قائد الطوفان قائد الطوفان

(إسرائيل) أمام سيناريو اشتعال الضفة.. هل ينجح غضب المقهورين؟

غزة- رشا فرحات

أصيب بالأمس نحو 300 فلسطيني خلال مواجهات اندلعت في الضفة الغربية وتمركزت في نابلس وتحديداً في قرية برقة.

وقد بدأت المواجهات منذ أسبوع، ووصلت ذروتها بالأمس بعد ما توزع نحو 666 ألف مستوطن (إسرائيلي) في 145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من حكومة الاحتلال) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفق بيانات لحركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية.

وتتوقع الأوساط (الإسرائيلية) بأن هذه الأحداث ربما تكون بداية انتفاضة جيل الشباب الغاضب ضد الطرفين سواء كانت (إسرائيل) أو السلطة الراعية لسياسة التنسيق الأمني في ظل تدهور الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية.

ويقول الدكتور عدنان أبو عامر إن المحافل الإسرائيلية تعتقد أن ما تصفه بـ"ظاهرة الفساد" في السلطة الفلسطينية أدت لتآكل كبير في مكانتها في بين الفلسطينيين، وأظهر استطلاع للرأي العام أن 63٪ منهم يعتقدون أن مستوى الفساد في مؤسسات السلطة لا يزال مرتفعًا.

ويضيف أبو عامر في مقال له: "السلطة الفلسطينية تسعى بالتنسيق مع (إسرائيل) لوقف جهود المقاومة، بالتزامن مع إعلان الشاباك عن إحباط البنية التحتية لـ60 من نشطاء حماس العاملين في الضفة الغربية، خططوا لتنفيذ عمليات فدائية كبيرة.

مشاعر الخذلان

فتحي بوزيه المحلل السياسي في القدس قرأ المشهد في مقابلة هاتفية مع الرسالة قائلاً: "الحياة التي نعيشها أصبحت الآن ببساطة: "دولة المستوطنين" وهي التي تسيطر على الأراضي الفلسطينية بقيادة الحكومة اليمينية المتغطرسة التي فتحت الباب لهم ليعيثوا في الأرض فساداً دون كابح وهذا ما أدى إلى تفجر الأوضاع في الضفة".

ومن ناحية ثانية وفق بوزيه فإن الضفاويين بدأوا يشاهدون غليان وغضب الشبان وأغلبهم من حركة فتح ممن يشعرون بالخذلان ويستشيطون غضباً مما يفعله المستوطنون من تدنيس للمقدسات وشن الهجمات على المواطنين في ظل صمت السلطة.

ويذكّر بما حدث في بداية الانتفاضة الأولى، وبأن الشباب الفلسطيني هم من كانوا يسيطرون على الشارع، ويتحكمون بالوقت الذي يخرج فيه المستوطنون، فلم يكن يجرؤ أي مستوطن على فعل ما يفعله اليوم.

وحول توقعاته لمصير الأحداث يقول: "هناك خيبة أمل كبيرة في الشارع الفلسطيني وبالأمس كان الشاب يقود الشارع الفلسطيني في الضفة، وينفق على أدوات المقاومة من جيبه الخاص وبإمكانياته البسيطة في ظل عدم وجود وزارات ولا رتب أو مال، أما الآن فأصبحت هناك خيبة أمل لأن القيادات السياسية التي المفترض أن تحرك الشارع "شبه ميتة".

ويتوقع بوزيه ألا تستمر هذه الهبات كثيراً وبأن السلطة ستسيطر عليها لأننا حسب تعبيره "نعيش في زمن الردة" ويمكن أن تؤثر قيادة السلطة على غضب هؤلاء الشبان.

 ولكنه في نفس الوقت يرى أن ذلك لن يحدث ببساطة لأن الهجمة من المستوطنين هذه المرة كانت كبيرة وبالتالي ردة فعل الشارع كانت واسعة.

استغلال الوضع

أما المحلل السياسي والكاتب تيسير محيسن لفت في اتصال هاتفي "للرسالة" إلى أن ما يحدث الآن يمكن أن تستغله السلطة ليخدم ضائقتها المالية ولكنها لم تفعل مسبقاً ولا يتوقع أن تفعل، لأن مهمتها الأولى هي استقرار الأمن لصالح (إسرائيل).

ويصف محيسن الحال بأن هناك هجمة لقطعان المستوطنين للتغول على حقوق الشعب الفلسطيني وهي ليست الجزئية الوحيدة في المشهد الضفاوي، فهناك سلسلة من المشاهد التي بدأت منذ شهور طويلة وتتفاعل وتتصاعد تباعاً، وتتخللها عمليات للمقاومة الفلسطينية وتجاوزات كبيرة من أجهزة أمن السلطة.

وأشار إلى أن الأحداث تداخلت وأنتجت حالة من الغليان، ثم جاءت اقتحامات المستوطنين السافرة لتفجر الأوضاع أكثر وتحشر السلطة في زاوية لا تحسد عليها.

ويؤكد محيسن أنه إذا استمرت السلطة في سياستها ضد النشطاء والشبان لمواقفهم السياسية فستكون دوماً في خانة الاتهام وتزداد عملية الاحتقان والغضب الشعبي ضدها، في المقابل ففي حال انخرطت حتى لو بالتصريحات، فسوف تصطدم باستحقاقات مطلوبة منها لصالح الاحتلال وهي الحفاظ على أمنه.

ويلفت محيسن إلى أن السلطة وقيادة فتح ترغب في أن تتساوق مع الحالة بدون أن تقحم نفسها كليا في معمعة التصدي للاحتلال، كما أنها لا تريد ترك الفصائل لتوظف الحالة الأمنية وحالة الاشتباك الشعبي لتخفف من قيود الملاحقة لأبنائها، مبينا أن ما يحدث فرصة للمقاومة لخلط الأوراق لتنفك من قمع السلطة.

البث المباشر