بوجه منتفخ وظهر منحنٍ، لا يكل عباس ولا يمل من سياسة الرقص على الحبال البالية، يستجمع قواه بصعوبة ليجذب مشاهدين لرقصته، بعدما انفض الجمهور من حوله.
ليس غريبا كيف يستجدي عباس لقاءات مع أطراف "إسرائيلية" أياً كانت، يلتقيها وهو يدرك أن لا أحد لدى الاحتلال يعترف بعملية سياسية أو مستعد للحديث عن حل سياسي للقضية الفلسطينية، لكن الثمانيني الذي جاء إلى رئاسة السلطة برغبة أمريكية و"إسرائيلية" فقد كل مصادر شرعيته، بعدما انتهت ولايته منذ العام 2009.
إن السبب الوحيد الذي يبقي عباس جالساً على كرسي الرئاسة حتى اليوم هو رغبة الاحتلال باستمرار دوره الأمني، لذا فهو يدرك أن "شرعيته" الوحيدة التي يملكها اليوم هي تلك التي يمنحها له الاحتلال، ويحاول بما تبقى له من قوة أن يزيدها عبر اللقاءات مع مسؤولين في الكيان.
وكعجوز تائه بات عباس يتخبط في طريقه، يبحث عمن يلتقيه من جانب الاحتلال ليثبت أن لديه مشروعا سياسيا ويقول "أنا لست ضابط أمن فقط".
التقى عباس مؤخراً وزراء من حزب ميرتس الذين لطالما التقى بهم سابقاً لكن الاختلاف الوحيد أنهم باتوا في الحكومة اليوم.
وعلى الرغم من إعلان رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت وعدد من وزرائه بينهم وزيرة الداخلية ايليت شاكيد رفضهم إقامة الدولة الفلسطينية وبحث قضية ما يسمى بـ"حل الدولتين" الا أن عباس مُصر على عقد لقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين.
ولم يتطرق الاجتماع إلى أي تسوية سياسية، أو حلول للقضية الفلسطينية، بينما يهدف اللقاء لتعزيز التنسيق الأمني والتطبيع.
وبحسب موقع واللا فقد طلب عباس لقاء شاكيد التي تعلن صراحة موقفها الرافض لإقامة دولة فلسطينية أو أي حلول مع الجانب الفلسطيني، وقد هددت سابقاً وزير خارجية الاحتلال ورئيس الحكومة بالتناوب يائير لابيد أنه إذا ما تحدث عن دولة فلسطينية فلن تكون له حكومة.
وبحسب الموقع، قال عباس لوفد ميرتس "أخبروا أيليت شاكيد أنني أريد مقابلتها، لماذا تخشى التحدث معي؟" "تعالي وقولي ما تريدين وسأستمع، أعرف أن لديها آراء صعبة للغاية ولكن حتى لو اتفقنا على واحد في المائة، فسيكون ذلك بمثابة تقدم".
بلغة الانهزام والانكسار يستجدي عباس لقاء شاكيد، التي توصف بأنها فاشية وصاحبة أراء وسياسة يمينية متطرفة ضد كل ما هو فلسطيني، لكنه في المقابل يرفض لقاء أي فلسطيني، حتى مسؤولين في سلطته يواجهون صعوبة بالغة في لقائه أو الحديث معه، إن عباس لا يفتح أبواب مكتبه ويتحمل مشقة الحديث إلا مع الاحتلال فقط.
في المساء ذاته وصلت الصفعة الى العجوز المنهك، فقد تعمدت شاكيد إهانته على صفحتها على تويتر وقالت "لن يحدث ذلك، لن أقابل أحد منكري المحرقة الذي يقاضي الجنود ويدفع "لقتلة" اليهود".
لغة شاكيد المهينة لعباس تستند إلى سجله السياسي والأمني فهو يعمل وكيلا أمنيا للاحتلال في الضفة وسخر الأجهزة الأمنية الفلسطينية لخدمة أمن الاحتلال حتى بات يصفها الاحتلال بأنها جزء من منظومته الأمنية، وكل ذلك دون أفق سياسي.
ولم تؤد سياسة عباس إلى تدمير القضية الفلسطينية فقط، بل تسببت بانهيار كبير في الموقف العربي الداعم للفلسطينيين، وكانت هذه السياسة المبرر الأكبر بالنسبة للدول العربية التي تهرول نحو التطبيع.
واللافت أن كل إجراءات التطبيع مع الاحتلال وآخرها ما جرى في السودان والمغرب والبحرين لم تعلق عليه السلطة حتى ببيان استنكار، ما يؤكد أنها شريك أساسي في عملية التطبيع.