يواكب الزمن

إعلام حماس.. من البيان إلى الفضائية

 إعلاميون وباحثون: إعلامها يتطور وتحتاج لمتحدثين بلغات أجنبية

البردويل: خطابنا وحودي يحافظ على الثوابت

الرسالة نت - لميس الهمص

منذ انطلاقتها الأولى لم تغفل حركة المقاومة الإسلامية حماس عن الإعلام كوسيلة للتواصل مع جمهورها, فبحثت وطورت خطابها ووسائلها الإعلامية لتواكب عالم السرعة والمعلومات, حيث تخطت بداياتها من البيان والكتابة على الجدارن لتصل إلى الفضاء ، وكونت أدواتها الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة لتجاري الواقع.

تطور ملحوظ

حركة حماس قطعت شوطا كبيرا في تطوير أدائها الإعلامي, كما يعتقد الكاتب الصحفي مصطفى الصواف فهي تحاول مجاراة الواقع الدولي وتطور أدائها حسب قدراتها المتاحة ، لافتا إلى انه يجب عدم محاكمتها من خلال ما تملك من قدرات كونها لا تتمتع بحرية كاملة .

وبحسب الصواف فإن الحركة تطورت إعلاميا بشكل ملحوظ, فمنذ عشرة سنوات لم تكن تمتلك سوى الحائط لتعبر عن آرائها لكنها الان باتت تملك الصحف والإذاعات والفضائية والمواقع الإلكترونية.

وقد تمكنت حركة حماس من الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم عبر تطور خطابها الإعلامي ، وأصبحت قادرة على توضيح وشرح فكرتها وقطع الطريق على من يحاول تشويه صورتها وذلك بالتزامن مع تطور وسائل الإعلام لديها .

و حسبما يقول الدكتور صلاح البردويل القيادي في حركة حماس فإن الحركة استطاعت أن تطور من وسائلها البدائية فملكت الإذاعة والصحافة , مضيفا: خطابها وحدودي يحترم الآخر ويقف ثابتا في مواجهة الاحتلال ولا ينقل المعركة إلى خارج فلسطين كما يطالب الأوروبيين باحترام حقوق الفلسطينيين.

ويتابع: أما على صعيد امريكا فنحن نفرق في خطابنا بين الشعب والإدارة فالأخيرة ترفع صوت وسلاح الفيتو ضدنا وتساند العدو وترفض الاعتراف بدولة للفلسطينيين.

وذكر أن صراعهم مع المحتل هو صراع سياسي مغذى بروح إسلامية ، مؤكدا أن خطابها يهتم بالمرأة والطفل كعنصرين اساسيين في النضال، مشيرا إلى انه حركته تهتم بالقدس واللاجئين والسرى كثوابت وركيزة مهمة في إعلامها وتعتبر أن السياسية والإعلام والاخلاق غير منفصلين فتبتعد عن الكذب والتزوير.

واستطرد البردويل: لذا عكفت حماس على تطوير خطابها عبر قنوات الاتصال المختلفة وأصبحت توجه خطاباتها بشكل مباشر و تعمل على الاستفادة من التغذية الراجعة وردود الأفعال.

فيما قال الدكتور فريد ابو ضهير استاذ الإعلام بجامعة النجاح الوطنية : خطاب حماس يحافظ على الثوابت الفلسطينية ومنهجها راقي ويلقى قبولا أنصارها ومؤيديها, مستدركا: لكن هناك ثغرات في خطابها بالنسبة لغير المؤيدين من ابناء الفصائل الأخرى كون خطابها حزبي ويعالج ما تطلبه قواعد الحركة، فهي بحاجة لاستقطاب المحايدين والمعارضين من خلال ايجاد قواسم مشتركة ممكن من خلالها التوحد.

