تصاعد جنوني لانتهاك الحريات العامة والقمع والتسلط، مارسته الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على المواطنين والنشطاء وحتى الأسرى المحررين منذ بداية العام، دون مراعاة واحترام لأدنى المعايير الأخلاقية والوطنية.
ومع بداية العام، شددت السلطة من قبضتها الأمنية الحديدة في الشارع الفلسطيني، تزامناً مع تصاعد اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمناطق الضفة، دون أن تحرك الأولى أي ساكن، بل ذهبت لأبعد من ذلك من خلال سياسة الباب الدوار في اعتقال المقاومين والمطاردين.
وتواصل أجهزة أمن السلطة بالضفة المحتلة حملتها الأمنية المسعورة بحق نشطاء وطلبة الجامعات، والتي طالت عدداً من المواطنين أغلبهم أسرى محررين، إلى جانب ملاحقتها وقمعها لأنصار حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وتضمنت الاعتداءات منع رفع رايات الفصائل في مواكب استقبال الأسرى المحررين والمناسبات الوطنية وملاحقة النشطاء على خلفية انتمائهم السياسي.
ولعل الحدث الأبرز الذي شهده هذا العام، اغتيال أجهزة السلطة للناشط السياسي نزار بنات خلال شهر يونيو الماضي، في جريمة بشعة، دفعت بالشارع الفلسطيني إلى الغليان والخروج بمسيرات حاشدة للمطالبة برحيل السلطة وإنهاء حكم العسكر.
وخلال تلك الاحتجاجات مارست السلطة انتهاكات جسيمة وقمعت واعتقلت المئات من المواطنين من بينهم قامات علمية وأدبية ورموز وطنية عليا، وأسرى محررون، دون أي اعتبار لقيمة ومكانة هؤلاء الأشخاص.
وحاولت السلطة التعتيم والتغطية على انتهاكاتها من خلال استخدام القضاء الفلسطيني الذي بات أداة في يد قيادة السلطة، تحاول من خلاله تلفيق التهم الكاذبة وتبرير الاعتقال السياسي تحت ذرائع قانونية، بالإضافة للتضييق على النشطاء بإطالة أمد التقاضي.
وتنوعت انتهاكات أجهزة السلطة ما بين الاعتقال السياسي وقمع الحريات ومداهمة المنازل والقرى والبلدات ومصادرة الممتلكات وإطلاق النار على المواطنين والنشطاء، وليس انتهاءً بالاغتيال السياسي والتنسيق الأمني مع جيش الاحتلال.
عام سيء
ويعتبر النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة العام الحالي سيئاً جداً للفلسطينيين بشكل عام من حيث أداء السلطة، وانتهاك الحريات العامة، والتغول عليها، والاعتقال السياسي.
ويوضح خريشة في حديثه لـ "الرسالة" إن هذه الانتهاكات تستوجب من السلطة دراسة هذه الحالة المزرية وعمل مراجعة شاملة لهذا الأداء والانتهاكات التي تمارس بحق المواطنين؛ من أجل إنهاء حالة التفرد والإقصاء.
ويبين أن سبب هذه الممارسات هو غياب الأجسام الشرعية لمؤسسات السلطة وتغييب المجلس التشريعي وغيره؛ لذلك من الضروري العمل على ترتيب البيت الفلسطيني والذهاب لإجراء انتخابات عامة.
غير مشهود
وبدوره يؤكد خليل عساف رئيس تجمع الشخصيات المستقلة، ونائب رئيس لجنة الحريات بالضفة، وجود حالة غير مشهودة من قبل، للاعتقال والإقصاء السياسي، تشهدها الضفة مؤخراً بفعل ممارسات الأجهزة الأمنية.
ويقول عساف في حديث لـ "الرسالة" إن تصاعد الاعتقال والاعتداء السياسي هي حالة مؤلمة وغير مقبولة من الاحتلال، فكيف يمكن قبولها من فلسطيني يمارسها على آخر، مردفاً: "للأسف أصبح الإنسان غير كريم وغير عزيز في وطنه، وهي متغيرات لها انعكاسات سلبية على المستقبل.
واعتبر أن ما يجري لخدمة الاحتلال ويمس بالقضية الفلسطينية وتثبيت لبرامج الاحتلال ووجوده على الأرض الفلسطينية.
وشدد على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني لأن بقاءه يمس بالأجيال القادمة في ظل تغول الاحتلال الإسرائيلي ووجود تطهير عرقي في القدس والاغوار وغيرها من المناطق الفلسطينية.
وأكد أن العام الحالي كان سيئا على الفلسطينيين بشكل عام من حيث أداء السلطة وقضية الحريات العامة والتغول عليها والاعتقال السياسي.