قائمة الموقع

برصاصة واحدة.. أبرياء يذهبون للموت بلا ذنب

2009-10-20T17:00:00+02:00

غزة/ أمينة زيارة

زادت في الشهور الأخيرة حالات القتل والاعتداء في المجتمع الفلسطيني لأتفه الأسباب، خاصة بين الشباب، نتيجة للحصار وسهولة الوصول إلى السلاح مما حصد ضحايا كثر.

"الرسالة" نقلت بعض صور حالات القتل والاعتداءات نتيجة الشجارات العائلية في الشارع الفلسطيني وتحدثت إلى أصحاب الاختصاص.

قتلى أبرياء

لم يعلم الطفل "م. خ" بأنه سيلقى مصرعه على يد زميله وجاره الطفل "ع.ع" نتيجة خلافات في المدرسة امتدت إلى الشارع حيث حمل الأول عصا وأخذ يضرب جاره وزميله بقوة على جميع أنحاء جسده مما دفع الآخر إلى تخليص العصا من يده وانهال عليه بالضرب على مؤخرة رأسه وكانت القاضية.

وقصة مقتل الشابين "ش وغ.ج" كانت شبيهة بسابقتها إلا أن هدف الجريمة وزمانها اختلف فقد نشب الشجار في إحدى ليالي شهر رمضان الماضي بين الأطفال باستخدام المفرقعات والأسلاك الحارقة.

احتدت الخلافات وتصاعد لتنتقل إلى أهالي الأطفال وانتقلت إلى الشارع واجتمع الجيران على صوت الشجارات مما دفع صهر عائلة "ب" إلى إطلاق الرصاص على الشابين وأرداهما قتيلين على الفور.

خلافات بسيطة

ومما يثير الاستغراب أن الشجارات العائلية تندلع لأتفه الأسباب وتبدأ بالضرب والتكسير وتنتهي بالقتل. وعبر الشاب "ب.ع" لـ"الرسالة" عن استغرابه لاندلاع مثل هذه الشجارات لأتفه الأسباب .

ويقول: كنت أحد ضحايا الشجارات حيث قُتل ثلاثة من خيرة الشباب خلال شجار عائلي وأصيب العشرات بإصابات خفيفة ومتوسطة إثر خلاف بين عائلة "ع ، ح" بسبب خلافات بين زوجين وامتدت الخلافات وكبرت حتى وصلت إلى استخدام السلاح الاتوماتيكي والأبيض والأيدي وفي النهاية كان الضحية هؤلاء الشباب الثلاثة بدون ذنب اقترفوه، فهؤلاء الشباب لم  يشاركوا في هذه الخلافات.

حصار وضغط نفسي

وعن الزيادة الملموسة في جرائم القتل يشير المقدم رفيق أبو هاني الناطق الإعلامي باسم الشرطة إلى أنه لا يمكن القول أن القتل في مجتمعنا في هذا الوقت أصبح ظاهرة ملموسة لأنه بفضل الله وجهود الشرطة والأجهزة الأمنية استطعنا الحد بشكل كبير من هذه الظاهرة فانخفضت أعداد مثل هذه الحوادث ففي الفترة من 2006م- 2008م سجلت أرقاماً قليلة جداً مقارنة بالأعوام التي سبقتها، ومن الملاحظ وجود عدة جرائم قتل في الشهرين الأخيرين بشكل أعلى من الأشهر السابقة.

ويرجع أبو هاني أسباب انتشار حالات القتل في الأشهر السابقة إلى الأوضاع التي يحياها المواطن الفلسطيني سواء كانت اقتصادية نتيجة الحصار الظالم من العدو الصهيوني أو نفسية نتيجة الضغط النفسي باعتبار أن غزة أصبحت "سجنا كبيرا" .

ويؤكد أبو هاني أن الشرطة تعمل كل ما بوسعها لإنهاء هذه الحوادث ومنعها قبل وقوعها وعلى سبيل المثال تمكنت الشرطة بداية شهر أغسطس من منع جريمة قتل حيث قام عدة أشخاص من شمال القطاع باختطاف دكتور في محاولة لقتله إلا أن رجال المباحث اكتشفوا الجريمة وألقوا القبض عليهم بعد ثوان معدودة من خطفه.

