دفع الثمن.. كلمة السر لإتمام صفقة تبادل

الرسالة نت- محمود فودة

تسارعت التصريحات الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في الأيام القليلة الماضية، حول صفقة تبادل الأسرى، ينهي فيها الاحتلال ملف جنوده المأسورين بغزة، مقابل إفراج الاحتلال عن آلاف الأسرى من سجونه.

وثمة ظروف حدثت مؤخراً، تدفع الطرفين تجاه مسار مفاوضات الصفقة، في مقدمتها الوضع الميداني الملتهب في قطاع غزة والضفة الغربية، وكذلك تحسن العلاقات المصرية مع الاحتلال من جهة ومع حماس من جهة أخرى، وما نتج عن ذلك من لقاء للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت.

ومن تلك الظروف حالة الغليان التي تسود سجون الاحتلال في أعقاب عملية نفق الحرية التي انتزع فيها ستة أسرى فلسطينيين حريتهم قبل أسبوعين، عدا عن رغبة الاحتلال في إنهاء الملف في ظل ضغط عوائل المأسورين في غزة على الحكومة خلال الفترة الأخيرة.

ويضاف إلى ما سبق، رغبة الاحتلال في إنهاء "صداع غزة" الذي لا حل له سوى تنفيذ مطالب القطاع في العيش بحرية وكرامة، والتي تتأتى من خلال فك الحصار، وهذا مرتبط بإنهاء ملف الأسرى من وجهة نظر الاحتلال.

وتتصاعد الآراء الإسرائيلية والإقليمية وكذلك الدولية في اتجاه إيجاد حل جذري لغزة، وهذا ما ظهر جليًا من خطة يائير لابيد وزير خارجية الاحتلال "الاقتصاد مقابل الأمن".

حماس من جهتها تولي الملف أهمية كبيرة، لا سيما في ظل معاناة الأسرى مع السجان الإسرائيلي، وهذا ما يؤكده تصريح مسؤول ملف الأسرى في الحركة عضو المكتب السياسي زاهر جبارين، الذي قال إن الحركة قدمت للوسطاء خارطة طريق واضحة لصفقة تبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن الكرة الآن في ملعب الاحتلال.

وأكد جبارين أن قيادة حماس تتابع موضوع الأسرى على مدار سنوات، ويولي الجناح العسكري للحركة ملف الأسرى اهتمامًا خاصًا، مبينًا أنه على سلم أولويات الحركة وحاضر في اجتماعاتها، كما أن من أولوياتها أصحاب الأحكام العالية.

ونوه جبارين إلى أن الاحتلال حاول أكثر من مرة ربط ما يجري في غزة والتقدم في عملية الإعمار بملف أسراه في القطاع، مشددًا على أن حماس أفشلت ذلك بعد أن رفضته رفضًا قاطعًا، وأبلغت كل الوسطاء باستحالة ربط الملفين ببعضهما، موضحًا أن الاحتلال غير واضح في نواياه، فأحيانًا يتقدم خطوة أو خطوتين ويتراجع ثلاثًا أخرى.

وفي المقابل، كانت تصريحات نفتالي بينت في رده على سؤال حول إذا كان يوافق على صفقة تبادل أسرى، فقال إن ذلك يعتمد على الظروف، وأنه في ظل ظروف معينة فإنه يوافق على هذه الصفقة، وفي ظروف أخرى لا يوافق، مؤكدا أنه عارض ويعارض على الدوام إطلاق سراح أسرى "أيديهم ملطخة بدماء إسرائيليين"، على حد وصفه.

واستدرك بقوله: "أنا لا ألتزم أن تكون إعادة إعمار قطاع غزة مشروطة بصفقة الأسرى والمفقودين، وأنا لا أفرج عن قتلة ملطخة أيديهم بالدماء، كما أنني لا أتعهد بعدم الإفراج عن الأسرى الأمنيين كجزء من صفقة".

وفي ظل الجهد المصري الواضح في إنجاز ملفات الهدوء وصفقة تبادل الأسرى، كان لا بد من التركيز على حضور مسؤول ملف الأسرى والمفقودين في حكومة الاحتلال في لقاء السيسي ببينت، وكذلك الحضور المتكرر لقيادة حركة حماس لا سيما من قطاع غزة إلى القاهرة.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن آخر التطورات في ملف إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل.

