لماذا نصحت ألمانيا وفرنسا بتجنب إعطاء لقاح "مودرنا" (Moderna) المضاد لكورونا لمن دون 30 عاما؟ وما أحدث المعطيات عن أدوية كورونا ومدى فعاليتها؟ وهل يمكن أن توفر الإصابة بنزلة البرد حماية من كوفيد-19؟ الإجابات في هذا التقرير.
لماذا نصحت ألمانيا وفرنسا بتجنب إعطاء لقاح مودرنا المضاد لكورونا لمن دون 30 عاما؟
الجواب هو أن الآثار الجانبية لالتهابات عضلة القلب (myocarditis) أكثر شيوعا في حال إعطاء لقاح مودرنا للمرضى الشباب.
وأوصت الهيئة الاستشارية الألمانية للقاحات أول أمس الأربعاء بتطعيم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما ضد فيروس كورونا بلقاح "فايزر" (Pfizer) فقط. وحسب نتائج التحليل الذي أجرته اللجنة الدائمة للتطعيم (سيتكو)، أظهر لقاح فايزر انخفاضا في حدوث حالات التهاب عضلة القلب بالنسبة لهذه الفئة العمرية مقارنة بلقاح مودرنا.
وتنطبق التوصية باستخدام لقاح فايزر على هذه الفئة العمرية أيضا في حالة الجرعات التعزيزية، حتى لو كانت الجرعات السابقة التي تلقوها من تطوير شركات أخرى، كما أوصت اللجنة أيضا بتلقيح النساء الحوامل -بصرف النظر عن العمر- بلقاح فايزر.
وفي فرنسا، نصحت الهيئة العليا للصحة الاثنين الماضي بعدم إعطاء لقاح مودرنا المضاد لكوفيد-19 لمن هم دون 30 عاما، في توجيه أصدرته بعدما أظهرت دراسة فرنسية كبيرة أن اللقاحات العاملة بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) تزيد قليلا خطر الإصابة بالتهابي عضلة القلب وغلاف القلب (التامور) (pericarditis) لدى الشباب.
وتمت الدراسة -التي أشرفت عليها مؤسسة "إيبي-فار" للدراسات والبحوث التي تجمع وكالة الأدوية "آي إن إس إم" (INSM) وصندوق التأمين الصحي الوطني الفرنسي- على أشخاص تتراوح أعمارهم بين 12 و50 عاما دخلوا مستشفيات في فرنسا بسبب التهاب عضلة القلب أو غلاف القلب بين 15 مايو/ أيار و31 أغسطس/آب الماضيين.
وكما أوضحت تقارير اليقظة الدوائية، فإن نتائج الدراسة الفرنسية تؤكد أن لقاحي فايزر ومودرنا يزيدان خطر حدوث هذين المرضين في غضون 7 أيام بعد تلقي اللقاح.
وتمت مقارنة كل حالة بـ10 أشخاص من السن والجنس ومناطق الإقامة نفسها، لكن لم يعانوا من التهاب في عضلة القلب. كذلك تمت مقارنة حالات الاستشفاء بسبب التهاب عضلة القلب أو التهاب التامور بين الملقحين وغير الملقحين في حالات أخرى مماثلة.
وبدت حالات الاستشفاء أكثر وضوحا لدى الرجال الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما، خاصة بعد الجرعة الثانية من مودرنا؛ وبالتالي فإن التحصين به سبب 132 حالة من التهاب عضلة القلب لكل مليون جرعة تم إعطاؤها.
ولدى النساء دون 30 عاما أصاب التهاب عضلة القلب الناتج عن الجرعة الثانية من مودرنا نحو 37 لكل مليون جرعة.
أما بالنسبة إلى خطر الإصابة بالتهاب غلاف القلب، فهو بدا أكثر وضوحا بعد إعطاء لقاح مودرنا لمن هم دون سن 30، خاصة بعد الجرعة الثانية التي تسببت في حدوث نحو 18 حالة لكل مليون جرعة لدى الشباب.
