صورةٌ عالقةٌ له، يهم بالصلاة على جثمان والدته من خلف الحاجز، لا قُبلة ولا ضمة ولا دمعة تسقط على جبينها!
لم تتوقف الحسرة في حياة وزير الأسرى السابق وصفي قبها عند حرمانه من وداع أمه، بل دفع ثمن جهاده موزعا ما بين اعتقال لــ14 عامًا في سجون الاحتلال مرورًا بإبعاده عام 2010عن قريته "برطعة" بقرار أمني، وليس انتهاءً بإهمال طبي داخل السجون فاقم معاناته مع كورونا الآن!
لم ينته الوجع!
يتداول أصدقاء قبها صوره عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد تفاقم حالته الصحية، صورٌ ذُيل أغلبها بالحديث عن مسيرة نضال النائب في المجلس التشريعي، وثباته وتمرده في كل المعارك، وصورٌ أخرى اكتفى أصحابها بالدعاء له بعد تدهور حالته الصحية إثر إصابته بفايروس كورونا.
لم ننس بعد الألم الذي سكن جسد المهندس قبها قبل أشهر قليلة بسبب معاناته من الحزام الناري، وشعوره بالحمّى والوجع الشديد في أنحاء جسمه، معاناة ظهرت خلال اعتقاله في سجون الاحتلال وتفاقمت بعدها حالته الصحية بسبب الإهمال الصحي من إدارة السجن.
صديق الدكتور وصفي قبها المحرر عدنان حمارشة من قرية يعبد بجنين قال "للرسالة": أبو أسامة عانى كثيرًا من الحزام الناري داخل المعتقل، وبسبب الإهمال الطبي المتعمد وعدم وضعه تحت المراقبة وتوفير العلاج اللازم له تفاقم الأمر، وازدادت حالته خطورة".
حديث حمارشة عكس حسرته على رفيقه قبها الذي لم ينته من علته الأولى وآلام الحزام الناري حتى أصيب بعدها بفايروس كورونا كما أخبرنا.
ويقول عن حالته الصحية: "ذهبت مرتين الى مستشفى ابن سينا للاطمئنان على حالته، أبو أسامة ومنذ خمسة أيام تحت التخدير الكامل، ويتنفس عبر جهاز التنفس الصناعي"، وتابع: "إذا بدأت نسبة الأكسجين في الاستقرار سيحاول الطاقم الطبي نزع الأجهزة بالتدريج".
يحتاج قبها لإدخال كمية كافية من الأكسجين إلى الرئتين بينما يحارب جهازه المناعي كورونا، تمردٌ جديدٌ يخوضه ابن جنين ولكن هذه المرة مع عدو غير مرئي!
تعريف ثابت!
تجربة الأسر والنضال والإبعاد أنهكت جسد النائب قبها، لاسيما وأن صديقه المحرر حمارشة أخبرنا أن صحته لم تكن على ما يرام، لافتًا إلى أن النائب كان يلتزم البيت خلال الأشهر الأخيرة بسبب معاناته من مضاعفات الحزام الناري.
الحديث عن وزير الأسرى السابق قبها يعيدنا إلى تعريف ثابت كان يردده عن الإهمال الطبي داخل المعتقل وهو: "عملية قتل واغتيال وإعدام بدم بارد بنية مسبقة وعن قصدٍ وسبق إصرار، ويأتي نتيجة عدم تشخيص المرض في الوقت المناسب، وعدم تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب، لأن الاحتلال ينظر إلى الأسير المجاهد بأنه مخرب، لذلك يسعى لقتله معنويًا وجسديًا".
"يا الله" صرخة لا يمكن للذاكرة أن تنساها يومًا، حين صرخ المحرر قبها أثناء اعتقاله الأخير نهاية 2018، وهو محاط بالجنود ومعصوب العينين، جملة من الأحداث استحضرتها ذاكرته جعلته يطلق تلك الصرخة قهرًا ورجاءً بالفرج من الله، والآن تصرخها فلسطين بأكملها ليعود ابنها البار سالمًا معافى.