قبل خمسة أعوامٍ، اغتالت (إسرائيل) المهندس القسامي التونسي محمد الزواري، بمسقط رأسه في صفاقس التونسية.
التونسي الزواري كان من أول من نجحوا في تحقيق اختراق عسكري فريد من نوعه بصناعة طائرات مسيرة تحلق عالياً أطلق عليها اسم "طائرات الأبابيل" التي تصفها قوات الاحتلال بأنها أخطر ما تواجهه في المرحلة الحالية، بما يشكل حالة من الإرباك في الأوساط الصهيونية في كل المستويات.
مرّت خمسة أعوام على اغتيال المهندس التونسي والأستاذ الجامعي محمد الزواري، إذ اعترضت شاحنة صغيرة طريقه أثناء تشغيله سيارته أمام منزله بصفاقس، بينما بدأ شخصان آخران بإطلاق وابل من الرصاص في اتجاهه، ثمانية منها استقرّت في جسده، وثلاثة قاتلة في الصدر والرأس.
وكانت حركة حماس قد اتهمت جهاز المخابرات الصهيوني (الموساد) بالوقوف وراء عملية الاغتيال، مؤكدة أن الزواري عضو في ذراعها العسكري كتائب عز الدين القسام، وأحد المسؤولين عن تطوير برنامجها للطائرات المسيّرة عن بعد.
والشهيد محمد الزواري (ولد بصفاقس سنة 1967، واغتيل في 15 ديسمبر 2016 في نفس المدينة)، هو مهندس تونسي، وعضوٌ في كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أشرف على مشروع تطوير صناعة الطائرات دون طيار في وحدة التصنيع في كتائب القسام، والتي أطلق عليها اسم "أبابيل1".
رحلة المطاردة
وفي السنة الرابعة من الدراسة الجامعية تعرض الشهيد القسامي لغطرسة الأجهزة الأمنية، وتعرض خلال تلك الفترة للتضييق من نظام بن علي، فاعتقل عديد المرات بتهمة الانتماء لحركة النهضة.
كما تعرض الشهيد القسامي للمطاردة من أجهزة بن علي الأمنية، فاضطر في البداية إلى الاختفاء بأحد منازل صفاقس القديمة المسماة "برج" رفقة 40 من إخوانه المطاردين على ذات التهمة، وتمكن الشهيد القائد بمساعدة أحد رفاقه من الانتقال إلى ليبيا عام 1991م، حيث قضى بها 6 أشهر قبل أن ينتقل إلى سوريا، حيث قضى بها كذلك 6 أشهر، وتزوج من مواطنة سورية.
بعد ذلك طلب اللجوء السياسي لدى السودان، حيث أقام بها حوالي 6 سنوات، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية، حيث مكث بها شهراً واحداً قبل أن يعود إلى سوريا ليعمل مع شركة في الصيانة، ومع قيام الثورة التونسية عاد المطارد إلى أرضه، حيث أقام بها لفترة قاربت الـ 3 أشهر قبل أن يعود مجدداً إلى سوريا ليواصل عمله مع شركته.
عودة للوطن
ولكن مع اندلاع الأحداث في سوريا، قرر الشهيد الزواري العودة إلى بلاده ليستقر فيها رفقة زوجته، ليواصل أبحاثه على أرض وطنه، حيث قدم مشروع تخرجه في الهندسة بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس عام 2013 م، والمتمثل في اختراعه لطائرة بدون طيار.
بعدها عمل الشهيد القائد أستاذا جامعيا بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وأسس مع عدد من طلبته وبعض الطيارين المتقاعدين نادي الطيران النموذجي بالجنوب.
ظل الشهيد يعاود زياراته إلى تركيا عدة مرات، ليواصل العمل في مشروعاته مع الشركة التي كان يعمل بها بسوريا، والتي انتقلت إلى لبنان بعد اندلاع الأحداث بسوريا.
كانت آخر تنقلات الشهيد القسامي الزواري الخارجية إلى لبنان، وذلك منذ بداية نوفمبر، قبل أن يعود إلى بلاده خلال الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر، ليكون آخر لقاء بطلابه يوم السبت 10 ديسمبر 2016م.
مهندس قسامي
التحق الزواري في صفوف كتائب القسام عام 2006م، في سوريا، وبعدها أصبح الركن الأساسي لنجاح مشروع الطائرات بدون طيار في ذلك الوقت.
وتعود حكاية النموذج الأول لمشروع كتائب القسام للطائرات بدون طيار والتي كانت تُعرف باسم "الطائرة العراقية"، عندما أشرف الزواري على هذا المشروع مع أحد الضباط الكبار في الجيش العراقي والذي حصل على شهادة الدكتوراه بجامعة بغداد، ومشروع التخرج لديه انتاج طائرة بدون طيار، وتحمل اسم (SM) والحرف الأول نسبةً لاسم الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين، والحرف الثاني لاسم الضابط نفسه، وعمل الزواري ضمن فريق عمل هذا الضابط خدمةً للقضية الفلسطينية.
قاد الشهيد الزواري فريقا من مهندسي كتائب القسام في زيارة استكشافية لإيران، والتقى بفريق خبراء مختص بالطائرات بدون طيار، وأبدى استعداده لتدريب الفريق، وفي حينها تفاجأ الإيرانيون من خبرة الفريق القسامي، وأنه قادر على تصنيع الطائرة وإطلاقها.
ومما يسجل للزواري أنه أنجز مع فريق التصنيع نحو 30 طائرة بدون طيار قبل معركة الفرقان عام 2008 على قطاع غزة.
كان الشهيد يخدم القضية الفلسطينية ومقاومة القطاع وكتائب القسام، فكان لقطاع غزة شرف استضافته على أرضه ما بين 2012م، إلى العام 2013 م، ومكث قرابة 9 أشهر بغزة، واستكمل بناء وتطوير مشروع الطائرات بدون طيار.
ويعد الشهيد المهندس الطيار أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية، والتي كان لها دورها الذي شهدته الأمة، وأشاد به الأحرار في حرب العصف المأكول عام 2014م.