ولم يتم الإبلاغ عن أي وفاة بين الأشخاص الذين نقلوا إلى المستشفى بسبب هذه الحالات أثناء إكمالهم التلقيح.
وقال مدير "إيبي-فار" محمود زريق لوكالة الصحافة الفرنسية "عندما نوازن بين فعالية اللقاحات ضد الأشكال الحادة من كوفيد-19 (المقدرة بنحو 90 %) وهذه الأخطار الموجودة لكنها نادرة، ومع التطور الإيجابي؛ لا نشكك في فائدة اللقاحات".
وعلى ضوء نتائج هذه الدراسة، نصحت الهيئة العليا للصحة في فرنسا بعدم استخدام لقاح مودرنا لمن هم دون 30 عاما.
وقالت الهيئة إنها "توصي السكان الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما -وحتى يكون ذلك متاحا- باستخدام لقاح فايزر، سواء أكان تلقيحا أوليا أم معززا".
وأضافت أنها في المقابل توصي "بأن لقاح مودرنا الذي تبدو فعاليته التلقيحية أفضل قليلا، يمكن أن يعطى لمن تزيد أعمارهم على 30 عاما" في جرعتيه الأوليين كما في جرعة ثالثة معززة، بشرط أن يكون عيار الجرعة الثالثة نصف عيار الجرعة الأولى.
وكانت الهيئة نصحت في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي باستخدام لقاح فايزر حصرا في الجرعات المعززة.
ما أحدث المعطيات عن أدوية كورونا ومدى فعاليتها؟
1- مولنوبيرافير
مولنوبيرافير (Molnupiravir) وافقت عليه بريطانيا الأسبوع الماضي؛ لتصبح أول دولة في العالم توافق على استخدام عقار لعلاج فيروس كورونا بشكل منزلي.
وطور الدواء -الذي يتم تناوله عن طريق الفم- كل من شركتي "ريدجباك بيوثيربيوتيكس" (Ridgeback Biotherapeutics) و"ميرك" (Merck) للصناعات الدوائية.
وقالت وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية إن العقار "آمن وفعال في الحد من مخاطر النقل للمستشفيات والحد من الوفاة لدى المصابين بكورونا بأعراض خفيفة إلى متوسطة ومرشحين لأن تصبح حالتهم خطرة".
وأضافت الوكالة أنه "استنادا إلى بيانات التجارب السريرية، نوصي باستخدام العقار في أسرع وقت ممكن، بعد الحصول على نتيجة إيجابية لفحص كورونا وفي غضون 5 أيام من ظهور الأعراض".
وأوضحت الوكالة أنه "تمت الموافقة على استخدام الدواء لدى مصابي كورونا بأعراض خفيفة إلى متوسطة، الذين لديهم عامل خطر واحد على الأقل لتطور إصابتهم لحالة خطرة، وتشمل السمنة وتجاوز سن 60 عاما، وداء السكري وأمراض القلب".
2- باكسلوفيد
"باكسلوفيد" (PAXLOVID) من إنتاج شركة فايزر، التي أعلنت الأسبوع الماضي أن حبوبها التجريبية لعلاج فيروس كورونا تخفض خطر معدلات النقل للمستشفيات والوفاة معا بنسبة 89%.
وقالت الشركة -في بيان- إنها "ستطلب من إدارة الغذاء والدواء الأميركية والجهات التنظيمية الدولية الموافقة على عقارها المضاد لكورونا في أقرب وقت ممكن".
وأضافت أنها أجرت دراستها على 1219 بالغا، وسجلت نتائجها الأولية انخفاضا في معدل كل من خطر الوفاة ودخول المستشفيات بعد مرور شهر، بنسبة 89%، لدى المصابين الذين تناولوا حبوب عقارها، مقارنة بمن لم يتناولوه.
وأشار البيان إلى أنه لم "يتم تسجيل أي وفاة لدى المصابين الذين تناولوا عقار "فايزر"، في حين احتاج أقل من 1% منهم إلى تلقي العلاج بالمستشفيات".
ولم يتلق المشاركون بالدراسة تطعيما ضد فيروس كورونا، وكانوا مصابين بالفيروس بأعراض خفيفة إلى معتدلة، وفق البيان.
