باتت السلطة في موقف مالي حرج، دفعها للتفكير جديا في اقتطاع نسبة من رواتب موظفيها خلال الشهور المقبلة، في ظل توقف المساعدات والمنح واقتطاع جزء من أموال المقاصة.
ومنذ نشأة السلطة قبل أكثر من ربع قرن، تعتبر المنح والمساعدات بندا رئيسيا لا يمكن الاستغناء عنه، "ومع توقفها قبل قرابة 3 سنوات، بدأت تتكشف عورة السلطة المالية".
ولم تنجح جولة رئيس وزراء فتح، محمد اشتية، في جلب التمويل اللازم لتغطية العجز في ميزانية السلطة، "وهو ما أرجعه مختصون في شبهات فساد مالي تلاحق السلطة منعت الممولين من الدفع لهم".
أزمة خانقة
بدوره، قال الأكاديمي المختص في الشأن الاقتصادي، نور أبو الرب، إن توقف المساعدات والمنح زادت من التعقيدات المالية لموازنة السلطة خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أبو الرب في حديث لـ "الرسالة نت" أن الولايات المتحدة كانت تساهم بقرابة 400 مليون دولار لخزينة السلطة سنويا، "وهو مبلغ مهم جدا لتجاوز الضائقة المالية.
وأشار إلى أن توقف الاتحاد الأوروبي عن دفع الدعم لميزانية السلطة "زاد الطين بلة"، في ظل شبهات الفساد التي أوقفت التبرعات خلال العام الجاري.
ووفق أبو الرب، فإن المنح والمساعدات كانت تشكل -ولفترة طويلة- ربع موازنة السلطة، "ولذلك توقفها بشكل شبه كامل يؤكد عمق الأزمة المالية".
وأضاف: "كان على السلطة وضع في الحسبان مثل هذا اليوم، والتحول التدريجي نحو المشاريع الاستثمارية والتنموية، التي تدر دخلا على خزينة الدولة".
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة بدأت التضييق المالي، بداية عام 2018، بتقليص مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
ومع مطلع أغسطس من نفس العام، قررت قطع كافة مساعداتها، وهو ما أدخل "الأونروا" أزمة مالية خانقة، أثرت على تقديم مساعداتها للفلسطينيين.
وبعد القيود المالية اليت فرضها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، سادت حالة من التفاؤل في أروقة السلطة مع قدوم جو بايدن، "إلا أن المنح والمساعدات لم تختلف كثيرا مع اقتراب بايدن من عام على اعتلاء الحكم".
وفي تقرير لها العام الماضي، أظهرت بيانات للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار بكدار، أن إجمالي المنح والمساعدات الخارجية الموجهة لفلسطين، بلغت 35.4 مليار دولار منذ تأسيس السلطة.
وأوردت بيانات بكدار أن إجمالي المنح والمساعدات يرتفع ليصل إلى 36.5 مليار دولار، مع إضافة 1.06 مليار دولار على شكل قروض.
وتمتد الفترة التي يشملها إجمالي المنح والمساعدات والقروض الخارجية في بيانات المجلس، بين (1994- 2017)، وتضم مختلف المساعدات سواء للموازنة أو المساعدات غير المباشرة.
وتصدر الاتحاد الأوروبي البلدان والتكتلات والمؤسسات الداعمة لفلسطين، خلال تلك الفترة بإجمالي 6.7 مليارات دولار، تشكل نسبتها 18.4% من إجمالي المنح.
وفي المرتبة الثانية، جاءت الولايات المتحدة بإجمالي 5.74 مليارات دولار، تشكل 15.7% من إجمالي المنح، والسعودية ثالثا بـ 3.83 مليارات دولار بنسبة 10.5%.
وتجدر الإشارة إلى أن المنح المالية الدولية المقدمة للموازنة منذ نشأة السلطة، بلغت 13.56 مليار دولار، تشكل نسبتها 37.2%، مستحوذة على الحصة الأكبر من المساعدات.
وقال مستشار اشتية، استيفان سلامة، إن السلطة تعيش هذا العام وضعا ماليا هو الأسوأ في تاريخها، متوقعا أن تستمر الأزمة حتى حلول مارس المقبل.
وأكد سلامة أنه حتى مارس، "نحتاج لدعم استثنائي بقيمة 400 مليون دولار، حتى نتمكن من توفير الخدمات ورواتب الموظفين".