شهدت الأيام الأخيرة توترا كبيرا في صفوف الأسرى في سجون الاحتلال، عقب عملية نفق الحرية التي تحرر خلالها ستة أسرى من سجن جلبوع، وشن الاحتلال بعدها حملة انتقامية شرسة ضد الأسرى.
حالة التوتر الشديد دفعت الأسرى للتحضير لمعركة كبيرة وإعلان الإضراب عن الطعام في جميع السجون، حيث أعلن 1380 أسيرًا أنهم سيشرعون بإضراب مفتوح عن الطعام الجمعة المقبلة، تحت شعار (معركة الدفاع عن الحق)، لكن استجابة مصلحة السجون لمطالب الأسرى بوقف الإجراءات الانتقامية والعودة بالأوضاع داخل السجون كما كانت قبل عملية نفق الحرية جعلت الأسرى يوقفون المعركة.
وللمرة الأولى تستجيب مصلحة السجون لمطالب الأسرى قبل بدء الإضراب، وكان الأسرى في فترات سابقة يخوضون معارك ضارية مع إدارة مصلحة السجون قبل انتزاع مطالبهم.
ونقل مكتب إعلام الأسرى عن الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال قولها "تراجع الاحتلال عن خطواته المتطرفة بعد نفق الحرية وما زلنا في خضم وذروة المعركة وإن كنا أعطينا فرصة لأجل الوصول لحل لما تبقى من إجراءات ظالمة فإن ذلك لا يعني عدم الذهاب للخيار الاستراتيجي وهو الإضراب المفتوح عن الطعام في أي لحظة نجد ذلك ضرورياً، وعليه المطلوب من الجميع إبقاء الاهتمام والأضواء مسلطة على ساحة السجون".
سرعة استجابة الاحتلال لمطالب الأسرى مرتبط بشكل أساس بحالة الغليان الذي تشهدها الأراضي الفلسطينية، والتضامن والإسناد الكبير الذي تحظى به قضية الأسرى والذي تضاعف عقب عملية النفق، حيث بات ملف الأسرى يشكل صاعق تفجير للمنطقة، وهو ما يخشاه الاحتلال.
وقد شهدت الأيام الأخيرة تظاهرات وحراكا شعبيا دعماً للأسرى إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت قضية الاسرى تستحوذ على الاهتمام الأكبر فيها، حيث يتناقل الفلسطينيون كل خبر متعلق بالأسرى سواء داخل السجون وأوضاعهم اليومية أو أسرى نفق الحرية، وهذه المواقع تشهد حالة تجييش كبيرة لدعم الأسرى.
ويدرك الاحتلال أن انتفاضة الأسرى داخل السجون، مثلما جرت بعض ارهاصاتها في الأيام الماضية مثل حرق الغرف وسكب الماء الساخن على السجان، تشكل عامل تفجير للأوضاع خاصة في الضفة الغربية التي تغلي منذ فترة، وصاحبة النصيب الأكبر من الأسرى في السجون كافة.
من ناحية أخرى شكلت رسالة أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام دعما للأسرى، عندما قال "إن إعادة اعتقال أبطال نفق الحرية لا يحجب حقيقة عملهم المشرف، ولن يخفي حجم الخزي والعار الذي لحق بالمؤسسة الأمنية الصهيونية"، لافتا إلى أنهم سيكونون على رأس قائمة الحركة للتحرير في أول صفقة تبادل مع الاحتلال.
تصريحات أبو عبيدة أعادت الأمل للأسرى وذويهم بشمولهم بأي صفقة تبادل قادمة بين المقاومة والاحتلال، وهي رسالة إسناد مهمة للأسرى بأنهم ليسوا وحدهم في معركتهم للتحرر من الأسر والخروج من السجون الإسرائيلية.
كما عكست رسالة أبو عبيدة إصرار المقاومة على بذل الجهود المكثفة من أجل تنفيذ الصفقة، واشتراط وجود الأسرى الأحرار الستة لن يؤثر على سير المفاوضات بل إنها على العكس سوف تعززها.
وفي سياق آخر، فإن نفتالي بينيت الذي يقود حكومة هشة وضعيفة وتواجه خطر التفكك، لن يغامر بانهيار حكومته، نتيجة التصعيد ضد الأسرى، بل سيحاول امتصاص حالة الغضب الكبيرة والانتقادات الحادة التي تواجهها حكومته بعد فضيحة الفشل الأمني والاستخباري الكبير الذي مني به نتيجة عملية نفق الحرية، بتشديد الإجراءات الأمنية في السجون دون الاصطدام مع الأسرى.
من ناحية أخرى لا يرغب بينيت في أن تؤثر حالة التوتر في السجون على تحركات الوسطاء، سواء المرتبطة بتثبيت وقف إطلاق النار والتسهيلات في غزة، أو ملف الصفقة، والتي لا يمكن أن تتقدم في ظل تعرض الأسرى للقمع.
كما يدرك بينيت أن المقاومة لن تصمت أمام أي اعتداء أو تصعيد ضد الأسرى وهذا ما اتضح من رسالة أبو عبيدة، وبالتالي فإن التصعيد في السجون سيجر بالتأكيد إلى تصعيد في الضفة وغزة، وهو ما يخشاه الاحتلال.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أفادت بأن قادة الحركة الأسيرة أكدوا أن نوعا من الهدوء والاستقرار عاد إلى السجون والمعتقلات، وأنه تم إعادة نسبة كبيرة من حقوق الأسرى التي تم سحبها بعد عملية الهروب نحو الحرية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يكفل عودة الحياة اليومية للأسرى إلى ما كانت عليه قبل الخامس من الشهر الحالي.
وأشارت الهيئة إلى أن الحركة الأسيرة موحدة اليوم في هذه المعركة، وأن التراجع عن البرنامج التصعيدي يكون بعودة حقوق الأسرى بالكامل وعلى رأسها عودة أسرى حركة الجهاد الإسلامي إلى وضعهم الطبيعي، ولن يتم القبول بالمساس أو التفرد بهم.