبق من محكوميته الكثير، ولو صبر لأفرج عنه، لكن الأسرى لا يترددون إذا سنحت لهم الفرصة أن يكسروا أنف الاحتلال".
وهكذا كان الهدف من العملية وفق الأسير وهو قلب تلك النتيجة التي حدثت، كسر الصورة التي رسمها العالم عن ذلك الاحتلال الذي لا يقهر، والجيش الجبار والمعتقل المحصن بأشد التحصينات وكأنه يقول للعالم: "ها نحن نجحنا في الحفر أسفل الحصن واستطعنا الفرار، وبلغة الأسير: "بالعامية، دعسوا على روسهم، وهذا ما جعل الاحتلال يثور على الأسرى".
يعاني الأسرى في سجن جلبوع من ظروف صعبة وسط الإهمال المتعمد من سلطات الاحتلال، خاصة بعد ما عرفوا من إدارة سجن الاحتلال أن هناك نفقاً آخر قيد العمل خارج النفق الذي نجح الستة في الوصول الى نهايته.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين قد أشارت منذ بداية القصة إلى سوء الأوضاع في سجن جلبوع، حيث يتعرض الأسرى إلى "أقسى أشكال التنكيل من إدارة السجون الإسرائيلية فمنهم من "يعاني من أمراضاً مزمنة وخطيرة دون الاكتراث بهم".
ولكن الأمر زاد سوءا في" الخزانة" كما يطلق الأسير خليفة على سجن جلبوع، وهو مصمم كالخزانة فعلا كما وصفه.
ويضيف: "وُزع الأسرى على سجن النقب وريمون ونفحة بعد يومين من الاستفزاز وانتهاك حقوق الأسرى والمواجهات التي حدثت داخل الأسر، خاصة حينما رشق أحد الأسرى السجانين بالماء الساخن، فزادت قوات القمع ودخلت وحدات اليمام وعذبت الأسرى بشكل لم تره الحركة الأسيرة من قبل.
نُقل بقية الأسرى إلى سجن شطة، دون أن يأخذوا أياً من مقتنياتهم الشخصية، بملابس نومهم، تركوا أغراضهم، صورهم، أوراقهم، ملابسهم، ونُقلوا بشكل اجباري، فأقدموا على حرق الزنازين قبل أن يتركوا جلبوع.
أجمل ما لاحظه خليفة بعد هذه التجربة هي أن كل الحركة الأسيرة توحدت، فكل البيانات تنزل باسم الحركة الأسيرة، كل الأحزاب في الاعتقال توحدت.