قائمة الموقع

مقال: أهمية الضفة في حسم الصراع

2021-12-27T06:36:00+02:00
سليمان سعد أبو ستة
سليمان سعد أبو ستة


يسعى المستوطنون في الضفة المحتلة لإشعال الصراع مجدداً، من خلال عدوانهم على القرى الفلسطينية، حيث يُجرّفون الأراضي الزراعية، ويدمرون الممتلكات، ويحرقون البيوت، ويعتدون بالضرب على المواطنين، ما دفع الفلسطينيين للتصدي لهذه الاعتداءات، وهو ما يدفع للاعتقاد بأن موجة من الفعل الفلسطيني المقاوم قادمة قريباً، وهي تختلف عن الموجات السابقة منذ انتهاء انتفاضة الأقصى بأنها جماهيرية، تشارك فيها مختلف الفئات، بينما كانت الموجات السابقة نخبوية تشارك فيها فئات محدودة من الشباب الثائر ذوي الدوافع البطولية العظيمة.
أهمية هذه الحالة في حال استمرارها أنها ستمنح الفعل المقاوم غطاءً شعبيا يُمكّنه من التراكم، وتأسيس البنى التحتية التي تمنحه القدرة على الصمود، والتطور، لينجح في تجاوز منظومة التعاون الأمني الذي تديرها السلطة في الضفة، وتحاصر أي فعل مقاوم، وهو ما جعل كثير من العمليات غير مؤلمة للعدو، بل مكّنه من اعتقال أي مقاوم أو اغتياله بسرعة كبيرة، وخلال أيام محدودة من تنفيذه لأية عملية بطولية.
ولا تأتي أهمية الضفة فقط من قدرتها على إيلام العدو، وتدفيعه ثمنا باهظا لاحتلاله الأرض الفلسطينية، في السياق الطبيعي لأي فعل مقاوم، وإنما تتضاعف أهميتها من موقعها وتضاريسها الجغرافية، حيث تمتلك الضفة مميزات جيوستراتيجية تجعلها قادرة على إيلام العدو بشكل كبير جداً.
وأهم هذه المزايا: قرب التجمعات السكانية الفلسطينية من المستوطنات الصهيونية، ما يجعل أي فعل مقاوم قادر على إيلام العدو، فالضفة ليست بحاجة لأسلحة متقدمة لمقاومة الاحتلال، أي بندقية قنص قادرة على إيلام العدو، وأي نوع من المقذوفات قصيرة الأمد قادرة على الوصل لعمق العدو، وأي مواطن يشعل حريقاً قادر على تدفيع المستوطنات ثمنا كبيراً.
ولا تقتصر هذه المزية على قرب المستوطنات من المدن والبلدات الفلسطينية، بل إن التجمع الصهيوني الأكبر في غوش دان قريب جدا من الضفة، حيث تصل المسافة بين غرب الضفة والبحر المتوسط في بعض النقاط إلى حوالي 15 كم، وهذه المسافة يتركز فيها غالبية الصهاينة، وإذا كان قصف تل أبيب من غزة يحتاج إلى صاروخ قادر على قطع مسافة تصل حوالي 80 كم، فإنه من بعض مناطق الضفة يحتاج إلى 16 كم فقط.
ولا يعني هذا أنني أتصور أن الضفة ستكون قادرة غدا على صناعة الصواريخ، ولكني أنبه إلى مستوى الأهمية، وعظم الإمكانات المتاح لذلك المكان المهم.
كما تنبع أهمية الضفة من كونها تمتد على مسافة كبيرة نسبيا من فلسطين المحتلة، حيث يصل طولها حوالي 130 كم، وعرضها في بعض المناطق أكثر من 50 كم، وهذا يجعلها قادرة على إرباك الكيان على امتداد هذه المسافة، ويجعلها قادرة على قطع خطوط مواصلاته، فالمسافة بين شمال الضفة وحدود فلسطين الشمالية تصل إلى 60 كم فقط، وبين جنوب الضفة ومدينة بئر السبع 17كم، وبينها وبين قطاع غزة حوالي 30 كم، كما أنها تحيط بالقدس المحتلة - التي يحاول العدو ترسيخها كعاصمة له - من ثلاثة اتجاهات، كل ذلك يجعل تحولها إلى بيئة مقاومة أمراً قاضيا على مستقبل الكيان الصهيوني.
تزداد أهمية ما سبق إذا تخيلنا القدرة الكبيرة التي تمتلكها الجبال في الضفة كبيئة مقاومة، فجبال الضفة تشرف على فلسطين المحتلة، ومن يسيطر عليها يستطيع إيلام العدو بقوة، فجبل العرمة جنوب نابلس - على سبيل المثال- والذي دارت فيه ملحمة شعبية استطاع خلالها الشبان الفلسطينيون الانتصار، وطرد المستوطنين الصهاينة، يبلغ ارتفاعه 830 م، وهذا ما سيمنح المقاومين الفلسطينيين قدرة كبيرة في مواجهة المحتل.
يزيد من أهمية ما سبق أن عدد المواطنين الفلسطينيين في الضفة يصل حسب جهاز الإحصاء الفلسطيني إلى 3.1 مليون نسمة، 28.6% منهم تبلغ أعمارهم من 15-29 سنة، أي أن الضفة فيها حوالي نصف مليون شاب من الذكور فقط ضمن هذه الفئة، وهو ما يوحي بمدى حجم المقاومة التي يمكن أن تتصدى للاحتلال في حال نجاح الضفة في التخلص من عار التعاون الأمني، والاشتراك الفعال في مشروع المقاومة، القادر على طرد العدو، وإزالة الكيان.
من خلاصة ما سبق لنا أن نتخيل حجم الفعل المقاوم في الضفة حال انتفاضها أمام هذا العدو، لا شك أنه سيتجاوز ما صنعته غزة أضعافاً مضاعفاً، ليصبح بقاء هذا الكيان المحتل مستحيلاً، ففيه من نقاط الضعف الجغرافية والبشرية، ما يتجاوز بكثير نقاط قوته العسكرية والتكنولوجية.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00