بانتظار قطرات المطر

الغزيون "اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين"

الرسالة نت – رائد أبو جراد

"ليس ثمة رائحة للشتاء أما آن لهذا الصيف الحار أن ينتهي، لا مدافئ ولا ملابس شتوية في قطاع غزة المضروب عليه حصاراً مشدداً منذ أكثر من أربع سنوات على التوالي" هكذا يستهل الحاج الستيني أبو صالح حديثه الذي يتممه بمناجاة الله تعالى بأن يرحم عباده ويسقيهم الغيث وينزل عليهم من بركات السماء.

ينتظر بشغف

لا أحد يعرف حجم المأساة بقدر الرجل الغزي الذي تقع مزرعته على الحدود الشرقية لمدينة غزة، فأشجاره ونباتاته بحاجة للمياه الجوفية التي ينتظر أبو صالح بشغف سقوط قطرات المطر على أرضه لتبث في زراعته الحياة مجدداً وتبعد عنها الجفاف وتعين المواطن على موسم شتوي جديد.

وفي غزة رفع الفلسطينيون قادة وشعباً مسئولين ورعية أكفهم إلى السماء في ساحة الكتيبة الخضراء بمدينة غزة، طالبين من الله عز وجل أن يسقط الغيث الذي تأخر كثيراً, حيث سيسبب انحصار المطر موجة من الجفاف تهدد المحصول الشتوي لهذا العام والخزان الجوفي في القطاع.

مع كل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة على المسلمين يرفه أئمة مساجد قطاع غزة أياديهم لمناجاة الله وطلب الرزق والخير الوفير ويؤمن المصلون خلفهم على الدعاء المأثور " اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم اجعله غيثاً مغيثاً " لتتعالى أصوات المأمومين "آمين ..آمين".

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يصلّي فيها الناس صلاة الاستسقاء في غزة، لكنها هذا العام تأتي في كانون الأول (ديسمبر)، الشهر الذي يفترض أن يكون قد بلغ فيه معدل متساقطات الأمطار إلى ما يزيد على 100 ملم.

فيما بدا العرق يتصبب من جبين السائق يحيى محمد في منتصف العقد الرابع من عمره وظهرت علامات التعب والإرهاق على جبينه الأسمر ليقول لـ"الرسالة نت":"الجو أصبح لا يحتمل درجات الحرارة عالية ومرتفعة رغم أننا في شهر ديسمبر الذي كان يشهد في الأعوام السابقة سقوط الأمطار بشكل كبير جدا".

ويؤكد المواطن محمد تفاجئ المواطنين في شهر تشرين ثاني (نوفمبر) من العام الماضي بتساقط زخات المطر الشديد على القطاع الساحلي بعد أيام من ارتفاع حاد في درجات الحرارة.

ويشير خبراء الأرصاد الجوية إلى أن "تأخر الأمطار ليس استثنائياً، وبالعودة إلى سجلات الأرصاد فإن انحصار المطر حدث في عامي 1957 و1958".

جفاف ممتد

وأكدوا أن موجة الحر لهذا العام هي الأعلى منذ ما يزيد على عقد من الزمن، خاصة أنها تأتي مع جفاف امتد طوال فصل الصيف والجزء الأكبر من فصل الخريف, متوقعين أن يهطل المطر في فلسطين مساء غد.

وعاد المزارع أبو صالح حديثه بعد أن ارتشف الشاي الساخن " لا شيء أكثر إيلاما من أن ترى أشجارك التي أمضيت معها أغلب سنين عمرك تموت عطشاً".

تأخر تساقط الأمطار لا يهدّد فقط مخزون المياه الجوفية، والمواسم الزراعية الشتوية ، بل أيضاً تجارة الألبسة الشتوية التي بدأ أهلها يدبّون الصوت ويحصون الخسائر؛ لأن الناس لن يشتروا ملابس شتوية والطقس صيفي لهذه الدرجة، فضلاً عن انتشار الأمراض، وخصوصاً الأنفلونزا، هذا الموسم.

بدوره حذر م. حسن أبو عيطة وكيل مساعد وزارة الزراعة سابقاً من تأخر المطر لهذا العام الذي سيؤثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية في قطاع غزة وخاصة المحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير والحبوب المختلفة والتي تعتمد في زراعتها على مياه الأمطار.

ونوه أبو عيطة إلى أن انحسار المطر سينتج عنه أضرار إضافية حيث أن المزارعين يقومون بالري بمياه الآبار المالحة  منذ بداية الموسم وحتى الآن, وقال "المياه المالحة ستؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة والتي تسبب أضرارا مستقبلية لكثير من المحاصيل الزراعية".

 

البث المباشر