الرسالة نت-كمال عليان
تحاول جرافات بلدية غزة اعادة ترميم ميناء غزة بعدما اجتاحتها العواصف التي أغرقت عددا من القوارب للصيادين.
رياح قوية تبعث الرعب في النفوس، وتقتلع الإنسان من مكانه، بل وتجعل الأسماك تطير بعد ضرب الأمواج العالية فيما تبقى من أحجار الميناء.
وعلى طول شاطئ الميناء، يمكن للناظر أن يرى غابة من القمامة، والحجارة التي قذفتها الأمواج إلى الخارج، والأدهى أن ترى بعض الناس منتظرين رزقهم من الأسماك، وهو رزق لم يجد أصحابها صعوبة في تعبئة سلالهم بغلات وفيرة منه.
وأما ترميمات الحكومة الفلسطينية لاستقبال أسطول الحرية فقد تحولت إلى أثر بعد عين بفعل موجة الرياح التي ضربت المنطقة لليوم الثاني على التوالي، فالتشققات كانت واضحة تماما في هذه الترميمات، وجزء منها قذفته الرياح إلى اكثر من 300 متر من مكانه.
وشهدت ميناء غزة، كارثة مشاهدها لا تقل فظاعة عن مشاهد "تسونامي"، فقد خلفت آثارا لا تمحى من مخيلة كل من تربطه بها صلة أو عايشها أو حتى سردت على مسامعه.
وحذرت الشرطة البحرية الصيادين قبل أيام بتفقد قواربهم والحفاظ على حياتهم أثناء عملهم الليلي في شواطئ غزة رغم أجواء الشتاء الباردة وتربص زوارق الاحتلال والملاحقة اليومية لهم.
ورغم كافة التدابير التي اتخذها الصيادون في ميناء غزة لحماية قواربهم، إلا أن العواصف كانت أقوى مما يتوقعون، حسب ما أفادوا.
وبين بقايا سفينته المدمرة في إحدى زوايا ميناء غزة، كان يجلس الصياد الأربعيني أبو خالد النحال واضعا كفه على وجنتيه، وينظر إلى الدمار الذي خلفته العواصف بقواربه الأربعة، متمتما بصمت :" الحمد لله على هذا الحال وكل حال".
وفي تفاصيل تسونامي ميناء غزة، أكد النحال لـ"الرسالة نت" أن الرياح والعواصف اشتدت مساء أمس بشكل رهيب جدا لدرجة أنهم خرجوا إلى الميناء الساعة الثالثة ليلا ولم يجدوا أي أثر لقوارب الصيد التابعة لهم.
وليس بعيدا عن أبو خالد كان الصياد أبو وائل العمري الذي قال وهو يشير بيده إلى بقايا قارب صيده "الواحد مش عارف من وين يتلقاها، ولكن الحمد لله ونتمنى من الله أن يعوضنا خيرا".
وبينما كان يحاول مساعدة جاره في ترميم قاربه المدمر أيضا أوضح الصياد العمري (34عاما) أنه لا زال يدفع أقساطا من ثمن قاربه المدمر، داعيا الحكومة الفلسطينية أن تساهم في التخفيف من آثار الكارثة.
وبحسب النقيب رائد الدهشان مدير إدارة العمليات المركزية في الدفاع المدني فإن الرياح تسببت في تصدع جدار الميناء والقوالب الاسمنتية وانهيار في التربة.
ونوه الي ان قلة المعدات والامكانيات تزيد من صعوبة الوضع, حيث ان الطواقم تعمل بشكل يدوي, موضحاً ان قيادة الدفاع المدني اجتمعت لوضع خطة طوارئ من خلال استنفار جميع الطواقم.
وكانت دائرة الأرصاد الجوية توقعت السبت أن تتأثر فلسطين والمنطقة بمنخفض جوي عميق مصحوب بكتلة هوائية باردة، ويكون الجو غائماً وبارداً وماطراً، وتكون الأمطار مصحوبة بعواصف رعدية وزخات من البرد أحياناً، وتكون الرياح جنوبية غربية نشطة السرعة مع هبات قوية أحياناً، ويكون البحر مائجاً.
وأعلنت اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة أن طواقمها على أعلى درجات الجهوزية للتعامل مع نتائج المنخفض الجوي الذي يضرب قطاع غزة في هذه اللحظات.
وتتوقع الأرصاد أن يبدأ المنخفض الجوي بالانحسار التدريجي بعد غد الاثنين فيما تبقى الفرصة مهيأة لسقوط الأمطار المتفرقة والخفيفة بين الحين والآخر.
دقائق معدودة تلك التي قضيناها بين ثنايا ميناء غزة الحزين، كانت كفيلة بأن ترسم ملامح ذلك المكان الذي كان يطلق عليه ميناء.