محللون: السلطة تتخبط لانتظارها الموقف العربي الضعيف
الرسالة نت- ياسمين ساق الله
رغم تواصل الجهود الأمريكية التي بدأت ملامح فشلها تطفو على السطح بشأن عملية التسوية بين سلطة فتح في رام الله و"اسرائيل"، الا أن رام الله والنظام العربي الرسمي ما زالوا يتعلقون في حبال الوهم الأمريكي للوصول إلى مخرج يحفظ له ماء وجههم امام شعوبهم.
مختصون في الشأن الفلسطيني أكدوا ان سياسة واشنطن تخدم سياسة اسرائيل الاستيطانية، فالأولى لن تقف عائقا امام سياسات الثانية، موضحين في الوقت ذاته في أحاديث منفصلة "للرسالة" أن رام الله تعيش حالة من التخبط السياسي لانتظارها الموقف العربي الضعيف بشأن المفاوضات.
وصرحت مصادر فلسطينية بأن واشنطن أبلغت سلطة فتح بفشل جهودها الرامية لوقف الاستيطان بالضفة والقدس من أجل استئناف المفاوضات بين الطرفين، في الوقت الذي رفضت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الحديث عن أن المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية شارفت على الانهيار.
ضغوط وهمية
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر د. ناجي شراب يشير إلى أن الحديث عن فشل الجهود الأمريكية الرامية لاستئناف المفاوضات يتطلب موقفا رسميا من قبل واشنطن وليس مجرد إصدار تصريحات عبر الإعلام, فسلطة فتح تريد اعترافا رسميا بفشل الجهود الأمريكية لتحميل واشنطن و"إسرائيل" مسؤولية انهيار المفاوضات".
ويقول شراب:" السلطة لن تعلن بمفردها فشل المفاوضات وهي ما زالت تتنظر السلطة موقف لجنة المتابعة العربية التي تنتظر الرد الأمريكي الرسمي بشأن المفاوضات كي تحدد موقفها ".
في حين يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الهولندية في نابلس د.أحمد قطامش:" واشنطن لا تمارس ضغوطا على "إسرائيل" لوقف الاستيطان والعودة للمفاوضات, لأنها تدعم السياسية الإسرائيلية التوسعية العدوانية.
ويضيف: الحديث عن استئناف تلك الضغوط مجرد الاعيب إعلامية وخداع للمفاوض الفلسطيني وسلطته التي تعتمد بالدرجة الأساسية على الدعم المالي الأمريكي".
بينما يؤكد المحلل السياسي د. هاني البسوس أن ادارة اوباما ستواصل جهودها لاستئناف المفاوضات المتعثرة , قائلا:" أمريكا ستواصل جهودها في الضغط على الجانب الصهيوني لوقف الاستيطان".
خداع
وفيما يتعلق بتهديدات عباس بحل السلطة، يقول شراب:" تلويح عباس يهدف إلى الضغط على واشنطن وإسرائيل كونهم يدركون أن فشل المفاوضات ليس في صالح الأطراف المشاركة في عملية التسوية ", مضيفا:" استمرار إصدار تراخيص بناء مستوطنات جديدة يعنى أن "إسرائيل" حققت هدفها بعدم تجميد الاستيطان بالتالي هناك فرصة قوية لاستئناف المفاوضات بالمرحلة المقبلة ".
وفي هذا الصدد يقول البسوس:" سلطة فتح تعيش اليوم في شقاق واضح فمواقفها متخبطة، فهي لا تعرف ماذا تريد في ظل عدم وجود تعاطي إسرائيلي جاد لعملية المفاوضات، مما يعنى أن مستقبل المفاوضات الفشل".
وألمح رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس الجمعة الماضية إلى إمكانية حل السلطة ، في حال لم يتم التوصل إلى "اتفاق سلام مع إسرائيل" ولم يعترف العالم بدولة فلسطينية، وعبر عن إحباطه الشديد مما ألت إليه الأوضاع بقوله: إنه "لا يمكنه قبول أن يبقى رئيسا لسلطة غير موجودة".
تخبط
وعن تأجيل اجتماع لجنة المتابعة العربية لتأخر وصول الرد الأمريكي المنتظر بشأن المفاوضات، يقول قطامش :" لجنة المتابعة تدعم سياسة رام الله التفاوضية وليس خيار مجابهة السياسة الإسرائيلية الاستيطانية , فهي وضعت الفلسطينيين في مستنقع المفاوضات , وبالتالي ضعف الموقف العربي يعد أحد عوامل ضعف السلطة ", مؤكدا في الوقت ذاته عدم اتخاذ العرب مواقف جادة للخروج من مأزق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .
ولم يختلف البسوس كثيرا عن قطامش، فيؤكد أن تأجيل اجتماع اللجنة يعد محاولة لإعطاء أمل جديد للإدارة الأمريكية لمواصلة جهودها الرامية لإقناع "إسرائيل" بوقف الاستيطان ", موضحا أن الفترة المقبلة ستشهد تخبط في المواقف الفلسطينية بشأن قرارات العودة للمفاوضات وخيارات الفشل .
أما طافش فيرى أن تصريحات سلطة فتح بعدم وصول رد أمريكي رسمي مكتوب بفشل الجهود تأتي لتغطية على واقع فشلها وعجزها في التوصل لأي تقدم في المفاوضات وعدم مواجهتها للاستحقاق الحقيقي بإطلاق الطاقات الشعبية لمواجهة السياسة الاحتلالية ".
بينما يقول شراب تأجيل اجتماع لجنة المتابعة يعني أن الجهود الأمريكية متواصلة، وفشلها سيظهر في موقف لجنة المتابعة العربية التي ستخرج وتعلن فشل الجهود وانهيار المفاوضات وبالتالي يذهبوا مع خيارات السلطة".
وكان من المفترض أن تجتمع لجنة المتابعة العربية في 8 نوفمبر الماضي، بعدما انتهت مهلة الشهر التي أعطتها الدول العربية للإدارة الأميركية من أجل استئناف المفاوضات، لكن اللجنة لم تجتمع بسبب عدم تقديم واشنطن الرد المنتظر، فتأجل الاجتماع إلى بداية الشهر الجاري.
انتظار فاشل
في الوقت ذاته نفى صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الخميس الماضي أن تكون "السلطة" تسلمت من واشنطن رداً بخصوص الضغط على "إسرائيل" لتجميد الاستيطان لاستئناف المفاوضات، مؤكدا أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو اختارت الاستيطان على السلام.
وقال عريقات في تصريحات صحفية ،:" في ظل عدم تسلم رام الله ردا رسميا أمريكيا حول نتيجة جهودها لوقف الاستيطان فان هناك اتفاقا فلسطينيا مع رئيس لجنة المتابعة العربية للسلام الشيخ حمد بن جاسم بن جبر رئيس وزراء قطر والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى على عقد اجتماع للجنة المتابعة العربية فور وصول الرد الأمريكي الرسمي بشأن النقطة التي وصلت إليها المفاوضات بشأن وقف الاستيطان".
وحدد عباس عدة خيارات في حال فشل الجهود الأمريكية لتحريك المفاوضات منها مطالبة واشنطن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران (يوينو) عام 67, وفي حال رفضت ذلك، سيتوجه إلى مجلس الأمن لمطالبته بالاعتراف بها ومطالبة واشنطن بعدم استخدام حق الفيتو.