ويوضح المقدم أبو هاني أن الشرطة تضحي في كثير من الأحيان أثناء تدخلها لفض الشجارات العائلية ويرتقي من أبطال الشرطة الشهداء.

لا يشكل ظاهرة

ويرى المقدم أبو هاني أن ضعف الوازع الديني لدى بعض المتورطين في هذه الشجارات بالإضافة إلى محاولة أخذ القانون باليد وسوء استخدام السلاح من أسباب هذه الشجارات التي تُفضي إلى القتل.

وأكد أن الجهل هو سمة أساسية بين من يرتكبون جرائم القتل فتراهم يفتقرون للمؤهلات العلمية ويقعون في هذا المحظور لجهلهم وقلة علمهم، ويساعد في ذلك سوء الأوضاع الاقتصادية.

ويستدرك المقدم أبو هاني بقوله: ولكن هذا ليس مبرراً فمن غير المعقول أن نسفك الدماء في أحداث تحت مسمى الفقر ولكن هناك بعض الضعفاء إيمانياً وعلمياً يمكن أن يقعوا تحت مؤثرات تشدهم نحو هذا الخطر ومنها الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية نتيجة الحصار الظالم .

ويبدو أبو هاني مطمئنا لقلة مثل هذه الحوادث مؤكداً أنها لا تشكل ظاهرة مطلقاً.

ويضيف أن لانتشار السلاح بين أيدي المواطنين دور، فبطبيعة الحال نحن شعب محتل يتعرض للعدوان الصهيوني باستمرار لذا كان حمل السلاح يمثل ثقافة لمجتمعنا ولكن البعض من لا يقدر حرمة السلاح فيشهره في غير مكانه، مؤكداً: لن نسمح لأي كان أن يستخدم سلاح المقاومة في غير مكانه سواء من تنظيم أو حزب أو عائلة أو فرد.

شجارات عائلية

وعن النزعة العائلية والعشائرية يتحدث المقدم أبو هاني: نعلم أن مجتمعنا يقوم على العائلية والعشائرية وهي نزعة مفيدة إذا كانت للخير إلا أنها في كثير من الأحيان تدعو للظلم والعدوان على الضعفاء.

ويضيف أن بعض العائلات في قطاع غزة قد أخذت القانون بيدها في السلطة السابقة وتغولت على العائلات الصغيرة لكن بحمد الله أنهينا هذه الظاهرة العائلية ودفعنا الدماء الزكية من أجل ذلك والكل يعلم كم من الشهداء من الشرطة الفلسطينية أرتقوا لإنهائها.

ويوضح المقدم أبو هاني إن ظاهرة الشجارات العائلية التي ينتج عنها حالات القتل شكلت في عهد السلطة السابقة ظاهرة ويبدو ذلك جلياً من خلال الأعداد الكبيرة التي سجلت لهذا النوع من الجرائم ولكننا بفضل الله خلال السنوات الثلاث الماضية شهدنا تدنيا كبيرا وذلك حسب الإحصائيات الخاصة بالشرطة والإحصائيات الخاصة بالمراكز الحقوقية ومؤسسات حقوق الإنسان.

تركة قديمة

ويشير إلى آليات علاج هذه الظاهرة بقوله: لا يمكن حل هذه الظاهرة وإنهائها بشكل نهائي فلا يوجد مجتمع يخلو من جرائم القتل بشكل كامل وإنما من الممكن الوصول بها إلى أدنى نسبة ويكون ذلك عن طريق تعاون الشرطة مع لجان الإصلاح في حل المشاكل ووأدها في مهدها من خلال التوعية والإرشادات المستمرة وإقامة الندوات واللقاءات الجماهيرية بين الشرطة ولجان الإصلاح من جهة والمواطن من جهة أخرى، ويكون ذلك أيضاً بتعاون المواطن مع الشرطة وإبلاغه عن أي مشكلة تواجهه لحلها قبل تفاقمها، منوهاً إلى أن هذا الأمر تركة قديمه حملنها من بقايا السلطة السابقة والمعالجة الخاطئة والتي كان للأجهزة الأمنية السابقة الدور الأكبر في بروز هذه الظاهر حيث كانت تشكل فرق الموت التي كانت تعبث بدماء الأبرياء دون حساب ولا عقاب والآن مازالت تمارس دورها في الضفة الغربية.

 

اخبار ذات صلة