قائد الطوفان قائد الطوفان

للهروب من الضغط.. الاحتلال يتبنى رؤية جديدة في غزة

الرسالة نت- خاص

تشكل المقاومة في قطاع غزة صداعًا كبيرًا للاحتلال الإسرائيلي، وأزمة مستمرة، الذي لا يملك رؤية واضحة لكيفية التعامل مع القطاع، خاصة وأن المقاومة تعزز من قدراتها باستمرار وتظهر في كل معركة تراكم أداءها بشكل ملفت.

وقد أثبتت معركة سيف القدس في مايو الماضي أن المقاومة في غزة لم يعد هدفها الدفاع عن شعبها في غزة بل باتت حامية للمشروع الوطني وقضايا الجوهرية.

وتطرق تال لف رام المحلل السياسي في صحيفة يديعوت، إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها جبهة غزة وما تخللها من إطلاق عشرات الصواريخ تجاه مستوطنات الغلاف والرد " الإسرائيلي" الضعيف.

وأشار إلى أن حكومته اكتفت بسياسة إطفاء الحرائق وتبنت سياسة ضبط النفس حسب توصيات المستوى العسكري؛ لأنها لا تمتلك رؤية مدروسة ومنظمة للتعامل مع معضلة غزة وأثبتت بأنها غير مؤهلة للقيام بعمل عسكري أمام غزة.

واعتبر تال لف رام أن غياب رؤية "إسرائيل" مع غزة جعل حماس تسجل انتصارا استراتيجيا والتأكيد أن الإنجازات تؤخذ من الاحتلال بالقوة، خصوصا بعد تراجع " إسرائيل" وإزالة الحواجز من باب العامود.

تحليل يديعوت يأتي امتدادا لحالة واسعة من الانتقادات التي لا تتوقف ضد قادة حكومة الاحتلال منذ سيف القدس، حيث يصف المحللون والكتاب "الإسرائيليون" الحكومة بأنها دون أي رؤية للصراع أو خطة للتعامل مع المقاومة وحماس في غزة والضفة الغربية.

وتحاول قيادات حكومة الاحتلال مؤخرا البحث عن صيغة لرؤية سياسية وحلول للأزمة التي تواجهها أمام المقاومة وغزة، وقد تركز الخطاب تجاه الملف الفلسطيني في هذا الإطار، وهي أحد أهم استنتاجات سيف القدس.

ويتحدث الاحتلال صراحة منذ سنوات أن الحصار والضغط المالي والاقتصادي على قطاع غزة لم يثمر أو يحقق أي أهداف، وعلى العكس فإن المقاومة تزداد قوة ومع كل معركة تخوضها تخرج بتأييد شعبي أوسع.

من ناحية أخرى فإن حالة الضغط الميداني الذي شهدته غزة الشهر الماضي شكلت حالة من الاستنزاف للاحتلال، وتأكيد على أن منظومة الدرع لديه انهارت في غزة، ما دفع حكومة الاحتلال للبحث عن استراتيجية مختلفة للتعامل مع القطاع.

ومن المعروف أن المستوى العسكري والأمني لدى الاحتلال يقدم توصيات منذ سنوات بأن أي عمل عسكري في غزة لن يحل المعضلة القائمة وستعود الأمور لما كانت عليه، بينما تمسك المستوى السياسي برؤيته المتخبطة والتي تتجه نحو المزيد من الضغط تارة وتقديم بعض التسهيلات تارة أخرى، ولكن دون رؤية شاملة تحقق هدوء طويل الأمد كما يرغب الاحتلال.

لذا ترجح التقديرات أن الاحتلال قد يتجه نحو تغيير قواعد اللعبة في التعامل مع غزة، وفي هذا السياق طرح يائير لابيد وزير خارجية الاحتلال ورئيس حكومته البديل خطة لتسوية طويلة في غزة عنوانها "الاقتصاد مقابل الأمن"، والتي أعلن كل من رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت ووزير الحرب بيني غانتس موافقتهما على مبدأ الخطة.

التغيير في المستوى السياسي والعسكري مؤشر هام ويعبر عن حالة كي وعي لدى القيادة "الإسرائيلية"، ويشكل اعتراف بتآكل قدرة الردع الصهيونية أمام المقاومة، ويبحث عن وسائل لاحتواء المواجهة بعد فشل الخيارات العسكرية، والتخلي عن شروطه السابقة بنزع سلاح المقاومة قبل أي تسوية طويلة الأمد.

من ناحية أخرى يدرك الاحتلال أن أي تسوية في غزة ستضعف السلطة أكثر وتؤدي للمزيد من التهميش لدورها، لذا يحاول اللعب على التناقضات الداخلية الفلسطينية والبحث عن دور وظيفي للسلطة في غزة.

الخطة التي يحاول الاحتلال ترويجها على أنها رؤية إسرائيلية تأتي نتيجة أزمته الكبيرة وعجزه عن مواجهة حالة الاشتباك والضغط المستمر في القطاع، فقد استطاعت المقاومة انتزاع حقوق شعبها، وتمارس المزيد من الضغط للحصول على استحقاقات التهدئة، والتي يحاول الاحتلال أن يغلفها بخطة من طرفه، حتى لا يتلقى المزيد من الانتقادات والتي تتهم الحكومة بأنها تخضع للمقاومة في غزة.

ولا يمكن عزل المشهد العام عن الرؤية الأمريكية الجديدة تجاه الملف الفلسطيني وتخفيف حدة الأزمات في الشرق الأوسط.

البث المباشر