حالة من السخط انتابت الفلسطينيين أغسطس الماضي، حين انتهك مواطنون حرمة مسجد قلعة مراد في قرية أرطاس جنوب غرب مدينة بيت لحم، وأقاموا حفلا تخللته فقرات رقص وشرب خمر.
مؤخرا وقع الكثير من الانتهاكات التي طالت الأماكن الدينية والمقدسة على مرأى أعين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، واتهم البعض السلطة ورئيس الحكومة محمد اشتيه بتدمير القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع الفلسطيني عبر السماح بتنظيم حفلات ماجنة في المساجد التاريخية في الضفة المحتلة.
وقبل تلك الواقعة جرى انتهاك في مقام النبي موسى جنوب أريحا أواخر العام الماضي، حين أقيم حفل موسيقي صاخب، في اعتداء واضح على المقدسات الدينية.
ما وقع في برك سليمان ومحرابها ومسجدها وقلعتها، أثار غضب أهالي قرية أرطاس، مما دفعهم إلى إصدار بيان حينها، أكدوا فيه على خطوات سيشرعون بها ضد ما أسموه "المجون والخمور في أرض الوقف الإسلامي"، وأنهم سيستمرون في حراكهم، وسيقومون بالإجراءات العملية حتى تحقيق مطالبهم كاملة.
ولكي تخرج الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة نفسها من الأزمة عمدت إلى إجراء تحقيق فيما حصل، بانت نتائجه قبل أيام، فاعتبرها البعض "عذرا أقبح من ذنب".
وكشف محمد أبو عليا نائب محافظ بيت لحم ورئيس لجنة التحقيق حول "برك سليمان" أن نتائج التحقيق بينت وجود اتفاقات قانونية ملزمة بين الأوقاف والشركة المستأجرة، مشيرا أن الشركة أحدثت نقلة نوعية في أرض الأوقاف من خلال استثماراتها التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارت محافظة بذلك على الأملاك الوقفية وتنميتها وتحديداً البرك الثلاث وقلعة مراد وقصر المؤتمرات.
وذكر أبو عليا خلال لقاء صحفي أن استنتاجات العمل باللجنة وجدت بعض المخالفات في بعض الأفراح ومن أصحابها تتعارض مع اتفاقها مع وزارة الأوقاف المالك للوقف، مؤكدا في الوقت ذاته أن اللجنة لم تجد أي أثر ظاهر لأي مسجد داخل أسوار القلعة بالرغم من ذكر وجوده في بعض المصادر التاريخية.
وحسب زعم أبو عطايا تبين أن القلعة وكافة الغرف بداخلها منحرفة عن اتجاه القبلة ولا يوجد أي ضلع من أضلاع أي غرفة بتجاه القبلة.
القول السابق يدفع الكثيرين للتساؤل: "طالما أنه لا يوجد أثر ظاهر لأي مسجد، لماذا وضعت
المنطقة تحت ولاية ومسؤولية وزارة الأوقاف تحديدا، بدلا من وزارة السياحة والآثار؟
وبحسب اللجنة فإن الشركة المستأجرة لم تنفذ التزامها ببناء مسجد لمن يرتادون المنطقة وللسكان في المنطقة المحيطة، علماً بأن اتفاقية التأجير مع الشركة تنص على بناء مسجد حسب البند (6).
مبررات اللجنة التابعة للسلطة غير مقنعة، كون الأمر يتكرر دوما ويخالف عادات المجتمع الفلسطيني المحافظ فقد سمحت السلطة بذلك بعد مرور شهر تقريبا على فضيحة إقامة حفلات ماجنة صاخبة في ساحة مسجد مراد ببيت لحم، وحفلات مشابهة في قاعات بيت لحم، في صورة تخدش الحياء وتصطدم مع الذوق العام، بينما تقف أجهزة السلطة موقف الحامي لها والمتفرج عليها دون محاسبة القائمين عليها.
وخلال اليومين الماضيين، أقيمت عدة حفلات على هذه الشاكلة، وخرجت فيديوهات من إحدى الحفلات في بيت لحم، تضمنت مشاهد غير لائقة لا تنسجم مع عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني ولا مع حاضره الذي يشهد يوميا ارتقاء الشهداء، وهو ما تسبب في موجة غضب شديد بين صفوف المواطنين.
وخرج ملتقى دعاة فلسطين ورابطة علماء فلسطين في بيان صحافي تنقله "الرسالة نت" جاء فيه أن انتهاك حرمة المساجد عبر إقامة الحفلات الماجنة هو امتداد لاستهداف الاحتلال للمقدسات الدينية والمساجد ومحاولة تهويدها.
وشدد العلماء والدعاة على وجوب أن ترجع السلطة ووزارة الأوقاف في رام الله إلى الحق والفضيلة، وإلغاء كل الأنشطة المسيئة للقيم والأخلاق والدين والتوقف عن دعم أي عمل مخالف للشرع الحنيف.
وقالوا إن القائمين على المهرجان الذي أقيم في بيت لحم يحاولون زعزعة قيم المجتمع الفلسطيني المسلم المحافظ وأخلاقه وطعنه في هويته الإسلامية، مشيرين الى أن حفل الغناء والرقص يعد جريمة شرعيّة وأخلاقية تتناغم مع جرائم المستوطنين بحق مساجدنا.
وذكروا أن هذا الفعل المشين يكشف عن تقصير متعمد وسوء إدارة الأوقاف لملف المساجد والأراضي والممتلكات الوقفية، مطالبين بضرورة ملاحقة المسؤولين عن هذا الفعل المشين والمنفذين له.