أبناء القدس ليسوا عاديين، لاسيما صغارهم يدركون أن المحتل إلى زوال، يسخرون من جنود الاحتلال أينما كانوا ويؤكدون لهم أنهم سيرحلون، يرفضون الإجراءات اليومية التي يفرضها الاحتلال في المدينة المقدسية كالاقتحامات والاعتقالات والقمع.
رغم مغريات الحياة المتاحة أمام الفتية في السنوات الأخيرة، إلا أن شباب القدس يرفضونها ويمضون في دفاعهم عن بلدتهم المقدسة التي لا يضاهيها شيء في الكون كما فعل الفتى عمر أبو عصب -16 عاما- أمس.
لم يقبل أبو عصب ما يجري في مدينته من عمليات هدم وتهجير للسكان، فتراكم الأحداث دفعه لينقض على عناصر من شرطة الاحتلال كانت تتمركز في شارع الواد بالبلدة القديمة، منفذا عملية طعن أدت لإصابة اثنين من الجنود.
وسرعان ما أطلق جنود الاحتلال النار على الفتي أبو عصب وبقي ينزف حتى صعدت روحه إلى السماء شهيدا، وتمت العملية بالقرب من مقر جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية التي تستولي على منازل الفلسطينيين في القدس.
وبعد التأكد من هوية منفذ العملية اقتحم جنود الاحتلال بيت عائلة أبو عصب واعتقلوا والد الشهيد وشقيقه، ثم أفرج عنهم.
وحين عاد والده استقبله المهنئين بالشهادة، وبقيت النسوة يزغردن وهن يرفعن روح والدته المعنوية، أما والده بقي يردد "الحمدلله ربيت شهيد".
الشهيد عمر كثيرا ما كانت تزعجه عمليات التفتيش المستمرة لبيته، ومشاهد الاعتداء على النساء في بلدته المقدسة وما يجري في المسجد الأقصى، فخطط ببراءته لينتقم من محتل يضرب بعرض الحائط كل الأعراف الدولية ويستمر في الانتهاكات ضد المقدسيين.
ولأن الشهيد أبو عصب ابن بلدة العيساوية شمالي شرق القدس المحتلة، اقتحمت قوات من المخابرات وشرطة الاحتلال العيساوية وعززت من تواجدها عند المداخل.
وبالتزامن مع العملية، أغلقت قوات الاحتلال أبواب المسجد الأقصى والبلدة القديمة ومنعت الفلسطينيين من الدخول والخروج، واعتدت على المقدسيين عند باب الساهرة عقب احتجاز العشرات منهم وعدم السماح لم بالمرور عبره.
وعم الإضراب اليوم الخميس أرجاء بلدة العيساوية شمالي شرق القدس المحتلة؛ حدادًا على روح الشهيد الفتى أبو عصب.
وأغلقت المحال التجارية والمدارس وجميع المؤسسات أبوابها التزامًا بالإضراب الذي دعت إليه القوى الوطنية والإسلامية في العيساوية.
واندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والشبان في بلدة العيساوية تخللها رشق للحجارة والزجاجات الحارقة والألعاب النارية.
وردت قوات الاحتلال بإطلاق القنابل الصوتية والغازية والأعيرة المطاطية والحيّة باتجاه الشبان ما أدى لتسجيل 57 إصابة بحسب مصادر طبية.
واعتبرت حركة حماس في بيان لها أن عملية الطعن تأكيد على استمرار "ثورة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، مشيرة إلى أن العملية البطولية التي كانت في القدس تأتي تأكيدا على ثورة الشعب ضد المحتل".
وأكدت في بيان لها أن العملية الأخيرة تعكس عجز المحتل عن وقف انتفاضة الشعب رغم كل سياسته الإجرامية، معتبرة أن ما يجري من أحداث في القدس تعد صورة من الصراع الكبير بين الشعب الفلسطيني ومقاومته وبين الاحتلال (...) الذي لن ينتهي إلا بانتصار شعبنا صاحب الأرض والحق والتاريخ".