قائمة الموقع

لتعليم إلكتروني فعال.. فلسطين تحتاج خطة شاملة موحدة

2021-09-27T20:34:00+03:00
ارشيفية
الرسالة نت-ياسمين السلفيتي

مجبرٌ أخاك لا بطل، هذا بالضبط هو حال أهل غزة مع نظام التدريس الإلكتروني، حيث كان وما زال يؤرق الكثيرين، فهم يرونه نظاماً غير مجدٍ في ظل تحديات، وظروف صعبة يعيشونها، فالإمكانات اللازمة لنجاح هذا النظام غير متوفرة كما يجب، بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر للكهرباء، وشبكات الإنترنت.

ومع استمرار تحور فيروس كورونا وسرعة تفشيه ما زال هاجس التعليم عن بعد مصدر خوف وأرق يراود الجميع.

"الرسالة نت" حاولت طرح الملف على الطاولة مع أولياء الأمور والتربويون للوصول لتوصيات ترفع مستوى التعليم في حال الإضرار ليكون إلكترونيا خلال الفترة القادمة.

تعليم عن بعد أم بعد عن التعليم؟

لمعرفة مدى تقبل أولياء الأمور لاحتمال عودة التعليم الإلكتروني رصدت "الرسالة" ردود فعل بعض الأمهات حيث ردت وسام حسان على استفسارنا بامتعاض شديد قائلة: "أنا ضد التعليم الإلكتروني وبشدة، هذه مصيبة، بالنسبة لي هذا مش تعليم هذا بعد عن التعليم".

وترى حسان أن تدريس خمسة أبناء في المنزل مهمة غاية في الصعوبة فالأفضل أن يغلقوا كل شئ ويمنعوا التجوال بدلاً من إغلاق المدارس، وترك الأولاد والناس في الشوارع والأسواق والمتنزهات وعلى شاطئ البحر مكدَّسين، موضحة أنها كأم لا تستطيع متابعة الجميع في نفس الوقت وعلى نفس جهاز الجوال".

ولم تكن ردة فعل ريهام سمور الأم لطفلين في المدرسة أفضل من سابقتها حيث رفضت عودة التعليم الإلكتروني قائلة: "أنا ضد التعليم عن بعد، تركيز الطالب مع أمه يختلف عن تركيزه مع المعلمة فهو يرى في المنزل مكاناً للعب "بينبح صوتي على الفاضي"، لم أستفد شيئاً سوى أنني مرضت ومنذ ثلاث شهور وأنا أتلقى العلاج بسبب عصبيتي من تدريسي لهم".

وتابعت: "لم أستطع مجاراة مجموعات –الواتس- وكثرة الواجبات وفي غالب الأحيان كانت حصص الأولاد تتعارض، فكل أولادي يستخدمون نفس جهاز الجوال".

أما نادية اليازجي فحسمت الموضوع قائلة: "أنا ضد التعليم الإلكتروني وبشدة وإذا صدر قرار بالتعليم الإلكتروني الأفضل أن يغلقوا المدارس و"بيكفي وجع قلب وشد أعصاب".

وتابعت: "لم أستطع توصيل المعلومات لأولادي كما يجب على عكس المعلمة التي لديها خبرة وطرق لتوصيل المعلومة".

وأضافت "كان الإلكتروني بالنسبة لهم لعب، وكانوا يحلون واجباتهم بطريقة "نسخ لصق".

** فاقد تعليمي ومستويات متدنية

وبخصوص تقييم عام ونصف من التدريس الإلكتروني تقول ياسمين الطرشاوي مديرة مدرسة فتحي الجرجاوي: "لقد تأثر مستوى الطلبة وبشدة وحدث ما يعرف بالفاقد التعليمي وظهر ذلك جلياً عند تنفيذنا للاختبارات التشخيصية حيث تبين مدى تدني مستويات الطلبة وهذا يدفعنا للعمل على تدريب الطلبة على المهارات الأساسية".

ولأن المرحلة الأساسية من أهم المراحل التي لا يجب التغافل عنها حاورنا بعض المعلمات لمعرفة تقييم مستوى طلبة الابتدائي بعد أكثر من سنة من التعليم عن بعد.

تقول إحدى معلمات المرحلة الأساسية في مدرسة تابعة للأونروا فضلت عدم ذكر اسمها بسبب منع الوكالة: "مستوى الطلاب تدنى كثيراً لدرجة أنهم أصبحوا لا يمتلكون المهارات الأساسية".

وتابعت "للأسف نحن الآن نتعامل مع طلبة الصف الثالث على أنهم في الصف الأول ابتدائي بسبب حصول فاقد تعليمي وفجوة سلوكية كبيرة، فالأولاد فقدوا مفهوم الانضباط والنظام والأم لا يمكن أن تؤدي دور المعلمة؛ فالمعلمة لها أسلوبها الخاص".

كما أكدت معلمة أخرى من معلمات المرحلة الأساسية في مدرسة حكومية على أن مستوى الطلبة قد تدنى بشكل كبير، حيث رأت أن إغلاق المدارس واعتماد التعليم الإلكتروني كارثة، ففي حال الإغلاق فإن السواد الأعظم من الطلبة يهملون التعلم خصوصاً في المرحلة الأساسية.

وأوضحت أنها اختبرت طالبات من الأوائل في مادة الرياضيات فاكتشفت أنهن لم يستطعن حل التمارين.

