"يا حيف على الي بيتفرج " كانت هذه الجملة تتردد على ألسنة المشيعين في جنازة الطفل محمد دعدس، في مخيم عسكر الجديد بينما وقفت أمه تلوح بيدها للجثمان الصغير بعد وداع أخير قصير لابنها الذي لم يصل الى الأربعة عشر عاما بعد، تفحصت يديه وقدميه، وكأنها تبحث عن أمل لبقائه أو عودته مجددا إلى الحياة بينما اكتفى الأب بما يقوله أهالي الشهداء راضيا.
والتف الجميع في ساعات الظلام حول ثلاجة الموتى، مودعين مقبلين الجبين البارد الصغير، قبل أن يواروه الثرى ظهر اليوم ويدفن في مقبرة مخيم عسكر إلى جانب شباب كثر من عائلته سبقوه إلى الشهادة.
دعدس كان عابر طريق حينما بدأت المواجهات بين شبان بلدة دير الحطب وجنود الاحتلال جنوب نابلس ، وماهي إلا لحظات حتى اخترقت رصاصة جندي بطنه فتوفي على الفور قبل وصوله الى المستشفى.
مصادر طبية أكدت أن قلبه كان متوقفا، حيث أعلن الأطباء استشهاده بعد لحظات من وصوله إلى المشفى، وهو ما أكدته وزارة الصحة في وقت لاحق.
محمد هو وحيد والديه، والشهيد التاسع لعائلة دعدس، استهدف مباشرة مع ساعات العصر حيث يطلق الاحتلال العيارات النارية مباشرة نحو أي تجمع، فقبلها أصيب شابان في بلدة بيتا برصاصتين وكانت الثالثة في صدر محمد في نابلس.
ويعاني أهالي قرية دير الحطب شرق نابلس من الهجوم المتكرر للمستوطنين خاصة على المزارعين حيث تعرضوا عدة مرات لهجوم مستوطني مستوطنة ألون موريه ما دعاهم للدفاع عن أنفسهم وأراضيهم.
وأفاد رئيس مجلس قروي دير الحطب عبد الكريم حسين إن عشرات المستوطنين من مستوطنة "ألون موريه" المقامة على أراضي المواطنين، يهاجمون دائما قاطفي ثمار الزيتون في المناطق القريبة من المستوطنة، ما يتسبب في اندلاع المواجهات، مبينا أن شرطة الاحتلال تأتي إلى المكان لتعتقل المواطنين وتتجاهل ما يفعله المستوطنون.
وأوضح أن المواطنين، الذين تمكنوا من الدخول لأراضيهم القريبة من المستوطنة المذكورة، تفاجأوا بوجود مادة سوداء على أشجار الزيتون، وكذلك قيام مستوطنين بزراعة قرابة 70 دونما من أراضيهم، التي لم يتمكنوا من دخولها منذ أكثر من 10 سنوات، بأشجار العنب.
تلك الاعتداءات تؤدي لتوتر الأوضاع على أطراف البلدة، وهو ما حدث بالأمس ما أدى إلى استشهاد الطفل دعدس.
من جانبها اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين أن حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جريمة إعدام الطفل دعدس، ونتائج وتداعيات جرائم المستوطنين المتواصلة. وحملت المجتمع الدولي ومؤسسات ومنظمات ومجالس الأمم المتحدة المختصة المسؤولية المباشرة عن نتائج وتداعيات الصمت المريب تجاه جرائم الاحتلال التي تزداد كل يوم.
ونعت وزارة التربية والتعليم الشهيد الطفل دعدس ابن الصف العاشر في مدرسة محمد أمين السعدي الثانوية من مخيم عسكر الجديد.
ودعت الوزارة في بيان لها المؤسسات الحقوقية والدولية والناشطة في مجال الدفاع عن التعليم وحقوق الإنسان، إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات الاحتلالية المتصاعدة بحق الأطفال والطلبة وأبناء الأسرة التربوية، والتي تشكل جرائم تستوجب الردع والمحاسبة وفضحها في كافة المحافل.
من جهتها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن قتل الطفل دعدس "جريمة حرب" مكتملة الأركان وهي استمرار لمسلسل الإرهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم في بيان مقتضب إن "دماء دعدس ستكون وقودا لثورة الشعب الفلسطيني التي لن تهدأ إلا بتحقيق أهدافه بالانعتاق الكامل من الاحتلال وتحرير ومقدساته والعودة إلى أرضه".