أمجد سلطان... عودة الجسد المعتقل في ثلاجة

أمجد سلطان... عودة الجسد المعتقل في ثلاجة
أمجد سلطان... عودة الجسد المعتقل في ثلاجة

الرسالة نت-رشا فرحات

بالأمس عاد الشهيد أمجد سلطان، عاد الجسد من الثلاجة بعد خمسة وعشرين يوما من الاحتجاز وتكوم أمجد فوق جثث كثيرة، فكان أشبه بلوح من ثلج، وجه متجمد، وشعر تكسوه الثلوج، كما وكأنه تاه في عاصفة وعثر عليه بعد فوات الآوان بوجه مزرق الملامح.

لكن الحقيقة هي أن (إسرائيل) هي البقعة الوحيد على هذه الأرض، التي تجمد الموتى لسنوات في ثلاجات لا يعرف طريقها، ثم تعيدهم لعائلاتهم بعد مناكفة وحسرة في القلب، بمزاجية الانتقاء وأحيانا لا تعبأ بالتوسلات، فلا يعرف للجثمان مكان في قبر أو في ثلاجة.

وهكذا اقترب الجميع من جسد أمجد المجمد، الذي لو احتضنه أحدهم سوف يكسر، يده، أصبعه، قدمه، ذراعه، قطع من جسد مجمد لا يمكن احتضانه حتى يذوب!! ولكي يذوب يجب أن يمدد على فراش دافيء ليومين كاملين. وهكذا دفن أمجد بقبلة وحيدة على الجبين البارد.

و(إسرائيل) وحدها في هذا العالم التي تحتجز جثامين الشهداء ممن لم يدفنوا في ثلاجات تحت درجة حرارة تقل عن 35 تحت الصفر، وبالهيئة التي قتلوا فيها وقت إعدامهم، هذا يعني أن الدماء لا زالت مجمدة على الجسد البارد، لتحكي قصة اغتيال طفل لم يتجاوز الستة عشر، قصة لا شهود عليها سوى قطرات الدم التي تكسوها الثلوج.

وقد زادت وتيرة هذا النوع من الاحتجاز مع بداية أحداث ثورة القدس في أكتوبر 2016 كوسيلة للانتقام من ذوي الشباب الشهداء، وممن يقومون بعملية مقاومة لجنود الاحتلال في القدس فيقتلهم ثم يصادر حقهم في الدفن باحتجازهم في الثلاجات، وحتى الآن لا زال هناك 51 جثمان محتجز لديهم.

ويعتبر حقوقيون أن (إسرائيل) هي الوحيدة في العالم التي تُساوم على جثث شهداء دولة تحتلها، وهو ما يعرّضها للكثير من الانتقادات خصوصاً من المنظمات الدولية.

ويبدو أن عملية التجميد لا تتم بعناية أو ترتيب، حيث يُرص الشهداء فوق بعضهم البعض، حيث يضعونهم في كيس أسود ثم يلقونه فوق جثث مُحتجزة أخرى، ما يصعّب فصل الجثث في كثير من الأحيان، وهذا ما قاله الدكتور عبد الله أبو هلال مدير مركز أبو ديس الطبي وهو يحاول فصل جثمان الشهيد مازن حسن عربية الذي احتجز لثلاثة أسابيع في الثلاجات (الإسرائيلية.

قتل الاحتلال الشهيد أبو سلطان في الخامس عشر من الشهر الماضي قرب منطقة الانفاق بمدينة بيت جالا وأصيب معه زميل له كان قد اعتقل لاحقا، ومنذ ذلك الوقت وعائلة أبو سلطان تركض على الجهات والمؤسسات الحقوقية تتوسل إعادة جثمان ابنها لدفنه كما يليق بالإنسانية.

هيئة شؤون الاسرى حصلت على قرار قضائي بتسليمه بعد أن تقدمت بالتماس بهذا الشأن.

وتقول سلوى حماد المتحدثة باسم الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الأسرى إن الاحتلال أفرج عن بعض الجثث ولا زال يحتجز عدد منهم في الثلاجات، بينما وافق على دفن عدد منهم في مقابر تتبع جيش الاحتلال ولا تعرف عائلات الشهداء في الغالب طريقهم ولا أرقام قبورهم.

ويحتجز الاحتلال الجثامين في معهد "أبو كبير" وهو المعهد الطبي الوحيد المرخص بتشريح الجثث ومعرفة أسباب الوفاة، بينما يرفض الإدلاء عن أية تفاصيل حول هوية وإصابات الشهداء المحتجزين هناك، ويرفض أي تجاوب مع ذوي الشهداء ومن ضمن الشهداء المحتجزين خمسة قتلوا في مسيرات العودة وسحبت جثامينهم إلى ثلاجات الاحتلال .

 

البث المباشر