أحلى المُرَّين

ورغم التحديات والمشاكل التي يواجهها التعليم الإلكتروني إلا أنه يبقى أحد الخيارات التي لا بد منها إذا لزم الأمر، وذلك وفق الدكتور محمود الحمضيات المختص في مجال التربية ومدير جامعة غزة (فرع الشمال).

واعتبر أن الأصل في التعليم أن يكون وجاهياً لأن النمو الشامل في شخصية المتعلم له ثلاثة جوانب، الجانب المعرفي والمهاري ثم الوجداني، مشيراً إلى أن التعليم عن بعد أسقط الجانب الوجداني والمهاري وأبقى على الجانب المعرفي فقط.

ووفق الحمضيات فإن المعرفة لا تتحقق إلا بمعدل 5% في المرحلة الابتدائية، و10% في المرحلة الإعدادية، أما في التعليم الجامعي قد يقفز إلى 35%، لذلك التعليم الإلكتروني لا يفي بالغرض بأي حالٍ من الأحوال.

وأشار المختص في التربية إلى أن التعليم الالكتروني هو الخيار الأفضل من إغلاق المدارس، قائلا: "نحن لا نستطيع إغلاق مدارسنا وجامعاتنا وأمامنا بديلٌ مُر لكنه أحلى المُرَّين".

وفي ذات السياق يقول الدكتور محمود مطر مدير عام الشؤون الإدارية في وزارة التربية والتعليم بغزة إن وزارته أعلنت منذ البداية أن التعليم الإلكتروني ليس بديلاً عن الوجاهي وليس الخيار الأمثل، مضيفا: نحن نعلم تحديات وإشكالات هذا النوع من التعليم خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة".

تحديات أمام التعليم الإلكتروني

الجميع قلق بخصوص عودة التعليم الإلكتروني، وذلك القلق لم يأتِ من فراغ وإنما هناك أسباب كثيرة منها عدم وجود خطة وطنية محكمة يرتكز عليها التعليم الإلكتروني وفق تأكيد الحمضيات

كما يعتبر أن الانقطاع المستمر للكهرباء والإنترنت، وأحياناً عدم قدرة الوالدين على تعليم أبنائهم، وأهم شيء غياب الحياة المدرسية التي يسودها النظام والمسؤولية أسبابا إضافية تدعو للقلق.

فيما يقول الدكتور محمود مطر: "هناك مشاكل وتحديات كثيرة تواجه التعليم الإلكتروني منها ما يتعلق بإمكانات الوزارة ومنها ما يتعلق بإمكانات المجتمع المحلي مثل جودة الإنترنت وسرعته، ولا زلنا نعمل وفق الجيل الثاني، وهذه السرعة ربما لا تلبي احتياجات التعليم عن بعد بشكل كامل، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم توفر الأدوات الحديثة اللازمة لدى الكثيرين".

وبدورها تضيف المديرة ياسمين الطرشاوي بنداً مهماً قائلةً: "نقص الوعي بأهمية التعليم الإلكتروني وضرورته الملحة من أهم العوائق، حيث أن هناك قسما كبيرا من الأهالي والطلبة غير مقتنعين بنظام التعليم عن بعد وبالتالي فهم غير متفاعلين معه، علاوةً على وجود ضعف عام في القدرة على استخدام المهارات التكنولوجية المختلفة من العاملين في مجال التعليم".

توصيات واقتراحات

ورغم المحاولات الجدية لعدم العودة إلى مرحلة التعليم الإلكتروني إلا أن كل الخيارات واردة في ظل تفشي فيروس كورونا وحول ذلك يقول مطر: "نحن نتبنى التعليم المدمج ويبقى التعليم الإلكتروني أحد الخيارات التي نأمل ألا نضطر لها".

كما أكد أن الوزارة اطلعت على تجارب دول مختلفة مثل فنلندا واليابان وهناك مشاريع تتعلق بالتعليم الإلكتروني حالت ظروف غزة الصعبة دون تنفيذها.

ويقترح الدكتور محمود الحمضيات وضع خطة واضحة المعالم تُنفذ على مستوى الوطن بالوتيرة ذاتها وألا تخضع الخطط لمزاجية كل مدرسة على حدة.

ويعتقد الحمضيات أنه من الضروري اختيار مدرسين أكفاء على مستوى الوطن يقومون ببث الدروس إلكترونياً، مع التركيز على المواد الأساسية مثل اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات وإعطائها وقتاً وجهداً أكبر من المواد الأخرى.

ويرى أنه من الضروري استخدام قنوات التلفزة المتاحة في جميع المنازل لبث الدروس على مستوى الوطن ولكل الطلبة وفق نظام وخطة معينة، موضحا أن ما سبق سيمكن جميع الطلبة في أنحاء الوطن من تلقي المعلومات والمعرفة ذاتها بنفس طريقة الشرح وفي نفس الوقت، مع الأخذ في عين الاعتبار التدقيق على أهم المهارات، ويتخلل ذلك حصص مراجعة وصفوف افتراضية تُتيح للطلبة التواصل مع المعلم ومناقشته كأنهم في صف حقيقي".

ونصح الحمضيات بإخضاع المعلمين لدورات مكثفة لتقوية مهاراتهم التكنولوجية وتزويدهم بما هو حديث باستمرار، مشيراً إلى ضرورة توعية أولياء الأمور وإعطائهم توجيهات للتعامل مع أبنائهم بشكل دوري.

وفي النهاية على الجميع الوقوف أمام مسؤولياتهم للارتقاء بالتعليم في كافة الظروف والعمل ليل نهار لضمان سير العملية التعليمية بشكل أفضل.

اخبار ذات صلة