محاولات عديدة يجريها الاحتلال (الإسرائيلي) عبر التقاط الصور وبث المشاهد التي يصدرها للعالم ليروج من خلالها رواية الإنسانية التي لم تعد تنطلي على أحد بعد عام وقرابة الشهرين من عمر الإبادة الجماعية ضد المدنيين في قطاع غزة.
النازحة سجى عبد ربه، صبية كانت قد نزحت مع عائلتها إلى إحدى مدارس الإيواء غرب مدينة غزة، ثم قصفت طائرات الاحتلال المدرسة بمشاركة القذائف المدفعية من الدبابات التي توغلت في المنطقة.
تقول سجى: "كنت جالسة في مكان بالمدرسة، وبسبب شدة الاستهداف طار جسدي إلى مكان آخر، وأصبتُ إصابة بالغة!".
وحينما ألقيت سجى بعيدًا وجدت نفسها أمام دبابة الاحتلال، ثم نزل أحد الجنود وقاد الصبية إلى داخل الدبابة.
شعرت سجى حينها بالرعب الشديد، وهي تتأمل شكل الدبابة من الداخل، وكانت متعجبة من تصرف الجندي، وبالإضافة إلى خوفها من إصابتها، زاد رعبها في ظل عدم توقعها للحظات المقبلة، كيف سيكون مصيرها؟!.
اقترب الجندي منها، وأخبرها أنهم يريدون إسعافها! وظهر طبيب داخل الدبابة، حاول تقديم بعض الإسعافات، وكان الجنود يلتقطون صورًا لتفاصيل الموقف، فإذ بأحد الجنود يسألها بكل ما أوتي من وقاحة: "ما الذي فعل بك ذلك؟!".
تعجبت سجى من خبث السؤال، ولكنها أجابتهم: "أنتم قصفتم المدرسة التي نزحت إليها، وأصبتم وقتلتم من فيها، أنتم من فعل بي ذلك!!".
ولكي يكمل الجندي وقاحته حاول أن يقنع الصبية أن تكذب عينيها، وأذنيها، وجراحها الدامية، مدعيًا بالقول: "بل حماس من فعلت بكم ذلك!!".
وفور انتهاء التصوير، وعملية التمثيل، أطلق الجنود سراح سجى، وتركوها تسير، سارت وهي تنزف لساعتين حتى وصلت من غرب غزة إلى مستشفى المعمداني شرق المدينة، وهناك قدمت لها الأطقم الطبية الإسعافات الحقيقية.
"زحفت زحفًا، كنت أدخل في غيبوبة لدقائق، ثم أفيق وأكمل الطريق، مشيت فوق جثامين وأشلاء الشهداء على طول الطريق!".
ليست المرة الأولى التي يحاول الاحتلال (الإسرائيلي) فيها رسم صورة لنفسه، تتعارض مع الحقيقة التي باتت واضحة وضوح الشمس أمام العالم، ولا زال الاحتلال يحاول تهذيب شكله الإرهابي، وجعل القتل أكثر نموذجية أمام شركائه.
فقبل أكثر من 40 يومًا ومع بدء العملية العسكرية على شمال القطاع، أوقف جنود الاحتلال الأطفال الذين دفعوهم للنزوح من بيوتهم في مخيم جباليا قسرًا، متجهين إلى مدينة غزة، وناولوا كل طفل منهم قطعة شوكلاتة وزجاجة مياه، وكانت الكاميرا تصور والجنود يمازحون الأطفال.
ولكن الأمهات كشفن الحقيقة "ما أن أنزلت الكاميرا عدستها، حتى وجه الجنود فوهات البنادق نحونا، محاولين بث الرعب في قلوب الأطفال، الذين بدأت صرخاتهم تعلو وسط ضحكات الجنود الكاذبين."
وقد وصلت حرب الإبادة الجماعية إلى درجة لا يستطيع فيها جنود الاحتلال الترويج لأي كذبة، فهنا في قطاع غزة وأمام العالم أباد جيش الاحتلال أكثر من 50000 مواطن غزي منذ السابع من تشرين أول 2023، بينهم 42 ألف مسجلين رسميًا لدى وزارة الصحة الفلسطينية، بينما شكّل الأطفال والنساء نسبة كبيرة من الضحايا، حيث يمثل الأطفال 33% والنساء 21%.
بينما أصيب أكثر من 100 ألف آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وما زالت آلاف الجثامين تحت الأنقاض بسبب صعوبة الوصول إليهم، فكيف يمكن لجنود الاحتلال بعد كل هذا أن يدّعوا الرحمة، ويلتقطوا صورًا لإثبات ذلك؟!!.