الرسالة نت - محمد بلّور
في حالة من الحبّ الفطري تقاسموا الخبز والغطاء فسجلوا رغم أنف دوريات الاحتلال نموذجا فريدا للتكافل الاجتماعي.اليوم بعد 23 سنة على انطلاق انتفاضة الحجارة يتنفس حاملو قصصها بحرارة ويتنهدون بمرارة أسفا على أيام الألفة والتعاون .
وانعكست معاناة المواطنين في انتفاضة الحجارة على علاقاتهم الاجتماعية بالإيجاب فتعاونوا على تدبر أمورهم خاصة أيام حظر التجوال وعقب الاعتداءات العسكرية وحصار المخيمات والقرى .
وتزخر انتفاضة الحجارة بآلاف القصص التي تعاون فيها الناس لاقتسام رغيف الخبز وإيواء المطاردين للاحتلال.
نموذج تحد
الآن بإمكان وزير الشئون الاجتماعية بالحكومة الفلسطينية العودة للوراء 23 سنة مستذكرا ذروة نشاطه في العمل الخيري حين كان في منتصف الشباب . يمد الكرد حروف كلماته سعيدا بذكريات انتفاضة الحجارة التي مثلت نموذجا لعزيمة وإصرار الشعب الفلسطيني في تحدي الاحتلال والتكافل الاجتماعي .
وأضاف للرسالة نت :"تحدت آلة الحرب الإسرائيلية وتجلت بها أروع آيات التكافل خاصة في أيام حظر التجوال التي وصلت لأكثر من شهر فكان المتطوعون يوصلون الطعام والخضروات والأغطية للناس" .
وأشار إلى أهمية دور القائمين على العمل الخيري في إيصال الإغاثة للمخيمات والقرى المحاصرة وكذلك التي تعرضت لعدوان عسكري. واستذكر الجهد الذي بذله مندوبو المؤسسات الخيرية أيام حظر التجوال حيث اصطفت قوافل المركبات المحملة بالخضروات والدقيق والطعام بينما عملت المخابز طوال النهار لإغاثة المواطنين .
أما رئيس جمعية الصلاح الإسلامية أحمد البحيصي فتتهلل أساريره عند ذكر أيام العمل في انتفاضة الحجارة .ووصف التكافل الاجتماعي مطلع انتفاضة الحجارة بأنه كان على أعلى مستوياته مشيرا أن الناشطين شكلوا لجان أحياء لممارسة العمل الخيري والاجتماعي بعيدا عن انتماءاتهم السياسية .وأضاف: "شكلنا لجان أحياء وبدأنا العمل فكان التكافل على أعلى مستوى وقمنا بتوزيع المساعدات ليلا خضروات-طحين-خبز وملابس" .
وامتدت يد الناشطين في العمل الخيري تطرق الأبواب ليلا وإن مرت بها دوريات الاحتلال ولم تسنح الفرصة ألقت المساعدات من فوق أسطح المنازل .
تكافل حقيقي
ووصف الكرد التكافل الاجتماعي في انتفاضة الحجارة بأنه نموذج حقيقي للاعتماد على الذات شاركت فيه كل الفصائل الوطنية وعموم الفلسطينيين .ومن الأمثلة التي لازالت عالقة برأس الكرد قصة تلك الليالي التي حاصر الجنود فيها مخيم دير البلح وفرضوا حظر التجوال فإذا بالشباب يعلنون التحدي ليلا ويتصدون للجنود .
وتتقافز في ذاكرة الكرد صورة الرجال والنساء وهم يوزعون الطعام والشراب على حراس المخيم بينما تصدى الناس سويا للدبابات التي حاولت اقتحام المخيم قبيل الفجر .
وتشارك الكل في الهمّ الواحد, همّ مواجهة الاحتلال والتعرض للاعتقال والإصابة والإبعاد وكثيرا الاستشهاد فتعزز الصف الداخلي بحالة تآلف وتكافل متينة. وفرّق الكرد بين حالة التآلف الاجتماعي بين الفلسطينيين بشتى طيفهم السياسي وحالة الخلاف والفرقة التي بدأت بعد اتفاق أوسلو ومجيء السلطة الفلسطينية .
أما البحيصي فأكد أن حالة التكافل انعكست على الناس بشكل كبير حيث لم تكن العصبية الحزبية موجودة .وأكثر ما يذكره البحيصي هو قصة ذلك البيت الموجود على طريق دوريات الاحتلال والذي تضوّر جوعا لأيام طويلة حيث كان الأب معتقل .
عن قصة ذلك البيت أضاف: "لم نستطع مشاهدة الأطفال يتضوّرون جوعا رغم مكوث الدوريات ومرورها معظم اليوم أمام بابه فتطوّع بعض الشباب وخاطروا بأنفسهم لإيصال طعام ".ويحمل البحيصي تقديرا كبيرا لسكان مدينة دير البلح كنموذج مشرّف حيث تبرعوا في عدة مرات بخضرواتهم وطعامهم لجيرانهم في مخيم دير البلح الرازحين تحت حظر التجوال .
بدوره امتدح المحاضر في كلية التربية بالجامعة الإسلامية د. مروان حمد حالة التكافل الاجتماعي التي سجلها الناس في انتفاضة الحجارة .وأشار أن السكان تعاونوا في تقاسم الطعام والمستلزمات اليومية والمنزلية تحت الاحتلال انطلاقا من حسّهم الوطني ودين الإسلام.
وأضاف:"لا يكاد يختلف اثنان على أن التكافل قديما أيام الأجداد كان أكثر وكلما مرّ الزمن قل التكافل بين الناس وانشغل الناس عن بعضهم" .
وتمنى حمد أن يطبق الناس حاليا الآية الكريمة "إنما المؤمنون إخوة.." مشددا عل ضرورة تعزيز التكافل الاجتماعي دون الالتفات للانتماء السياسي .وسيظل الآباء والأجداد يروون للصغار قصة تلك الليالي التي تقاسموا فيها الخبز والغطاء تحت حظر التجوال أيام انتفاضة الحجارة بما حملت من هموم وحبّ حقيقي بين الجيران.