لا يكتفي رئيس السلطة محمود عباس بتجاهل قضية الأسرى والتقاعس عن جهود إطلاق سراجهم أو تدويل قضيتهم وممارسة الضغوط على الاحتلال، بل يسعى لتخريب الجهود التي تبذلها المقاومة الفلسطينية لعقد صفقة تبادل مع الاحتلال.
صحيفة "العربي الجديد"، كشفت أن أجهزة مصرية مطلعة على هذا الملف، تتهم عباس بأنه "أدى دوراً تخريبياً لعرقلة إتمام الصفقة، أو إحداث تقدّم بها، بسبب اعتراضه على ضم حركة حماس لاسم القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي ضمن قوائم الأسرى، الذين تتمسك حماس بإطلاق سراحهم نظير إطلاق سراح أربعة أسرى إسرائيليين لدى الحركة".
وقالت المصادر إن عباس ضغط لدى أكثر من طرف بينهم مصر، للاتفاق بشأن بعض الترتيبات الداخلية، وعلى أمور ذات صلة ببقائه في موقعه على رأس السلطة الفلسطينية لفترة غير محددة، قبل الشروع في أي مفاوضات لتبادل الأسرى بين حماس، والاحتلال الإسرائيلي، تتضمن اسم مروان البرغوثي.
وكانت "حماس" قد أشارت إلى أن قائمة الأسرى الذين ستطالب بتحريرهم ضمن الصفقة الجديدة، ستتضمن رموزاً وطنية، ومناضلين من فصائل مختلفة، فيما أوضحت مصادر في الحركة في وقت سابق، أن قائمة "حماس" تتضمن إلى جانب البرغوثي، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات، الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة 30 عاماً، في قضية مقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001، قضى منها نحو 14 عاماً بعد اعتقاله عام 2006.
وقد أثار اللقاء الذي عقد بين فدوى البرغوثي، زوجة مروان البرغوثي، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في القاهرة غضب عباس، الذي يعتبر أن هناك تحالفا يجري لإزاحته عن الرئاسة، حيث أكد هنية للبرغوثي أن زوجها مروان وقيادات أخرى سيكونون على رأس قائمة المطلوب إطلاق سراحهم، مشدّداً لها على أن "قضية الأسرى ليست حزبية".
وأكد هنية أن الحركة قدّمت تصوراً واضحاً للجانب المصري ورؤية تفصيلية لإنجاز صفقة تبادل الأسرى، وتعهدت بضرورة إنجاز صفقة جديدة، دون العودة إلى الوراء.
وبحسب المصادر، فإن عباس يرى أن إدراج "حماس" أسماء لعدد من الشخصيات من رموز الفصائل يهدف في المقام الأول إحراجه، وإظهاره في صورة المتخاذل بشأن ملف الأسرى ومساعي إطلاق سراحهم، خصوصاً أمام حركته.
من ناحية أخرى يخشى عباس من أن خروج مروان سيقلب المشهد رأساً على عقب، خاصة بعد تصاعد الحديث عن الاستحقاقات الانتخابية وتشكيل قيادة وطنية جديدة، والتي تزيد مخاوفه فهو يدرك قوة البرغوثي كمنافس حال ترشح في أي انتخابات سواء داخلية بالحركة، أو انتخابات رئاسية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يمارس فيها عباس دورا تخريبيا في صفقة التبادل فقد لعب الدور ذاته أثناء مفاوضات صفقة وفاء الأحرار في العام التي جرت عام 2011، وقد اتهم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أطرافا فلسطينية داخلية لم يسمها بأنها تتدخل في مسألة تبادل الأسرى لغير صالح الشعب الفلسطيني.
فيما اتهمت حماس في حينه على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم ما أسماه بـ"التيار الانقلابي" في حركة فتح بمحاولة إفشال تنفيذ صفقة الأسرى.
وكانت السلطة تطلب من المستشارين الإسرائيليين في اللقاءات التي يعقدونها معهم في القدس وأوروبا، بالتريث في انتظار أن تتمكن أجهزتهم الأمنية من تحديد مكان الجندي الأسير، ومساعدتهم في الوصول إليه؛ حيث كان يتم التحقيق مع معتقلي كتائب القسام وحماس لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة حول مكان شاليط.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية خلال مفاوضات صفقة شاليط إن مقربين من رئيس السلطة محمود عباس حذروا كبار مستشاري أولمرت في حينه من أن إطلاق سراح نواب حماس المختطفين "بعد فوز الحركة في الانتخابات 2006".
واعتبر عباس وفق الإذاعة أن الإفراج عن النواب يعني أن الحركة ستؤمن النصاب القانوني لعقد جلسات المجلس التشريعي، ما يسمح باستغلال هذه الجلسات في إصدار قرارات تقلص من قدرة عباس على إصدار المراسيم الهادفة إلى المس بحركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة.