في حي باب العامود أجبرت قوات الاحتلال المواطن إياد برقان على هدم بيته بيده، وقد انتشرت صوره عبر شبكات التواصل وهو يحدق في حجارة العمر وهي تنهار أمام عينيه في منزله بحي سلوان في القدس.
لم يكن هذا المشهد هو الأول، فقد نشرت قبل أسبوع صور لعائلة في منطقة الطور في القدس، مهددة بالإخلاء والهدم، وقبلها عشرات الصور لمنازل تم الاستيلاء عليها من قبل المستوطنين.
ورغم كل الأوراق التي قدمها برقان والتي تثبت ملكيته وعدم تجاوزه للقانون، لكن قرار الهدم أجبر العائلة على الهدم على نفقتها، في محاولة اعتادها أهالي القدس، دون دليل أو تجاوز يأت قرار هدم اجباري وعلى نفقة صاحب البيت، بشكل يزداد يوما بعد يوم.
وكشف تقرر أممي يوم الإثنين، عن "ارتفاع معدل هدم ومصادرة منازل المقدسيين منذ عام 1967 بنسبة 21% في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، مقارنة بنفس الفترة من عام 2020".
فيما تزايد عدد المشرّدين الفلسطينيين بنسبة 28% خلال نفس الفترة، بحسب تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وذكر التقرير أنه "رغم أن شهر أيلول/ سبتمبر سجّل أقل مستويات من الهدم والتشريد منذ عام 2017، إلا أن هدم المنشآت أو مصادرتها ارتفع بنسبة 21% في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من عام 2020.
د. عمر رحال مدير مركز إعلام وحقوق الديمقراطية في القدس يقول إن الحرب على القدس حرب ديمغرافية من أجل أن يكون هناك أكثرية يهودية على حساب المواطن الفلسطيني، وذلك يظهر من خلال المساحة التي يمسح للفلسطيني المقدسي بالبناء فيها حيث لا تتجاوز 13 %
ويرى فخري أبو دياب عضو لجنة الدفاع عن سلون في مقابلة مع "الرسالة" أن القدس وسلوان تحديدا مهددة أكثر من غيرها حسب مشروع اورشليم وهو ما يتطلب أن تكون هي الواجهة، لما فيها من كنوز وتاريخ أثري كبير يسهل على الاحتلال التلاعب فيها للترويج لروايته الدينية كيف يشاء.
وبين أن هناك عشر عائلات مقدسية تواجه مصيرا مجهولا، ولكن الأخطر ما يحدث في حي سلوان، لأن الاحتلال في كل مرة يطرد المقدسيين بحجة التنقيب عن الأثار ويحفر أسفل بيوتهم.
ويقول أبو دياب إنه تحت غطاء التنقيب عن الأثار تتحرك جمعيات استيطانية إسرائيلية لتهدم ما تبقى من بيوت المقدسين وتحفر أنفاق تحت الأرض، وتجعل هذه البيوت متصدعة ثم تم هدمها.
ويلفت أبو دياب إلى أنه ومنذ 67 لم تتوقف المخططات التي تريد ترسيم الحدود لمنطقة القدس حيث توسعت وشملت منطقة سلوان العربية والتي اخترقتها الأحياء العربية واستولت فيها على بيوتهم، وبدأت بتطبيق أملاك الغائبين، والغائبين حاضرين في الواقع.
ثم امتد الطغيان حسب أبو دياب، ووصلت مصادرة الأملاك على مدار السنوات العشر الماضية صودر ما نسبته 35% من أراضي الملكية الخاصة، وأقيمت 13 مستوطنة ونقلت أكثر من 300 مستوطن لاستعمار أراضي عربية وكانت أكثرها في سلوان.
وبين أن الاحتلال استثمر في العشرين سنة في سلوان أكثر من غيرها، لأن حي سلوان يقع جنوب البلدة القديمة على امتداد 5640 متر ويضم الأحياء القديمة العريقة والقريبة من السور الجنوبي للمسجد الأقصى.
ويلفت أبو دياب إلى أن المشاريع تشمل قبورا وهمية لا تحمل مسميات ولا جثامين، فقط لمصادرة الأراضي ومحاصرة التمدد العمراني العربي في سلوان لكيلا يصل للأقصى وهو مخطط خطير وهناك الكثير من الحفريات التي جعلت المنطقة القديمة بما فيها المسجد الأقصى معلقة في الهواء وقد تنهار في أي وقت.
أصبح واقع أهالي القدس كابوسا، فلا يدري أي منهم سيكون دوره القادم في هدم أو حفر أسفل منزله، ويبدو أن الأحياء القريبة من منطقة المسجد الأقصى، ستظل هي أكثر من يدفع الثمن.