3- رونابريف
طورت "رونابريف" (Ronapreve) شركة "روش" (Roche) السويسرية العملاقة للأدوية بالاشتراك مع شركة "ريجينيرون" (Regeneron) الأميركية للتكنولوجيا الحيوية، وهو دواء مضاد أحادي النسيلة.
4- ريغكيرونا
طورت "ريغكيرونا" (Regkirona) شركة "سيلتريون" (Celltrion) الكورية الجنوبية، وهو دواء مضاد أحادي النسيلة.
وأعطت وكالة الأدوية الأوروبية الضوء الأخضر أمس الخميس لاستخدام رونابريف وريغكيرونا القائمين على الأجسام المضادة وسيساعدان في منع ظهور أعراض شديدة على المصابين بالوباء.
وأفادت وكالة الأدوية الأوروبية -ومقرها أمستردام- في بيان بأن "رونابريف وريغكيرونا هما أول دواء مضاد أحادي النسيلة يحصل على رأي إيجابي بالنسبة لكوفيد-19".
والأجسام المضادة أحادية النسيلة المنتجة في المختبر عبارة عن بروتينات على شكل حرف "واي" (Y) ترتبط بالانتفاخات التي تنتشر على سطح الفيروس، مما يمنع العامل الممرض من غزو الخلايا البشرية.
هل يمكن أن توفر الإصابة بنزلة البرد حماية من كوفيد-19؟
توصلت دراسة أجرتها جامعة كوليدج لندن ونشرت في مجلة نيتشر إلى أن الإصابة السابقة بنزلات البرد يمكن أن توفر حماية داخلية لبعض الأشخاص ضد فيروس كورونا، وفقا لتقرير نشر في صحيفة تلغراف (Telegraph) البريطانية.
وأوضحت في تقرير كتبه مراسلها العلمي جو بينكستون أن الدراسة تتبعت أكثر من 750 من موظفي الرعاية الصحية الذين عملوا عن كثب مع مرضى كوفيد-19 العام الماضي، وأخضعتهم لاختبارات منتظمة.
ووجد الباحثون مجموعة فرعية من 58 شخصا لم تثبت إصابتهم أبدا بالفيروس وأظهروا زيادة ملحوظة في الخلايا التائية (T-cells) وهي مكون مهم في الجهاز المناعي.
وأشار التقرير إلى أن للجهاز المناعي عدة طرق لمحاربة العدوى؛ فبينما يمكن للأجسام المضادة أن تستهدف تهديدات محددة، يمكن للخلايا التائية أن توفر الحماية ضد مجموعة واسعة من فيروسات كورونا، بما فيها فيروس كورونا.
وقال مؤلف الدراسة الدكتور ليو سوادلينغ إنه عندما نظر العلماء إلى بعض الأفراد الذين كانت نتائج اختبارهم سلبية لكوفيد-19 رغم التعرض المتكرر لها؛ تبين أن استجابات خلاياهم التائية أقوى وأوسع مما هو متوقع، مقارنة بالذين أصيبوا بفيروس كورونا.
وأضاف أن تاريخ الإصابة السابق لهؤلاء العاملين في مجال الرعاية الصحية قد يفسر الرابط؛ فربما يكون التعرض السابق لنزلات البرد قد أعطى هؤلاء الأفراد ميزة في مواجهة الفيروس، مما أدى إلى قلب التوازن لصالح نظام المناعة لديهم الذي يقضي على الفيروس قبل أن يبدأ التكاثر.
وأكد العلماء أن نزلات البرد لا توفر كلها الحماية؛ فهناك نحو 1 من كل 10 نزلات برد تسببها فيروسات كورونا.
لكنهم قالوا إنه في مثل هذه الحالات يكون التفسير أن هؤلاء الأفراد كانوا قادرين على السيطرة على الفيروس قبل أن يتم اكتشافه، أي أن هذه الخلايا التائية الموجودة مسبقا جاهزة للتعرف على فيروس كورونا.
المصدر : الجزيرة + وكالات