نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي اليوم الخميس، تقريراً خاصاً حول الوضع الحالي لحركة "حماس" ومدى خطورتها بعد أشهر من العدوان الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة شهر مايو/أيار الماضي خلال معركة "سيف القدس".
وجاء في التقرير الذي نشر ضمن سلسلة التقارير الاستخبارية "نظرة عليا" وترجمته وكالة "صفا" أن "وضع حماس الاستراتيجي وبعد نصف عام من معركة "حارس الأسوار" -التي يطلق عليها فلسطينياً سيف القدس- أفضل من الوضع قبلها، فقد بات التنظيم أكثر خطورة ويمارس استراتيجية تعاظم القوة في قطاع غزة، وتشكيل بنية تحتية عسكرية في الضفة وجنوبي لبنان وتوجيه العمليات لإسرائيل".
وبين التقرير أن مقولة قادة الاحتلال خلال وبعد المعركة الأخيرة "ما كان قبل الحرب لن يكون كما بعدها" صحيح ولكن خلافاً لما أراده الاحتلال فقد ازدادت قوة حماس بعد تلك المعركة وليس العكس، كما أن أياً من أهداف المعركة لم تتحقق ومن بينها ربط التسوية في القطاع باستعادة الأسرى الإسرائيليين بالإضافة إلى وقف تعاظم قوة حماس.
وأضاف التقرير أن حركة حماس ضاعفت من جهود بناء قوتها العسكرية بعد العدوان عبر تعويض الفاقد من الصواريخ وترميم البنية التحتية العسكرية وتطوير وسائل عسكرية من صواريخ دقيقة وثقيلة وغيرها مثل الطائرات المسيرة وتعزيز قوة وحدة الكوماندوز البحري.
وتحدث التقرير عن أن الحركة احتفلت بذكرى انطلاقتها الرابعة والثلاثين قبل أيام وسمع على لسان قادتها في القطاع تهديدات واضحة بالتصعيد نهاية الشهر الحالي إذا لم يحصل تقدم جوهري في تخفيف الحصار عن القطاع، وبموازاة ذلك بدأت الحركة برفع رأسها في الضفة الغربية وتقوم بتحدي السلطة الفلسطينية عبر مسيرات وتظاهرات بعضها مسلح، بالإضافة للنشاط اللافت لنشطاء الحركة في جامعات الضفة ومنها النجاح وبيرزيت.
وعرج التقرير على قرار حماس بقصف القدس بداية المعركة السابقة، لافتاً إلى أن الحركة أرادت إرسال رسالة بأنها حامية القدس والمقدسات أمام الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وأمام مسلمي العالم وإظهار ضعف السلطة في هذا السياق، وركزت حماس على إطلاق الصواريخ بكثافة لتحقيق غايتها، أما الجيش فقد ركز على تعظيم الإنجازات العملياتية والاستخبارية – وفقاً للتقرير.
كما تحدث التقرير عن تغيير "حماس لاستراتيجيتها بعد معركة "سيف القدس" عبر توسيع نشاطات الحركة في الضفة الغربية والقدس وايقاظ الخلايا النائمة عبر الرجل الثاني في الحركة صالح العاروري".
وحول المقولة الإسرائيلية التي أصر عليها وزير الجيش "بيني غانتس" خلال عدوان أيار بأن ما كان لن يكون في القطاع، بين معد التقرير أنه تم تطبيق تلك المقولة ولكن بالشكل العكسي حيث حصل القطاع بعد الحرب على تسهيلات غير مسبوقة من إدخال المواد ثنائية الاستخدام والسماح لآلاف العمال بالعمل في الكيان وإدخال البضائع من الكيان ومصر.
وجاء في خلاصة التقرير أنه يتوجب على قيادة الكيان أخذ تهديدات حماس على محمل الجد لأنها تعبر عن رؤيتها الاستراتيجية بابتزاز "إسرائيل"، لافتاً إلى أن أي تنازل أمام حماس هو تعزيز لقوتها أمام السلطة الأمر الذي يمس بقوتها في الضفة ما يرفع من وتيرة التوتر بين سكان الضفة والجيش وهو توتر قد يصل إلى مواجهات عارمة.
وقال معد التقرير في خلاصته إن ثمن الهدوء الذي يحصل عليه الاحتلال منذ انتهاء معركة سيف القدس أعلى بكثير من ثمن الحرب من الناحية الاستراتيجية.
وقال: "نجحت إسرائيل فعلياً في استعادة الهدوء الأمني في قطاع غزة بعد عدوان مايو، إلا أن ثمن الهدوء أعلى بكثير من الثمن الذي قد تستطيع إسرائيل دفعه من الناحية الاستراتيجية، نتحدث عن منظمة إرهابية طورت وسائل عسكرية مقلقة وتعمل على تعزيز قدراتها العسكرية في الضفة وجنوبي لبنان، إلى جانب جهود سياسة موجهة لمواطني الدولة العرب وتعزيز تعاونها مع إيران، وتحولت حماس إلى عدو أخطر".
ودعا معد التقرير في توصياته إلى دراسة الخطوات الإسرائيلية تجاه حماس من جديد واعتبار أي عملية يتم تنفيذها في الضفة الغربية أو انطلاقاً من جنوبي لبنان كنشاط "إرهابي" قامت به حماس غزة وأن المسئولية على قيادة حماس في القطاع.
وأضاف " على إسرائيل أن تأخذ زمام المبادرة في الوقت المريح لها وليس في الوقت الذي تفرضه حماس، لتوجيه ضربة مميتة لبنية حماس العسكرية على أية جبهة تعمل بها حتى لو كان الثمن ضرب جهود التوصل إلى تسوية في القطاع، والامتناع عن هكذا خطوة هو أخطر بكثير من ثمن التسوية الواجب دفعه".