قائمة الموقع

مقال: يوم أن سقط العدو أمام كتائب القسام وأذرع المقاومة

2021-12-27T11:33:00+02:00
خالد النجار.jpeg
د. خالد النجار

في السابع والعشرين من عام 2008 أقدم العدو الصهيوني على تنفيذ قرار يتم بموجبه إنهاء حكم حركة حماس في قطاع غزة، وإسقاطها من شجرة القضية الفلسطينية، فتجهز الجيش لخوض معركة طويلة وحاسمة، حين اتخذ المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" برئاسة " ايهود أولمرت" قرار البدء الفوري في تطبيق خطة القرار المدعوم دوليًا وعربيًا، والذي جاء بعد سنتين ونصف من تشكيل أول حكومة فلسطينية ناتجة عن عملية ديمقراطية مارسها الفلسطينيون في الخامس والعشرين من يناير عام 2006م.

الحرب الصهيونية على غزة أطلق عليها الاحتلال "عامود السحاب" وأكدت التفسيرات لهذا المسمى المقتبس من توراتهم بمعنى "حماية الله لبني إسرائيل وحراستهم وهدايتهم إلى طريق الصواب" على حد زعمهم، فيما أطلقت المقاومة الفلسطينية المسلحة وفي مقدمتها كتائب الشهيد عز الدين القسام على هذه المواجهة "معركة الفرقان" لتكون البداية في تثبيت الحق الفلسطيني واستعادة القضية الفلسطينية إلى مكانتها الدولية والعربية، بعد أن فقدت جزءًا كبيرًا من عواملها وفواعلها نتيجة المفاوضات العبثية التي فشلت بإدارتها منظمة التحرير أمام الاحتلال الصهيوني، وبعد أن حصلت دولة الاحتلال على مكتسباتها من اتفاق أوسلو، وثبتت قواعدها الأمنية تحت إطار التنسيق الأمني، والتحول الاستراتيجي في العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، العلاقة المبنية على أسس أمنية وقواعد تحقق للاحتلال الأمن الشامل، وألا يكون في الضفة أي مظهر من مظاهر التسلح الذي يستهدف جنود ومستوطني الاحتلال.

وبعيدًا عن إمكانية المقاومة لتقدير موقف أمني دقيق حول إمكانية الجيش الصهيوني في توجيه ضربة كبيرة لقطاع غزة، وحول المتغيرات التي ظهرت قبيل الهجوم الإسرائيلي على القطاع، والتي كانت أحد سيناريوهات تهيئة مسرح العمليات لبيئة آمنة ومستقرة، دون الوصول لأدنى شك أن هناك معركةً أمنية تدور رحاها في الخفاء، وأن هناك زيارات سرية وسريعة متبادلة بين المستوى السياسي والأمني الصهيوني وبين عواصم دولية، لتثبيت قرار الحرب وتحمُّل تداعياته دوليًا وعربيًا، باتت غزة بمقاومتها آمنة في سربها، تحرسها رعاية الله بعظمته وقدرته.

نُفّذت الغارات الجوية بينما كان المئات من أفراد وضباط قوى الأمن الفلسطيني يواصلون عملهم في مواقعهم الأمنية، ومقرات الحكومة التي تعرضت لاستهداف مباشر، وهو ما يعتبره الاحتلال نقطة البدء والتحول في مسار تحقيق الهدف الصهيوني لاستعادة غزة وتسليمها من جديد لقيادة فلسطينية رفضت المشاركة السياسية، وتنازلت عن حق العودة، وعن الكثير من الحقوق الوطنية، بل وكممت أفواهها أمام المجازر الصهيونية في غزة، والتي ارتقى خلالها المئات من الشهداء، وآلاف الجرحى، والدمار الواسع الذي تعرض له القطاع نتيجة الضربات التي استمرت (21) يومًا.

فشل الاحتلال، وخُيّبت آماله، واهتزت صورته، وضُربت معنويات جيشه المأزوم، واضمحلت قوته، وتفشت أخطاؤه في تقدير الموقف الأمني والعملياتي أمام المقاومة، وبات من المؤكد لديه أنه فقد توازنه، وتراجعت خطوطه على الأرض، وصولاً لكيل الاتهامات بالفشل لقادة الجيش ولأعضاء الكابينت الذين اتخذوا قرار الحرب ووضعوا أهدافهم أمام مرأى ومسمع العالم. طُويت الحرب بين عشية وضحاها، وانسحب الجيش بقرار أحادي الجانب، وسقطت هيبته، ونُسفت نظرياته الأمنية، وتصدع بنيانه أمام ضربات المقاومة، وأمام صمود أبناء شعبنا، ورباطة جأشه في الاستبسال أمام نيران البنادق وتحت حمم الطائرات، رغم ما تعرض له من خسائر بشرية ومادية، لكنه الإيثار الذي ينم عن صحة العقيدة، والتوكل على الله، والإيمان بأن النصر مع الصبر.

انتهت الحرب، وسقطت حكومة الاحتلال، واندحر العدو، وبقيت المقاومة وكتائب القسام ترسم خارطة جديدة للوطن، تحت توجيهات القيادة العسكرية والسياسية، وبعد أن وجهت بوصلتها إلى مراحل متقدمة في الإعداد والتطوير لكافة التخصصات العسكرية، وباتت الأقرب لحسم المواجهات، في ظل التحديات الدولية والإقليمية، وفي سياق إدارتها لجزء من الحكم، وقد نجحت في استراتيجية البناء والمقاومة، وتحقيق أهدافها بدقة عالية، وفرض معادلاتها على الأرض، وتعزيز قدرتها القتالية، وتستعين بقول الله تعالى: { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}.

اخبار ذات صلة