صوت رصاص من بعيد، جنود أمام باب السلسلة يسبقون الصوت، توقف الرصاص فجأة، لا جديد، إعدام بدم بارد، هذه المرة إسراء!
صورة واحدة، قفزت في وجهنا نهاية أيلول، أُعلن بعدها عن استشهاد سيدة فلسطينية بنيران جنود الاحتلال قرب باب السلسلة بالبلدة القديمة بالقدس، نزفت حتى فارقت الحياة.
مجرد دقائق حتى أعلنت وزارة الصحة، أن الفلسطينية التي استشهدت هي إسراء خزيمية 30 عاماً، من بلدة قباطية قضاء جنين.
تدريجيًا كان تصلنا المعلومات حول الشهيدة، أدركنا أنها أمًا لأربعة أطفال، ثم فجأة ظهر الصغار أمامنا في صورة يبتسمون، لقطة تذكارية التقطت بعين أمهم، كانت أمامهم، والآن باتت الأم خبرًا، وصورة لجثمان!
"تولين، عامر، ورد، تيم" أسماء أطفالها، هم ملامح وجهها التي لم نراها وهي ممددة على الإسفلت غارقة في دماءها دون منقذ!
إعدام بدم بارد!
عائلة إسراء لا تمتلك أي تفاصيل حول ما جرى وفق تصريحات صحفية لها، ولا تعرف العائلة مكان احتجاز الجثمان، كل ما تعرفه أن شرطة الاحتلال زعمت أن الشهيدة حاولت طعن أحد الضباط.
لم تتوقف عمليات استهداف الفلسطينيين وقتلهم بدم بارد خلال تاريخ الصراع مع المحتل وأحداثه لاسيما خلال انتفاضة القدس، حيث باتت سياسة ثابتة تتبعها قيادة المحتل العسكرية بهدف زرع الرعب وقتل الأمل في الأجيال الفلسطينية الناشئة.
مشهد إسراء على الإسفلت، بأطراف مستلمة، ودماء تروي طريق الحرية دون توقف أخذنا إلى مشاهد سابقة لضحايا أمام بوابات الأقصى وغيرهم العشرات أمام الحواجز العسكرية.
لم تنته الحكاية هنا، غاب النور عن منزل خزيمية، وبقيت نار الفقد، وانتظار الجثمان، وحدهم أهالي الشهداء يدركون معنى انتظار ابنتهم في قالب ثلجي، وحدهم يعلمون قائمة الجثامين المحتجزة منذ انتفاضة القدس عام 2015 التي وصلت لـ 88 جثمانًا!
وفي هذا السياق علق المحامي محمد عليان والد الشهيد بهاء بعد استشهاد ابنة جنين إسراء، "لا تبكوا اسراء، لا تغرقوا صفحاتكم بكتابة النصوص عنها، بل امنحوا جثمانها الدفء وقد انضمت (حتى اللحظة) الى قائمة الشرف التي تقاوم برد الثلاجة وصقيع الموقف".
حزن المآذن!
بلدة قباطية عبرت عن حزنها لفراق ابنتها إسراء عبر مكبرات الصوت في مساجدها، ونعت الفصائل الوطنية الفقيدة، مستحضرين نضال والدها الأسير السابق خالد خزيمية الذي تعرض للاعتقال في الانتفاضة الأولى، وقضى 15 عامًا في سجون الاحتلال.
بدورها نعت حركة المقاومة الإسلامية حماس الشهيد إسراء، مشيرة إلى أن الدماء الطاهرة التي سالت على بوابات المسجد الأقصى، تؤكد أن الأقصى سيظل بوصلة شعبنا، وحمايته، والدفاع عن حرمته وقدسيته، وهو شرف يشارك فيه كل أبناء شعبنا رجالًا ونساءً.
بقي الحاجز هناك، ودماء اسراء على الإسفلت، وغيرها الكثير من الحواجز العسكرية التي تحولت لمصائد لاعتقال الفلسطينيين واذلالهم، أو لقتلهم بحجة جاهزة في كل مرة "محاولة تنفيذ عملية طعن".