لم يتردد خصوم رئيس حركة فتح محمود عباس، بالتشكيك في نتائج مؤتمره السابع الذي انعقد عام 2016، وفي التحضيرات لانعقاد المؤتمر الثامن المزمع انعقاده العام القادم، بيد أن هذا التشكيك لم يصاحبه رد فعل وفق مراقبين، يمكنه إجهاضه أو محاصرة تداعياته.
يكتفي خصوم رئيس السلطة بالإعلان عن عدم شرعية المؤتمر وما يفرزه من أدوات وآليات، بينما لا يزال الوقت مبكرا لتشكيل تيار عريض يشمل مكونات الحالة الفتحاوية التي تم إقصاؤها.
التيار الإصلاحي الديمقراطي برئاسة النائب محمد دحلان، كبش الفداء الأول كما يصفه معارضو الرئيس في البيت الفتحاوي، وأول من أطاح به من الخصوم قبيل انعقاد المؤتمر السابع.
ويرى القيادي في التيار ديمتري دلياني، أنّ عقد مؤتمر مواز للمؤتمر الثامن هو حلم عباس وفريقه ليتهموا التيار بالانشقاق وإدارة تنظيم مواز.
لكن ذلك بحسب دلياني لا يتعارض مع فكرة اجراء انتخابات للتيار وستحدث في ساحاته المختلفة.
لكن السؤال المهم لماذا لا يلتقي تيار دحلان مع تيار مروان البرغوثي وناصر القدوة، خاصة وأن كليهما دخل بقائمة منفردة الانتخابات التي كانت مزمعة للمجلس التشريعي في شهر مايو الماضي.
الإجابة لدى دلياني، كانت أن التيار اعتمد على تشكيل قائمة فتحاوية في الانتخابات، خلافا للقائمة التي شكلها ناصر ومروان.
ويضيف: "من لا يريد أن يختار قائمة التيار تركنا له خيار اختيار القائمة الثانية، وهذا من ضمن التكامل".
إجابة دلياني لم تلتق مع إجابة ناصر القدوة زعيم الملتقى الوطني الذي شكله إبان إجراء الانتخابات، وجرى فصله من فتح بناء عليه.
في أحد التصريحات الصحفية وجه ناصر رسالة لمناصري التيار، "اقتربوا أكثر من الوطن!" في رسالة أثارت حفيظة مؤيدي التيار وقيادته.
لكنّ هذه التصريحات وتبعا لمعلومات "الرسالة"، لم توصد الأبواب إزاء تفاهمات غير معلنة جرت بين قطاعات وطنية مختلفة لتشكيل حالة توحد الجهود الوطنية المعارضة لعباس.
في المقابل هناك خشية من اتهام القيادي مروان البرغوثي الذي أبقته مركزية فتح في الحركة، من التحالف مع دحلان على رئيس السلطة محمود عباس، وهو السبب الذي يدفع البرغوثي لرفض أي علاقة مع دحلان، وفق مراقبين.
ومع توالي الحديث عن تحرك في المياه الراكدة لمفاوضات الصفقة، تشير المصادر إلى تحركات من رئيس السلطة محمود عباس مع القاهرة؛ لترتيب وضعه أولا والتأكيد على عدم اقتراب مروان البرغوثي من موقع رئاسة السلطة طالما لم يغادره.
تحركات عباس مغلفة بتطمينات من قيادة الاحتلال، بأنّ أحدا لن يقترب من منصب رئاسة السلطة للإطاحة به، وهي تطمينات يرى عباس أنها غير كافية للموافقة على خروج صارخ لمروان في العمل السياسي الفتحاوي.
هناك من يفسر انعقاد المؤتمر الثامن، بمحاولة من عباس ليطمئن أكثر بالعمل على إضعاف تيار ناصر والبرغوثي في الحركة، من باب تعزيز فريقه في الفترة القادمة وتحصين نفسه من صفقة قد تكون آتية في وقت ليس بالبعيد وفق إرهاصات عباس وفريقه السياسي.
مقربون من مروان البرغوثي رفضوا التعليق على هذه الإرهاصات، مكتفية بالقول إن هناك من الأساس حملة استهدفت أنصاره.
وتشير الوقائع إلى حملة إقصاء واستئصال تعرض لها البرغوثي قبل أنصاره لسنوات عديدة، ليس أقلها إغلاق نادي الأسير وسحب صلاحياته وتعيين كريم يونس عضوا لمركزية فتح عن السجون في محاولة لسحب الأضواء عن البرغوثي.
وضمن جولة الإقصاء، تعرض البرغوثي إلى إجهاض إضرابه عام 2017 أو ما عرف وقتها بإضراب الكرامة.
وفي الكواليس، اشتكى عدد من أنصار البرغوثي من ملاحقات أمنية وتهديدات صريحة في عديد المواقع الخاصة به.