وأظهرت دراسة للطالب معين كوع في جامعة ويستمنستر – لندن لنيل درجة الماجستير بعنوان" رسالة حماس الاتصالية: الاستراتيجية، التكتيكات، القنوات، والفاعلية،" أن الخطابات الدينية كانت من أكثر تكتيكات حماس في علاقاتها العامة ، مشيرا إلى استخدام الحركة لجميع قنوات الاتصال المتاحة لتحقيق أهدافها .

وقد وصل الباحث كوع إلى عدد من النتائج أهمها أن حركة حماس استخدمت جميع قنوات الاتصال المتاحة لتحقيق أهدافها، وتتضمن جميع وسائل الإعلام القديمة والحديثة وتقنياتها.

كما أن أكثر قناة اتصال تأثيرا استخدمتها حماس محلياً هي المساجد، وأكثرها تأثيرا على المستوى العربي والإسلامي والعالمي هي محطات التلفزة الفضائية.

خطة منظمة

فيما أصدر "المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية" في مصر، ترجمة وتحليلاً لدراسة إسرائيلية بعنوان " البنية التحتية الإعلامية لـ "حركة حماس" في غزة ".

الدراسة الإسرائيلية، بحسب ترجمة المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، تقول انه خلال حملة "الرصاص المصبوب" لحقت الأضرار بالبنى التحتية الإعلامية الأكثر أهمية بالنسبة لحكومة "حماس"، ومنذ انتهاء الحملة أولت الحكومة أهمية لترميم وتقوية المنظومة الإعلامية من خلال التأكيد على مأسسة وسائل الإعلام وتحسين القدرات الإعلامية في قطاع غزة.

وتوضح الدراسة أن البنية التحتية الإعلامية الواسعة التابعة لـ "حماس" حالياً تتضمن فضائيتين هما قناة "الأقصى" بقطاع غزة، وقناة "القدس" بدمشق، وعدداً من محطات الراديو من بينها محطتا "صوت الأقصى"، و"القرآن الكريم"، وصحيفة يومية هي "فلسطين"، ونصف أسبوعية "الرسالة" وتصدران في غزة، و"فلسطين المسلمة" تصدر من بريطانيا، وعدد من وكالات الأنباء، وأكثر من "20" موقعاً ومنتدى على شبكة الإنترنت وفي مقدمتها المركز الفلسطيني للإعلام ويصدر بثماني لغات، ومنتدى شبكة فلسطين للحوار.

ويؤكد الاعلامي الصواف أن وسائل الإعلام التابعة للحركة تعكس سياسة حركتها وتقدم كل ما يطلب منها فهي متناغمة مع سياسة الحركة وتلتزم بمحددتها الإعلامية، مبينا أن الاهتمام الدولي بات واضحا بالحركة بعد فوزها بالانتخابات ولتأثيرها في حالة السلم والحرب العالميتين فباتت وسائل الإعلام الدولية تستضيف قادتها وتتعامل معهم .

ولفت الصواف الى ان رسالة حماس وصلت لقطاعات عريضة ولم تقف عند الداخل فحسب بل امتدت لتؤثر في الخارج وخلقت رأيا عاما ، والجماهير المتعاطفة مع حماس والمساندة لها في العالم تؤكد على نجاح حماس في حشد تأييد الجمهور الخارجي" .

ويرى الدكتور أبو ضهير أن ناطقين في الحركة لازالوا بحاجة لمزيد من النضوج ، فيما يستطيع البعض الآخر التعاطي مع الأحداث بمهارة ولباقة، مطالبا بعدم الدخول في معارك إعلامية وردود قاسية وانتقادات لاذعة للأطراف الأخرى وخاصة حركة فتح .

ويشير الباحث أبو كوع إلى أن قناة الجزيرة الفضائية وموقعها الالكتروني أدت وظيفة علاقات عامة جيدة لحركة حماس، من خلال إعطاء المتحدثين باسمها مساحة حرة في نشراتها الإخبارية للتحدث حول القضايا الفلسطينية ومستجدات الأحداث، وكذلك ساعدت على خلق صورة جيدة للحركة عالميا، وبخاصة على المستوى العربي.

