قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد فشل مشروعه

 عباس يختتم حياته السياسية محاصراً بالفشل والإحباط

عباس اشتية.jpg
عباس اشتية.jpg

الرسالة- شيماء مرزوق

أسس محمود عباس سياسته خلال 16 عاماً قضاها في المقاطعة على ركيزة أساسية وهي "لا صدام مع الاحتلال من أي نوع وتحت أي ظرف" ظناً منه أنها الطريقة الأمثل للحفاظ على كرسيه وحماية الاحتلال له، خاصة أنه وقف على رأس التحالف بين أقطاب السلطة بالتعاون مع الاحتلال للقضاء على الرئيس الراحل ياسر عرفات.

ظلت نهاية عرفات بالحصار والسم هاجسا لعباس الذي تفادي أي صدام مع الاحتلال للحفاظ على نفسه وكرسيه وتجنب التخلص منه عبر الاغتيال مثل سابقه، لكن بعد 16 عاماً إذا ما أنعم النظر حوله سيدرك أنه محاصر ولكن بطريقة أخرى.

صحيح أن الاحتلال لا يرى في عباس تهديدا كما عرفات، ويقر بأن الأول قدم ما لم يقدمه أي مسؤول فلسطيني من خدمات للاحتلال، إلا أن ذلك لم يمنع الاحتلال من محاصرته سياسياً، واختصار دوره في الجوانب الأمنية.

الرجل الذي روّج الاحتلال لصورته في المجتمع الدولي على أنه شريك السلام بعد التخلص من عرفات، بات اليوم يستجدي لقاء من صغار الشخصيات "الإسرائيلية" كمحاولة لاكتساب بعض الشرعية السياسية.

لاحق عباس المقاومة في الضفة وسلم أبناء شعبه للاحتلال وتجاوز خطوطا حمراء لم يكن مسموحا بتخطيها مسبقاً عبر الإجراءات التي اتخذها بحق مناضلي الشعب الفلسطيني من الأسرى وذوي الشهداء، واتبع سياسة قطع مخصصاتهم دون أن يحصل في المقابل على شيء، ومع ذلك لم يستمر على النهج ذاته.

القناة 12 العبرية كشفت عن موافقة عباس خلال لقائه الأحد الماضي بوزير الصحة "الإسرائيلي" "نيتسان هوروفيتش" ووزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي "عيساوي فريج"، على طرح قضايا حساسة على طاولة النقاش مع حكومة الاحتلال مثل تجميد الدعاوى القضائية المنوي تقديمها ضد الاحتلال وجنوده في محكمة الجنايات الدولية.

ويشمل العرض مناقشة مسألة "التحريض" في وسائل الإعلام الفلسطينية والمناهج ضد الاحتلال، بالإضافة لمناقشة مسألة رواتب الأسرى.

ورغم انتشار الخبر المذكور لم تنفه السلطة، حيث يبدي عباس استعداده لتقديم كل التنازلات مقابل لقاء مع أي مسؤول لدى الاحتلال فقط.

الغريب أن رئيس السلطة الفلسطينية يتبنى الموقف "الإسرائيلي" بالكامل وقبوله بالعرض هو اعتراف رسمي منه بوجود ما يسمى "التحريض" في وسائل الإعلام الفلسطينية والمناهج التعليمية ضد الاحتلال، بينما لا يتحدث بالمطلق عن التحريض في دولة الاحتلال على قتل الفلسطينيين والعرب.

من ناحية أخرى فإن عباس الذي يتحدث باستمرار عن التوجه للمجتمع الدولي ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، ما زال يجمد منذ عشر سنوات الدعاوى القضائية المنوي تقديمها ضد الاحتلال وجنوده في محكمة الجنايات الدولية، وعطل كل جهود الجهات الفلسطينية والعربية والدولية بمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة.

المعطيات السابقة تؤكد أن سياسة عباس منع الصدام مع الاحتلال مستمرة حتى على المستوى القانوني، وأن كل الأحاديث حول التوجه لمحكمة الجنايات غير حقيقي وذر للرماد في العيون.

سياسة عباس كانت المبرر الأول للدول العربية لتوقيع اتفاقات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، تحت ذريعة أن السلطة تقيم علاقات سياسية واقتصادية وأمنية مع الاحتلال، فكيف يمكن طلب الدعم والاسناد العربي والدولي ضد الاحتلال بينما السلطة تتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني وتواصل التطبيع والتنسيق الأمني.

انبطاح عباس أمام الاحتلال يقابله جبروت وعنجهية في التعامل مع الفلسطينيين، فقد رفض كل محاولات المصالحة والتغيير وإصلاح البيت الفلسطيني، وعطل الانتخابات التي كان من المفترض أن تعيد بناء النظام السياسي الفلسطيني، ما أدى لتآكل كبير في شرعيته على الصعيد الدولي.

وعلى الصعيد المحلي تدهورت شعبية عباس بشكل غير مسبوق فقد كشف آخر استطلاعات المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن قرابة 80% من الشعب الفلسطيني في مناطق السلطة تريد من عباس الاستقالة.

البث المباشر