أظهر استطلاع للرأي نُشرت نتائجه الثلاثاء أن 78% من المشاركين يريدون من عباس الاستقالة في نسبة غير مسبوقة، بينما 73% غير راضين عن أدائه، وما نسبته 73% تريد انتخابات تشريعية ورئاسية.
وجرى هذا الاستطلاع في الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة بين 15-18 أيلول سبتمبر 2021.
وتشكل نتائج استطلاع الرأي الأسوأ على الإطلاق لرئيس السلطة محمود عباس، وتأتي نتيجة طبيعية لسياسته التي ينتهجها منذ توليه الرئاسة عام 2005.
وسبق الفترة التي جرى فيها الاستطلاع مجموعة من التطورات كان أهمها معركة سيف القدس ومقتل الناشط السياسي نزار بنات بعد اعتقاله وضربه لدى أجهزة الأمن الفلسطينية، وخروج مظاهرات شعبية واسعة مناهضة للسلطة على خلفية ذلك الحادث، وهروب ستة أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع وإعادة اعتقالهم.
كما كشف الاستطلاع تراجعا كبيرا في نسبة التصويت لعباس في حال ترشح للانتخابات الرئاسية حيث سيصوت له 34% فقط، مقارنة بـ56% سيصوتون لرئيس حركة حماس إسماعيل هنية.
الاستطلاع يكشف عن حالة من السخط الشعبي الكبير ضد أبو مازن، وهناك الكثير من الدوافع التي تفسرها:
أولاً: فشل مشروعه السياسي، فقد جرّ الرجل الثمانيني الفلسطينيين إلى دوامة من الوهم والعبث في رحلة الوصول إلى دولة على الورق، تلك الرحلة التي بدأت من أوسلو 1993، ومر عليها 28 عاماً من الاستجداء والمراهنة على الاحتلال، وأدت لضياع جزء كبير من الأرض الفلسطينية، وخلق دولة للمستوطنين في أراضي الضفة الغربية، تقضي على أي أفق لدولة فلسطينية.
ثانياً: قدّس التنسيق الأمني الذي يدفع الفلسطينيون ثمنه غالياً خاصة في الضفة الغربية، التي حولها إلى مدن مستباحة أمام قوات الاحتلال، تنفذ عمليات تصفية وقتل واعتقال وملاحقة تحت عين أجهزته الأمنية وبتنسيق مسبق معها.
ثالثاً: هيمن على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية واستشرى الفساد في كل مؤسسات السلطة، حتى باتت الثانية على الدول العربية في مؤشر الدول الأكثر فساداً.
رابعاً: شهد عهد عباس حالة غير مسبوقة من الانقسام والاقصاء والتفرد، وتعامل بعنجهية مع الفلسطينيين مقابل التذلل للاحتلال "الإسرائيلي".
خامساً: عطل العملية الديمقراطية على مدار 12 عاماً ليضمن استمرار هيمنته على السلطة، وتلاعب بالقوانين لتفصيل انتخابات على مقاسه.
وألغى عباس الانتخابات البلدية في العام 2016، والانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني هذا العام، في خطوة أشعلت غضب الشارع الفلسطيني الذي يتوق للتغيير، وهي أحد أهم أسباب السخط عليه.
سادساً: تعامل مع الفلسطينيين بالقبضة الحديدية فمنع المقاومة واعتقل المقاومين وسلم أعدادا منهم للاحتلال، فيما وشى بالبقية وساعد الاحتلال في الوصول إليهم عبر المعلومات والإجراءات التي يتخذها لحماية الاحتلال ومستوطنيه.
وقمع عباس بعنف كل الاحتجاجات التي خرجت في المدن الفلسطينية تطالب بإصلاحات وتغييرات، وآخرها تلك التي خرجت للمطالبة بمحاكمة قتلة الناشط والمعارض السياسي نزار بنات.
سابعاً: فرض عقوبات غير مسبوقة على قطاع غزة، فاقمت من الأزمة الإنسانية والاقتصادية، وهي تتماشى مع دوره في الحصار المفروض على غزة.
وتجرأ عباس للمرة الأولى على قطع مخصصات ذوي الشهداء والجرحى إلى جانب رواتب الأسرى والمحررين، وهي قضايا وطنية من الدرجة الأولى لم يجرؤ أحد على المساس بها سابقاً.
ثامناً: ظهر الحجم الحقيقي لعباس وسلطته خلال معركة سيف القدس التي خاضها الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده بأدواته، فيما اختفت فجأة السلطة ومن يقودها، ما عكس حجم الضعف الذي تعاني منه وأنها معزولة بالكامل عن الشعب الفلسطيني وتطلعاته.