ويقول أن لدى حماس خطة إعلامية منظمة، وإستراتيجية علاقات عامة واعية تهدف إلى خدمة الهدف الأساسي للحركة ، وكذلك تسعى حركة حماس دائما إلى تطوير قدرات كوادرها الإعلامية بإمدادهم بالدورات المختصة، والمعدات الحديثة، وبعض التقنيات العالية.

تحتاج للغات

وانتقد الصواف النقص الواضح في المتحدثين بلغات أجنبية ، موضحا ـأنها تعتمد على سفرائها من المؤيدين في الخارج لنقل وجهة نظرها للعالم الغربي ، مطالبا بخطاب إعلامي ينقل بعدة لغات اوربية ليفهمها كل العالم.

ووافقه الرأي الباحث أبو كوع الذي بين أن على حماس تعيين ناطقين إعلاميين باسمها يتحدثون لغات أجنبية بشكل فصيح، آخذة بعين الاعتبار طبيعة الجمهور الغربي وتوجهاته.

وأوضح أن على حماس أن تسعى بأن تكون لها رسالة يومية تصل إلى جميع السفارات، والمؤسسات الإعلامية المحلية والعالمية، لشرح القضية الفلسطينية وسياسة حماس ومشروعيتها لتجنيد رأي عام عالمي يكون إلى جانبها، رغم المقاطعة المفروضة عليها، وأن تكون هذه الرسالة بعدة لغات وواضحة الهدف، آخذة بعين الاعتبار طبيعة المستهدفين وطريقة حياتهم، لمخاطبتهم باللغة والشكل المناسب تبعا لطريقة التفكير والاتجاهات.

وفي ذات السياق يرى الدكتور البردويل أن خطاب حركته وطنيا عاما لا يعادي أي جهة ، مبينا أن حماس بالرغم من عدم امتلاكها لكادر كاف لمخاطبة الغرب إلا انها لم تعجز عن توجيه الرسائل له من زمن بعيد .

وأوضح أن الرسائل وجهت للغرب منذ الابعاد لمرج الزهور عن طريق قيادات عدة كالرنتيسي والزهار ودويك، لافتا إلى سعيهم لامتلاك كادر كبير يوجه رسائل الحركة للغرب .

وبحسب البردويل فإن حماس من خلال صناعتها للحدث تجذب وسائل الإعلام للتعامل معها فتكون محط انظارهم فتأخذ تصريحاتها واعتمدت كحركة مناضلة تقدم دائما كل ما هو جديد.

ويذكر الدكتور أبو ضهير أن حماس فرضت نفسها من خلال المقاومة على وسائل الإعلام العربية والدولية فكان لها حضور قوي يمكن استثماره بالدبلوماسية.

وأشار إلى أن حركة حماس تحتاج لمتحدثين يتقنون اللغات الطليقة للوصول للغرب بأسلوب عقلاني ، معتقدا أن عليها أن تستوعب السياسة العالمية وتحدد اتجاه خطابها في ظل التأثيرات المختلفة والضغوط والعجز الدولي والعربي.

فيما يرى مراقبون أن على حركة حماس أن تتخلص من ضيق المحلية وتنطلق نحو العالمية، وتترفع عن المناكفات مع الآخرين دون مجاملة أو نفاق.

كما أن خطابها يجب أن يتخلص من الإغراق في التفاصيل المحلية نحو الكليات العربية والإسلامية والعالمية، ويتسم بالمصداقية وينقل الصورة الحقيقية للأوضاع التي تعيشها الأراضي الفلسطينية بموضوعية وبطريقة يستوعبها الشعب الفلسطيني والعالم ويتفهمها ويتقبلها في سياق الصراع مع الاحتلال الصهيوني .

البث المباشر