دعا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة إلى التمسك بموقفهم الرافض للتسوية مع محاكم الاحتلال، وعدم التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف.
وأكد هنية خلال مشاركته في ندوة سياسية في ذكرى وعد بلفور مساء الثلاثاء، أن أهالي الشيخ جراح استطاعوا تجاوز الفخ السياسي الذي نُصب لهم، وارتقوا إلى مستوى الدماء التي سالت في معركة سيف القدس دفاعًا عن القدس والشيخ جراح.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الضغوط التي مورست على سكان الشيخ جراح، والإغراءات لمحاولة انتزاع ملكيتهم وتحويلهم إلى مستأجرين عند المستوطنين.
وشدد هنية على أن المقاومة بكل فصائلها والشعب الفلسطيني والأمة يقفون خلف هذه الثلة المرابطة في الشيخ جراح والقدس والأقصى ومقدساتنا.
ونوه إلى أن رفض التسوية مع الاحتلال يفتح قوسًا واسعًا على الأمل، مبينًا أن الصمود الذي عبّر عنه شعبنا يتزامن مع وعد بلفور ليؤكدوا أن الحق لا يضيع بالتقادم، وطمس كل الحقائق التاريخية سوف يتكسر على صخرة الوعي الفكري لشعبنا وأبناء الأمة.
وقال هنية: "فلسطين كلها لنا، ولا يمكن للاحتلال الطارئ أن يكون له وجود، ولا يمكن الاعتراف بشرعية الاحتلال على أي شبر من الأرض المباركة، وهي من البحر إلى النهر، ومن رأس الناقورة إلى أم الرشراش، والقدس عاصمة موحدة وأبدية لكل فلسطين".
وأضاف "أن شعبنا المشرد في المنافي والشتات سيعود إلى هذه الأرض المباركة، منوهًا بأن معركة سيف القدس كشفت وأكدت وحدة الوطن والجغرافيا، وجماهير شعبنا هبت مدافعة عن القدس والأقصى، واحتضنت المقاومة على جبهة غزة".
وأكد هنية أن فلسطين والشعب كانا موحدين خلال المعركة، مبينًا أن كل عوامل التعرية السياسية لم تنجح في إخراجه من معادلة الصراع، وأثبت أنه في قلبها، بل وعاقد العزم على حسم الصراع مع الاحتلال.
وأشار إلى أن معركة سيف القدس كشفت قدرة المقاومة الباسلة التي تبنت استراتيجية تراكم القوة على طريق إنجاز مشروع التحرير والعودة.
وقال: "سيف القدس أكدت أن المقاومة قادرة على الرد، وأن هناك كرامة وطنية، وأن هناك ثوابت ومقدسات إن تعرضت للاستباحة فلا يمكن إطلاقًا السكوت عليها، ولا يمكن للمقاومة في فلسطين وخاصة في غزة إلا أن ترد على هذه الاستباحة الطائشة".
وأكد هنية أن الاحتلال فشل في المعركة في عزل غزة عن باقي الأرض الفلسطينية، وفشل في تحييد المقاومة عن المعارك الوطنية، وأن تبقى في الدفاع عن حدود غزة ومهمومة في كيفية فك الحصار وفتح المعابر.
وأضاف: "ذراع المقاومة كانت طويلة ممتدة، ووصلت إلى كل شبر من جغرافيا فلسطين عبر الصواريخ، وحين كان العدو يشن عدوانه على غزة أو الضفة أو على أي شبر كان يهدف إلى ردع شعبنا والمقاومة".
وشدد هنية على أن المقاومة ردعت نظرية الردع الصهيونية، وكانت على مستوى من الأداء العظيم الراقي الذي يكشف عن عظمة هذا الشعب المرابط وقدرته وقدرة المقاومة.
وفي شأن آخر، نبه هنية إلى أن محاولات الاختراق الصهيوني في المنطقة لم تؤثر على وعي شعوب الأمة، مستشهدًا بالشعب الأردني الذي دفع ثمنًا ليس سهلًا بسبب موقفه من صفقة القرن، ورفضه للتوطين والوطن البديل.
وأوضح أن الشعب الأردني رغم ما مر به من صعوبات اقتصادية إلا أنه كله حماسة متقدة واستعداد وجهوزية لأن يقود كل غمار من أجل تحرير القدس والأقصى، مشددًا على أن الأردن في موقع الشراكة، وليس الدعم والإسناد.
ونوه هنية إلى أن تحرير فلسطين يرتكز على ثلاثة محاور أساسية على الصعيد الفلسطيني والعربي الإسلامي والدولي، مبينًا أن قضية فلسطين مترابطة بهذه الحلقات، وهي قضية إنسانية وعربية إسلامية، وتتأثر بالأبعاد المحلية والإقليمية والدولية.
