في المنطقة التي تفتقد الأمن، يصبح كل شيء مشاع، تواطؤ واضح بين سلطة تخدم أهداف الاحتلال، فتسمح لسياراته بالدخول لاقتحام ما تريد وكيفما تريد، في صورة تعكس المعنى الحقيقي للجبن والتخاذل، فن تمارسه السلطة أمام المحتل فيسقط شهيد جديد.
هذا ما حدث في نابلس وتحديدًا في رأس العين، عندما دخلت قوة خاصة لتعتقل الشاب أمير الحاج بعد الاعتداء عليه، ما دفع الشباب للمواجهة وحدوث اشتباك انتهى باستشهاد الشاب جميل الكيال مخلفًا وراءه طفلة بعمر العام.
رصاصة بالصدر لم تمهله كثيرًا فارتقى بعد وصوله إلى مستشفى رفيديا بدقائق، بينما أصيب رفيقان له في ذات الاشتباك.
قتل الاحتلال جميل البالغ من العمر 31 عامًا على الفور في المنطقة التي يفترض أن تكون تحت حماية السلطة، لكن الأخيرة تحولت لأداة لقمع المتظاهرين، ومراقبة اعتقالات الاحتلال بصمت فاضح.
اللواء إبراهيم رمضان محافظ نابلس قال في جنازة تشييع الشهيد: "اليوم ودعنا شهيد في نابلس، والجمعة شهيد في بيتا، وهذا الأمر أصبح أمرًا اعتياديًا، ولكن تصور لو قلب الموضوع وما حدث اليوم كان مع (إسرائيلي) هل سنرى العالم بهذا الصمت، فأين هي حقوق الإنسان التي يتغنى بها، لماذا تذهب دماؤنا هدرًا دون أي غضب؟"
ويضيف: "كل يوم هناك شهيد فلسطيني، في بيتا تسع شهداء حتى الآن خلال عام، من أجل الحقوق الفلسطينية، وهؤلاء الشباب هم فقط من يردعون العدوان الإسرائيلي بدمائهم."
وانتهت ليلة نابلس باعتقال الاحتلال لعشرات الشبان المنتمين لحركة حماس وعلى رأسهم الشيخ حسن يوسف مع مصادرة أموال خاصة من بيوتهم، فيما كانت السلطة منشغلة بتفريق تجمع لعائلة أسيرين تحتفلان بالإفراج عن أبنائهما!"
وفي صباح اليوم التالي للحادثة نقل جثمان جميل إلى حارة القيسارية في نابلس لإلقاء نظرة الوداع عليه، ثم دفنه في المقبرة الرئيسية الشرقية للمدينة.
غسان دغلس المختص بقضايا الاستيطان علق على مجمل الأوضاع التي سادت الضفة في الفترة الأخيرة قائلًا: "هذا هو الوجه الحقيقي للاستيطان (الإسرائيلي) ووجه "نفتالي بينت"، واليوم الشهيد جميل كيال، وجميل أبو عياش قبل أسبوع من بيتا، جميلان من فلسطين امتشقا السلاح للدفاع عن زملاء كان ينوي الاحتلال اعتقالهم."
ولفت إلى أن ما حدث يؤكد أنه لا مكان للاستيطان، وأن أجساد الشباب ستبقى تواجه الاحتلال ما استطاعت.
ويرى دغلس أن رد كيال كان طبيعيًا في وقت فشلت فيه المحافل والمنظمات الدولية في وقف العدوان على الشعب الفلسطيني وتغيير سلوك الاحتلال، مؤكدًا أن الطريقة الوحيدة هي تصعيد المقاومة الشعبية لتغيير الواقع.