ونقلت قناة "كان" العبرية عن مصادر مصرية قولها إن اجتماعًا قريبًا سيعقد للنظر في إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وحركة حماس، حيث سيعقد الوسطاء اجتماعا مع مسؤولي ملف الأسرى في حكومة الاحتلال للتباحث في الأمر.

وفي التعقيب على ذلك، يقول الخبير العسكري اللواء متقاعد يوسف الشرقاوي إن الظروف التي تبعت عملية نفق الحرية، والتطورات الميدانية في غزة والضفة، باتت أكثر نضجًا ومواءمةً للبدء في تفاوض تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال.

وأضاف الشرقاوي في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تسعى بكل جهدها إلى تحقيق إنجازات ملموسة فشل نتنياهو في تحقيقها، ومنها الإفراج عن الجنود المأسورين في غزة، وهذا ملف يلامس المجتمع الإسرائيلي بشكل عميق، وله أهمية لديهم.

وأوضح أن استمرار تمسك المقاومة الفلسطينية بشروطها لبدء التفاوض وتنفيذ الصفقة، من قبيل الإفراج عن أسرى صفقة شاليط، والأسرى الستة من سجون جلبوع، والتنويع في أصحاب المحكوميات العالية من كافة التنظيمات، يمثل عامل قوة للمقاومة في مواجهة الاحتلال على طاولة التفاوض خلال المرحلة المقبلة.

ودعا الشرقاوي المقاومة إلى البحث عن وسطاء ذوي ثقل سياسي ودولي يمكنهم من خلاله إلزام الاحتلال بكل تفاصيل الصفقة، قائلا: "أشعر أن هناك ثمة حيلة إسرائيلية ستمرر على المقاومة الفلسطينية من خلال المسار الحالي، وبالتالي أنصح بالبحث عن وسطاء أوروبيين كالألمان مثلا، فهم أصحاب خبرة واسعة ولهم سهم في تحقيق صفقة شاليط سابقا".

من جهته، قال المختص في الشؤون الإسرائيلية أيمن الرفاتي: "من الواضح أن مباحثات تبادل الأسرى بين حركة حماس ودولة الاحتلال بدأت تتطور خلال الفترة الأخيرة بشكل واضح ووصلت مرحلة متقدمة من الطرف الفلسطيني الذي قدم شروطه وخارطة طريق تتضمن الوصول لصفقة تبادل تضم آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل 4 جنود إسرائيليين".

وأضاف الرفاتي في اتصال هاتفي مع "الرسالة: "العائق الأساسي في تقدمها هو الموقف الإسرائيلي الداخلي والمتعلق بالحكومة الاسرائيلية التي تماطل ولا ترغب بتقديم الثمن المطلوب.

ويرى أن تقديم الفلسطينيين لخارطة طريق أمام الاحتلال لإتمام هذه الصفقة ربما يكون لتسهيل عمليات التفاوض مع الاحتلال وتجاوز التعقيدات التي تتحجج بها دولة الاحتلال، وخاصة خشية الاحتلال أن يكون من بين الأسرى جثث، وعليه تقدم حركة حماس خطة يمكن من خلالها الذهاب نحو صفقة بمرحلة واحدة أو بعدة مراحل".

وأوضح الرفاتي أن هناك محاولة للهروب من دفع استحقاق صفقة التبادل من الاحتلال، وربما تأتي تصريحات بينت بعد يوم من مهاجمة عائلات الجنود له بشكل حاد ومطالبتهم بإقالة مسئول ملف الجنود الأسرى في حكومة الاحتلال يارون بالوم واتهام الاثنين بأنهما لا يبذلان جهداً لإنهاء هذا الملف.

وأكد أنه كلما زادت الضغوط الداخلية في دولة الاحتلال ومن عائلات الجنود الأسرى تزداد الفرص بإمكانية إحراز تقدم في صفقة التبادل وربما إنهاء الملف بصورة نهائية.

البث المباشر