ارتفعت جرائم القتل في الداخل المحتل خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، فهذا العام، الذي شارف على الانتهاء، سجلت المدن 120 حالة قتل، والسيناريو في كل الحالات ذاته كما ترصد كاميرات المراقبة وتنشر الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي.
المشهد في كل مرة هو كالتالي: تترجل مجموعة شباب مسلحين من سيارتهم.. يطلقون الرصاص على الضحية، ثم يغادرون بهدوء دون أدنى خوف.
عدم ملاحقة القتلة في الداخل المحتل وفشل الجهات الأمنية في الحد من تلك الظاهرة التي استشرت في الآونة الأخيرة ساهم في ارتفاع معدلات الجريمة، كون الجاني بات يدرك جيدًا أنه لن يعاقب.
تزايد حالات القتل في الداخل المحتل، تدلل على أنها لا تحارب بالشكل المطلوب، وذلك لعدة أسباب منها أن القيادة (الإسرائيلية) معنية بإشغال الفلسطينيين في صراعاتهم الداخلية.
يقول عماد أبو عواد، رئيس مركز القدس للدراسات والبحوث الإسرائيلية، إن أسباب ارتفاع حالات القتل في الداخل المحتل عدم وجود سلطة قانون تمنع الجريمة، بالإضافة إلى أن الشرطة تترك هذه العملية مفتوحة لاستمرار الجرائم.
وذكر أبو عواد لـ "الرسالة" أن هناك سبباً آخر مرتبطاً بالشباك الإسرائيلي الذي يرى بضرورة استمرار الاقتتال الداخلي في أراض الـ 48 لعدة أهداف منها دفع الفلسطينيين لترك الداخل المحتل، وكذلك لإلهائه عن القضايا الوطنية والقومية وإبعاده عنها، عدا عن إبقاء قضايا القتل مفتوحة لتكون الهدف الأكبر لأعضاء الكنيست العرب.
وتطرق إلى أن الاحتلال يتعامل مع حالات القتل بنوع من اللامبالاة، أي أنه لا يغلق تلك الملفات حتى النهاية، موضحًا أن العملية تتم ببدء التحقيق ثم إغلاق الملف بحجة عدم وجود تهمة أو مشتبهين وبالتالي تشهد أراضي الـ 48 مزيدًا من حالات القتل.
وخلال البحث في "القتل في الداخل المحتل" تبين أن عائلات الإجرام معروفة هناك، وتتمثل بقرابة 6 عائلات معلومة الخلافات، كما يعلم المواطن مكان وقوع الجريمة التالية، والمستهدف التالي، ومن الذي ستطلق عليه النار، مما يؤكد أن الشرطة تغيّب نفسها عن الموضوع عمدًا.
كما أن هناك مخاوف من استمرار هذه القضية، وهي أن يتم الانتقال من مرحلة القتل الفردي إلى جماعات مسلحة تقتتل مع بعضها وتحقق مبتغى الاحتلال في ذلك.
وفيما يتعلق بنسبة القتل بين العرب مقارنة مع (الإسرائيليين) الذين يسكنون المجتمع ذاته، أكد أبو عواد أنها كبيرة جدًا مقارنة بعددهم، موضحًا أن نسبة القتل في الوسط العربي 50% رغم أنهم يشكلون 20% من عدد السكان في الداخل المحتل، بمعنى لو كانت هناك 4 حالات قتل الأصل أن تكون حالة واحدة للعرب وثلاثة لليهود.
وعن مدى خطورة تزايد جرائم القتل، لفت أبو عواد إلى أنها تكمن في ابتعاد الفلسطيني عن همومه الوطنية وهويته، والبحث عن الانتقام.
أما عن دور الأحزاب العربية، أشار إلى أنها لا تزال تعاني من ظاهرة القتل، وتظن أنها تواجهها لكنها فشلت، مبينًا أن هذه الظاهرة ستستمر، خاصة وأن الأحزاب العربية التي من المفترض أن تعمل على الحد منها لا دور لها، بل ساهمت في ارتفاع نسبتها وليس العكس.