وقال إن "المسؤولية الخاصة تقع ابتداء على شعبنا لأنه يشكل رأس الحربة للأمة وللعالم في مواجهة الاحتلال وهذا الاستعمار الاستيطاني الإحلالي، ونظرية التحرير تقوم على التمسك بكامل الحقوق والثوابت، وعدم التنازل أو التفريط عن أي منها تحت أي ظرف من الظروف".
وشدد هنية على ضرورة وحدة شعبنا الفلسطيني، وأن تكون على أساس الثوابت وخيار المقاومة، وعلى أساس بناء المرجعيات القيادية الناظمة للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن شعبنا لا يمكن أن يتوحد على اتفاقية أوسلو، ولا على المفاوضات، ولا على التعاون الأمني مع الاحتلال، بل على أساس التمسك بكامل الحقوق والثوابت والمقاومة الشاملة الواسعة بكل أشكالها وأدواتها وعلى رأسها المقاومة العسكرية.
ونوه هنية بأن القدس توحد شعبنا في ميدان المواجهة، وهذا ما ظهر جليًا في معركة سيف القدس، فهي محور الصراع، وتوحد الشعب وتستدعي كل مكونات الأمة للوقوف في خندق المواجهة ضد المحتل.
وأكد وجوب شعبنا أن ينخرط جميعًا في معركة التحرير في الأراضي المحتلة عام 1948 وفي غزة والضفة، وأن يتم تصميم الدور لكل جزء من أبناء شعبنا حسب الظروف التي تحيط به. وعلى صعيد الأمة العربية والإسلامية، قال هنية إن فلسطين قضية الأمة لاعتبار المكان والمكانة والتمكين، داعيًا إلى أن يكون لها دورها في إنجاز مشروع التحرير.
وأضاف أنه "لن يكون تمكين للأمة طالما هناك جسم غريب اسمه الكيان الصهيوني يفتت وحدتها ويخترق تحصيناتها الفكرية والأمنية والاقتصادية، ويعمل على تغيير معالم التاريخ والجغرافيا بالمنطقة".
وشدد على أن إنجاز مشروع التحرير يتطلب انتقال الأمة من استراتيجية الدعم والإسناد إلى استراتيجية الشراكة الواسعة بكل أثمانها بحيث لا تترك القدس والمقدسات والمسجد الأقصى والشعب الفلسطيني وحدهم.
ونوه بأن ذلك يتطلب من الأمة أمرين مهمين، الوحدة، وأن تنهي الصراعات وتحقق تسويات تاريخية بين مكوناتها، مبينًا أن الوضع الذي مرت به الأمة خلال 10 سنوات مضت شكل الوضع الإقليمي الذهبي للكيان الصهيوني، وأخرج المشاريع من الأدراج، وبدأ ينفذها لأن المنطقة والأمة مشغولة بنفسها.
وعلى الصعيد الدولي، أشار هنية إلى أن حماس تبذل ولا تزال جهودًا كبيرة لتغيير المناخ على الأقل على المستوى الشعبي الدولي، مبينًا أن هناك تغييرًا بدأ في المزاج الشعبي الغربي، وظهر جليًا في معركة سيف القدس والعالم خرج في 40 ولاية أمريكية، وأستراليا، وفي لندن بمظاهرات تضامنًا مع شعبنا الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
ولفت إلى أن المقاطعات الأكاديمية والاقتصادية للاحتلال تؤكد أن هناك حراكًا وتغييرًا في المزاج الشعبي، ولم يعد الاحتلال هو الذي يسمع له، ولم يعد صاحب الرواية الوحيدة في قلب تلك العواصم.
وقال هنية: "نحتاج إلى بناء الجهد واللوبيات الفلسطينية في دول العالم وفي أوروبا وفي أمريكا لتواجه اللوبي الصهيوني، لتعادل الرؤية وإزاحة المواقف الظالمة والتحالفات الاستراتيجية على حساب شعبنا".
وأضاف: "تحرير فلسطين والقدس مسؤولية خاصة على شعبنا، وعامة على الأمة العربية والإسلامية، ونحن على ثقة ويقين بأن وعد الله لنا بالنصر سيتحقق قريبًا".
وتابع هنية: "شعبنا رغم مرور 104 سنوات من الصمود والمقاومة والصراع المفتوح على كل الجبهات لم يكل، ولن يمل، ولم يتعب، ولن يرفع الراية البيضاء، وأسرانا في السجون رغم القيد والسجن والسجان يخوضون معارك الأمعاء الخاوية ليكسروا القيد ولم يتعبوا، وهذا وشعبنا في الداخل والخارج وفي كل مكان لن يتعب".